بوادر أزمة جديدة في قطاع الإسمنت السعودي بسبب الوقود

مصادر لـ «الشرق الأوسط» : مجلس الغرف سيعقد اجتماعا لبحث الموضوع ورفعه للجهات العليا

يتوقع أن يشهد العام الجديد 2012 تقدما جيدا في المشاريع الكبرى التي من شأنها أن تدعم الطلب على كميات الإسمنت في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت مصادر مطلعة في سوق الإسمنت السعودي عن وجود مخاوف من توقف خطوط إنتاج بعض مصانع الإسمنت، وذلك بعد بوادر أزمة حقيقية يشهدها القطاع خلال هذه الفترة من خلال النقص في حصص الوقود.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن مصانع الإسمنت تواجه إشكاليات حقيقية في نقص حصص الوقود والذي عطل جزءا من خطوط الإنتاج في أوقات متقطعة خلال العام المنصرم، متخوفين من عدم توفر الكميات المطلوبة لخطوط إنتاج المصانع خلال الفترة المقبلة أيضا مما قد يزيد من حدة الأزمة في السوق.

وزادت المصادر «هناك مطالبات لبعض شركات الإسمنت السعودية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير الوقود تفاديا لاتساع دائرة أزمة نقص المعروض وهو ما تخشاه الشركات المحلية».

وكشف المصدر أن «مصانع الإسمنت بصدد عقد اجتماع لدى مجلس الغرف السعودية تحت مظلة لجنة الإسمنت المستحدثة مؤخرا ورفع تظلم للجهات العليا في البلاد لحل هذه الأزمة وزيادة الحصص المخصصة من الوقود لدى المصانع، متخوفين من عدم إمكانية تغطية الحصص المطلوبة، حيث من المحتمل أن تلجأ لاستيراده من خارج السعودية حينها».

وقال لـ«الشرق الأوسط» سفر بن محمد ظفير الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة إسمنت المنطقة الجنوبية، «سمعنا خلال هذه الأيام العديد من الأزمات في سوق الإسمنت وهذا ينم عن وجود سوء في التوزيع، فالمصانع تنتج طاقات أعلى من الطاقة التصميمية، وعلى سبيل المثال فإن إنتاجنا في إسمنت الجنوبية 20 ألف طن يوميا في كل من بيشة وجيزان وتهامة بينما يباع 23 ألف طن يوميا أي ما نسبته 15 في المائة من الطاقة الفعلية مما يؤكد أن هناك زيادة في الإنتاج.

وأضاف ظفير «إن الطلب عال جدا فمن الآن وإلى شهر يوليو (تموز) المقبل تشهد كافة المناطق في السعودية نشاطا خلال هذه الفترة مع وجود العديد من المشاريع الحكومية والأهلية التي أمرت بها الدولة من خلال الأوامر الملكية التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين مؤخرا».

وأشار الرئيس التنفيذي لشركة إسمنت الجنوبية «نحن لا نتحكم في مسار الإسمنت عند خروجه وليس لنا أي تحكم في الأسعار فنحن نبيعه بـ12.5 إلى 13 ريالا (3.4 دولار)، ومن تسليم الإسمنت عندها تنتهي مسؤوليتنا من الإسمنت المكيس الذي يمثل 40 في المائة في مصنعنا، فالإشكالية تكمن في الموزعين الذين لا يصلون إلى نقاط البيع لعدة أسباب، ويحاولون الاستفادة من خلال خلق خلل في العرض والطلب وعمل تجفيف لنقاط البيع، ومن ثم إجبار المستهلك على البحث عن شاحنات الإسمنت وبأسعار أعلى من السعر الطبيعي له».

وزاد «تكمن الثغرة هنا في عمليات التوزيع، فوزارة التجارة والدوريات الأمنية هي من يقوم بتلك المهمة، فالمسؤولية تقع على عاتقها، ونحن لا صلاحيات لدينا سوى شحن تلك الناقلات بالإسمنت وتنتهي مسؤوليتنا عن إعطاء التجار حصصهم المعتمدة لهم من الإسمنت».

وحول المخاوف من المعوقات في إمداد الوقود، قال ظفير «بلا شك هناك نقص في الوقود، نحن لدينا في إسمنت الجنوبية خط ثان والمتوقع تشغيله في 15 يناير (كانون الثاني) الجاري، وإلى الآن لم يخصص له وقود وهو يمثل 22 في المائة من كمية الوقود الكاملة لاحتياج الشركة، وعند توفير هذه الحصة المخصصة للخط الثاني سيسهم في حل مشاكل الطلب في المنطقة الغربية ككل بكميات كبيرة جدا حيث سنوفر حينها 15 ألف طن يوميا».

وأشار الرئيس التنفيذي «إن شركة ينبع لديها خط إنتاج 10 آلاف طن، ففي حين توفير الوقود الكافي سوف يتم ضخ السوق بشكل كامل بل يزيد على حاجته، وكذلك نحن في إسمنت الجنوبية، فالخط الجديد (الثاني) 5 آلاف طن بمقدار 560 ألف لتر يوميا بما يعادل (18 ناقلة حمولة 32 ألف لتر).

وحول انتظار عدد من الناقلات لدى المصانع بنحو 3 أيام أشار ظفير «بطبيعة الحال فإن زيادة الطلب عن العرض ستصعد من أيام الانتظار لدى الناقلات، فعندما يكون إمكانية البيع فقط 8 آلاف طن ويأتي طلبات أكثر من 10 آلف طن فلا بد من وجود التأخيرات لتلبية الاحتياج في بضعة أيام ولا تؤثر تلك الفترة على الأسعار فالتاجر يريد أن يستثمر الأزمة ويستغل الفرصة لرفع الأسعار».

من جهته أوضح سافر العوفي أحد تجار الإسمنت في منطقة مكة المكرمة (غرب السعودية) أن الأزمة بدأت في التصاعد خلال هذه الأيام حيث وصل سعر كيس الإسمنت نحو 18 ريالا (4.8 دولار) مما قد يزيد من هذه الأسعار في ظل أن هناك مصانع تدعي عدم وجود كميات كافية من الإسمنت بينما هناك كميات ومخزون لدى المصانع من أجل المطالبة بالتصدير خارج السعودية.

وبين العوفي أن «السعر من المصانع يبلغ نحو 13 ريالا (3.4 دولار) بينما كان في السابق نحو 11 ريالا (2.9 دولار) مطالبا بخفض حتى يستطيع التجار أخذ هامش ربحي يحقق الحد التي أعلنته وزارة التجارة سابقا».

وزاد: «إن أسباب ارتفاع أسعار الإسمنت زيادة الطلب خلال الفترة الحالية من خلال المشاريع الضخمة التي تشهدها السعودية من خلال إنفاق حكومي ضخم على مشاريع البناء، متخوفا من تصاعد السعر خلال الأيام المقبلة مقابل زيادة الطلب المستمر مما جعل هناك شحا حقيقيا داخل سوق الإسمنت».

وتعليقا على اجتماع لجنة الإسمنت قال لـ«الشرق الأوسط» المهندس عبد الله بن سعيد المبطي رئيس مجلس الغرف السعودية «اللجنة تشكلت مؤخرا وهي تعالج وتسهم في معرفة الصورة الحقيقية للوضع وقد يكون أحد اجتماعاتها حول اجتماع اللجنة بهذا الخصوص، ونحن رجال أعمال وكمجلس غرف نأسف لما يحصل من أزمات في الإسمنت، فالدولة داعمة بقروض تتجاوز المليارات لدعم القطاع، والمصانع لديها طاقات مؤهلة للتصدير لقضاء حاجة القطاع من الإسمنت».

وبين المبطئ «إن أصحاب المصانع يدعون أن السبب هو الوقود الخام، فلا بد من أن يجتمعوا مع مصدر الوقود شركة أرامكو، فالمصانع هنا مصممة على الوقود المحلي لذلك لا يوجد لها بدائل مثل ما تعمل بعض الدول تشغل المصانع بوقود آخر».

وأشار تقرير صدر مؤخرا من «الأهلي كابيتال» أن القلق حول العرض لا يزال سيد الموقف نتيجة لعدم قدرة شركة ينبع للإسمنت وشركة إسمنت الجنوبية على تلقي كميات مرتفعة من الوقود المدعوم حكوميا من أرامكو السعودية، مما سيؤدي إلى تأخير محتمل في بدء العمليات. ودعم ارتفاع الأسعار في 2012.

وتشير المؤشرات إلى أن عدم التوازن المحتمل بين العرض والطلب قد يصبح أكثر حدة في المنطقة الغربية، حيث من المتوقع أن يكون الطلب أعلى إلى جانب الضغوطات المحتملة على العرض في إسمنت ينبع حيث من المتوقع أن يبدأ الإنتاج التجاري في خطها الجديد بطاقة إنتاجية قدرها 3 ملايين طن في السنة في الربع الأول من 2012.

وتوضح البيانات المجمعة للشركات أنها باعت منذ بداية العام الحالي 2011 حتى نهاية شهر نوفمبر نحو 43.8 مليون طن، مقارنة مع كمية بلغت 39.13 مليون طن خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

في حين ارتفع إنتاج شركات الإسمنت من مادة الكلينكر خلال فترة الأحد عشر شهرا من 2011 عن الفترة نفسها من العام الماضي إلى 39.264 مليون طن.

هذا وقد ذكرت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» وزارة التجارة والصناعة عن تقديم مقترح لمحافظ جدة (غرب السعودية) لحل أزمة نقص كميات الإسمنت في المحافظة، والتي تصاعدت أسعاره بتخصيص مواقع محددة لبيع الإسمنت لتلافي العمالة الوافدة بعد محاولاتهم رفع الأسعار.

وأوضح حينها صالح الخليل وكيل وزارة التجارة المساعد لشؤون المستهلك أن الوزارة قامت بتقديم الاقتراح بحيث تقوم أمانة جدة بتخصيص مواقع لبيع الإسمنت وتقوم الجهات الأمنية «الشرطة» بمساندة جهود الوزارة في عملية بيع ما يتم تحت إشراف الوزارة بحيث لا تتجاوز الأسعار سقف 14 ريالا (3.7 دولار) للكيس الواحد.