مؤسسة «فيتش» تخفض التصنيف الائتماني لمصر

قالت إن الاستثمار الأجنبي فرصة لعودة استقرار اقتصادها

الوضع المالي لمصر سيكون له انعكاسات مباشرة على مستوى معيشة المصريين (أ.ب)
TT

تواصلت النظرة السلبية للاقتصاد المصري من قبل المؤسسات المالية العالمية، بعد أن خفضت مؤسسة «فيتش»، أمس، التصنيف الاقتراضي لمصر بالعملة الأجنبية لـBB- من BB وللعملة المحلية للأجل الطويل لـBB من BB+، كما أعطت المؤسسة نظرة مستقبلية سلبية على التصنيفين، بعد ما يقارب العام من ثورة «25 يناير».

وذكرت المؤسسة، في موقعها الرسمي، أن مصر فقدت خلال هذا العام 44% من احتياطي النقد الأجنبي، الذي تراجع إلى 20 مليار دولار بعد أن سجل 36 مليار دولار في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وعلى الرغم من أن الاحتياطي النقدي الحالي يمكن أن يغطي احتياجات مصر من النقد الأجنبي لمدة تزيد على ثلاثة أشهر فإن وتيرة الانخفاض مدعاة للقلق في ظل غياب الكثير من المساعدات الخارجية، التي تم وعد مصر بها.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، رفضت القيادة السياسية في مصر اقتراض مبلغ 3.2 مليار دولار أميركي من صندوق النقد الدولي، حتى لا تحمل الأجيال المقبلة عبء تسديد الدين الخارجي، لكنها سرعان ما تراجعت عن رفضها تحت وطأة التدهور المتزايد في الاقتصاد المصري وتفاقم عجز الموازنة.

وعزت المؤسسة هبوط الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى ضعف رؤوس الأموال في مصر بعد تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة وخروج محافظ استثمارية أجنبية في الوقت الذي يحاول فيه البنك المركزي المصري الحفاظ على استقرار سعر الصرف، وذلك على جانب الضغوط على التمويل الداخلي بسبب تصاعد عوائد أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى 14% و15% مع وصول التضخم إلى 9%.

وترى المؤسسة أن توافر المساعدات الخارجية وعودة الاستثمارات الأجنبية سيكونان بمثابة المفتاح لاستقرار احتياطي النقد الأجنبي والتصنيف الائتماني لمصر، وعلى الرغم من إعلان كمال الجنزوري، رئيس حكومة الإنقاذ الوطني، عن تقليل النفقات الحكومية، فإن الجنزوري توقع عجزا يصل إلى أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما توقعت «فيتش» أن يصل العجز إلى 11%.

كما ترى «فيتش» أن عملية انتقال السلطة تأخذ وقتا أطول مما هو متوقع، كما أوضحت أن حالة عدم اليقين السياسي تؤثر على الإحساس بثقة المستثمرين، وذلك على الرغم من إجراء الانتخابات البرلمانية في أجواء وصفتها المؤسسة بالشفافة والنزيهة.

كما توقعت المؤسسة ألا تزيد معدلات النمو في السنة المالية الحالية على السنة الماضية التي سجلت معدلات أقل من 2%، خاصة مع ارتفاع معدلات البطالة التي كانت سببا رئيسيا في اندلاع ثورة «25 يناير» والإطاحة بنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

وتتوقع مصر ارتفاع إيرادات السياحة أكثر من الثلث في العام المقبل إذا تحسنت الأوضاع الأمنية بعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في فبراير (شباط) والاضطرابات السياسية التي أعقبتها ودفعت السياح للرحيل. كانت السياحة تشكل أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي قبل هذه الاضطرابات ويعمل بها نحو ثمن القوى العاملة في البلاد. وقال وزير السياحة منير فخري عبد النور، في مقابلة مع «رويترز» يوم الخميس: «يمكننا العودة إلى أرقام 2010، وهي 12.5 مليار دولار إيرادات و14.7 مليون سائح في 2012 إذا تغيرت الصورة. ولن تتغير الصورة إلا إذا استتب الأمن وعاد الهدوء». وتدهورت الأوضاع الأمنية في البلاد بعد اختفاء قوات الشرطة من الشوارع في نهاية يناير (كانون الثاني) وبعد تنحي مبارك. لكن الحكومة الجديدة قالت إنها ستشدد الإجراءات الأمنية وتعزز وجود الشرطة في الشوارع. وقال عبد النور: «الشرطة أصبحت أكثر حضورا في شوارع القاهرة». وأضاف أن الحالة الأمنية كانت دائما جيدة في المناطق السياحية الرئيسية في مصر.

وتعتبر السياحة مصدرا رئيسيا للعملة الأجنبية في البلاد، ويقول محللون إن المشكلة الأكثر إلحاحا في مصر هي تراجع الاحتياطيات الأجنبية مع انخفاض إيرادات السياحة والتصدير بسبب الاضطرابات وخروج رؤوس الأموال. وهبطت الاحتياطيات الأجنبية من نحو 35 مليار دولار في بداية 2011 إلى نحو 20 مليار دولار بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، وقد تصل خلال الأشهر المقبلة إلى مستويات يعجز عندها البنك المركزي عن منع تراجعات حادة للجنيه المصري. ومن المتوقع أن إيرادات السياحة في 2011 انخفضت بنحو الثلث إلى 9 مليارات دولار؛ حيث زار البلاد 10 ملايين سائح هذا العام. وقال عبد النور: «ربما كان 90% من هؤلاء السائحين أو أكثر حول الشواطئ؛ حيث كانت الحياة طبيعية تماما».

وقال عبد النور: إن السياسيين والحكومة سيحمون السياحة معا؛ لأنها قطاع يعمل به ثمن القوى العاملة في البلاد. وأضاف: «لا أعتقد أن أي سياسي حكيم سيجازف ويأخذ قرارا يعرض قطاعا اقتصاديا رئيسيا للخطر. أيا ما كانت الحكومة القائمة فلا يمكنها الاستمرار من دون إيرادات السياحة ولا يمكنها الاستمرار من دون فرص العمل التي يوفرها القطاع السياحي ولا يمكنها الاستمرار من دون العملة الأجنبية التي تأتي من هذا النشاط».