ارتفاع سعر الذهب غيّر مفاهيم شراء السعوديين للمجوهرات

شهد أسوأ أداء له منذ 10 سنوات في 2011 وتوقعات بتراجع الأسعار في العام الجديد

شكل عام 2011 تحديا أمام سوق الذهب في السعودية نتيجة المشكلات التي تمر بها أسواق المعدن الثمين دوليا («الشرق الأوسط»)
TT

في صورة تعكس حقيقة الأزمات التي يشهدها الاقتصاد العالمي خلال عام 2011، والذي يوشك على الانصرام، ألقت الأزمة بثقلها على أهم الأسواق القيادية، التي تزعزع فيها مؤشر الأسعار بشكل غير مسبوق، وهو سوق الذهب الذي يشهد تقلبات في الأسعار، وموجة عزوف عن الشراء الفردي، في الوقت الذي أكد فيه مستثمرون ومهتمون في هذا القطاع في السعودية، بأن الأوضاع الحالية في السوق، تعد الأسوأ إذا ما قورنت الأوضاع بالـ10 سنوات الماضية.

وتعددت أسباب هذا العزوف التي اتحدت لدفع السوق إلى المزيد من الارتفاع، على الرغم من تصنيف معظمها بأنها عالمية، مثل أزمة منطقه اليورو، وتذبذبات سعر صرف الدولار الأميركي، إضافة إلى الحروب والأزمات، وباعتبار الذهب الملاذ الآمن والعملة الصعبة، فإن كبار المستثمرين على مستوى العالم اتجهوا إلى الشراء بكميات كبيرة، مما تسبب في رفع سعره بشكل إضافي، الأمر الذي انعكس على المبيعات الشخصية التي انخفضت لأكثر من 40 في المائة، بحسب شهادة المهتمين في هذا القطاع الحساس.

وقال سعيد باكرمان المستثمر في قطاع الذهب، بأن العام 2011 يعد من أسوأ الأعوام التي شهدها الاستثمار القطاعي لسوق الذهب، التي تضررت المبيعات فيها بشكل كبير نتيجة التقلبات، التي انحازت جميعها إلى تصعيد الأسعار، بشكل حال دون مقدرة المستهلكين على الشراء والاقتناء، واستبدلوها ببيع الكميات البسيطة المدخرة التي كانت بحوزتهم للاستفادة من هذا الارتفاع.

وتغيرت مفاهيم الشراء لدى السعوديين، فبعد أن كانت الأطقم ذات الأحجام الكبيرة وذات الثقل الواضح، تطغى على طلبهم عند الشراء، استبدلوها بالأطقم الصغيرة المعروفة باسم «الناعمة» التي تعطي شكلا بأنها ذات ثقل، إلا أنها مفرغه من الداخل، أو تحتوي على الفتحات الصغيرة، التي يفرق غرام الذهب فيها، عند دفع مبلغ الشراء، ناهيك عن العزوف الذي طال الأطقم التي تحتوي على الفصوص الثمينة، لأنها ببساطه تسقط أسعارها عند إعادة بيعها.

يشار إلى أن السعودية تحتل المركز الرابع على مستوى العالم في استهلاك الذهب، والأولى على المستوى العربي، كما أن استقرارها أمنيا واقتصاديا ساهم وبشكل قوي في تزعم العالم، في مجال صناعة الذهب.

من جانبه أشار عبد العزيز الدوسري صاحب محل ذهب، إلى أن مشكله سوق الذهب أنها من الأسواق العالمية، التي تفرض فيها الأسعار موحدة على جميع الدول، بغض النظر عن الظروف الخاصة لكل دولة، مما يتسبب في فجوة كبيرة بين كل دولة وأخرى، موضحا أن هناك ظروفا خارجية تسببت واتحدت في السير بمؤشر الأسعار، نحو المزيد من الارتفاعات مثل المشكلات الاقتصادية التي تواجه منطقه اليورو، وتعافي الاقتصاد الأميركي مقترنا بسعر صرف الدولار والعملات المرتبطة به.

ويضيف الدوسري أن السوق تشهد عمليه عكسية، بين ارتفاع سعر أونصة الذهب وبين الإقبال عليه، فكلما ارتفعت الأسعار كلما قل الإقبال، موضحا بأن الإقبال على شراء الذهب بشكل فردي قد انخفض لأكثر من 40 في المائة، على حساب قوه شراء المستثمرين الكبار، الذي أضروا بالمستهلكين الصغار، عبر رفع الطلب على الذهب، مبينا أنه وعلى الرغم من مرور العديد من المناسبات الهامة مثل الأعياد والإجازات التي تكثر فيها الزيجات، فإنها لم تشفع لهم في تحقيق المزيد من الإيرادات.

يشار إلى أن الدلائل تبشر إلى أن الانخفاض سيكون هو المتوقع لسوق الذهب المستقبلية، حيث رجح خبراء ومهتمون، أن سعر الأونصة سينخفض من قرابة 1700 ريال (453 دولارا)، إلى 1500 ريال (400 دولار)، وأبان مهتمون آخرون أن السوق ستشهد مفاجآت أخرى من هذا النوع خلال الفترة المقبلة.

وفي صلب الموضوع فند راجح العقلة المستثمر في قطاع الذهب، الادعاءات التي تقول بأن أصحاب محلات الذهب يجنون الخسائر جراء ارتفاع سعر الأونصة، مبينا أن من مصلحتهم أن تنخفض الأسعار بشكل عام، حتى ترتفع وتيرة الشراء لأكثر مما هي عليه، لافتا إلى أن التجار المتعاملين مع مصانع الذهب، لم يتأثروا من هذه الموجات المتقلبة، فتجارتهم تتلخص في حساب التكلفة واستخراج الفوائد، بالاتفاق الواضح مع المصانع.

وأضاف «بعكس المضاربين الذين تضرروا، ولا يزالون يتضررون بشكل يومي من هذه التقلبات، وأن بعضهم جنى خسائر كبيرة والبعض الآخر لم يستطع الاستمرار في السوق، بل أعلنوا إفلاسهم، متوقعا أن تشهد السوق استقرارا خلال عام 2012، تعود فيها الأوضاع إلى ما كانت عليه، خصوصا أن الأسعار قد وصلت إلى حد مبالغ فيه، وليس لها مبرر للوصول إلى هذا المستوى من الارتفاع، الذي لا يصب في مصلحة أي جهة كانت».

وكانت أسعار الذهب قد شهدت تذبذبات واضحة خلال العامين الماضيين، تركزت وتيرتها على الارتفاع، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يشهدها العالم بشكل عام، كما أن لارتفاعات أسعار النفط أثرا واضحا على الصعود بالمؤشر إلى الارتفاع، كما شكلت الاضطرابات التي تشهدها منطقه اليورو، ضغطا إضافيا على تنامي الطلب على الذهب، باعتباره الخيار الآمن والرقم الصعب في أحلك الأزمات الاقتصادية، التي تعصف ببعض الاقتصادات العالمية في الوقت الراهن.