تراجع ضغوط الأسواق على سندات الديون الأوروبية

محللون: انخفاض سعر الفائدة «نبأ سار»

صاحب متجر يعرض عملات من فئة 200 و100 يورو في باريس أمس بمناسبة مرور 10 سنوات على تداول العملة الأوروبية (أ.ف.ب)
TT

تراجعت الضغوط مؤقتا على سندات الديون الأوروبية، حيث جمعت البرتغال أمس مليار يورو (1.3 مليار دولار) بأسعار فائدة متدنية نسبيا بما يعكس ثقة أكبر للأسواق في قدرة البلاد على السداد. وقالت وكالة الدين الحكومية إن لشبونة باعت أذون خزانة لأجل ثلاثة أشهر بسعر فائدة بلغ 4.35 في المائة متراجعا من 4.87 في المائة في ديسمبر (كانون الأول). وزاد الطلب على المعروض بمقدار الضعف في المزاد.

وقال المحلل المالي فيليب سيلفا لدى مصرف «بنكو كوريجوسا» إن سعر الفائدة المنخفض هو «نبأ سار» يعكس «التحسن في مدى المخاطرة التي تنظر إليها الأسواق حيال السندات البرتغالية». وكان ينظر إلى البرتغال على أنها واحدة من أضعف الاقتصادات في منطقة اليورو بعد أن قدم الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي حزمة إنقاذ لها بقيمة 78 مليار يورو. وتحاول الحكومة المحافظة لرئيس الوزراء بيدرو باسوس كويلو تقليص عجز الموازنة البالغ 9.8 في المائة في عام 2010 عبر برنامج ضخم للتقشف.

إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس أنها ستجري مباحثات مع رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي، المقرر أن يقوم بزيارة لبرلين الأسبوع المقبل. وذكر المتحدث جورج شترايتر أن مونتي، الذي تولى منصبه العام الماضي خلفا لسيلفيو برلسكوني مع تفويض بتنفيذ تدابير تقشف، سيناقش مع ميركل الوضع في منطقة اليورو والتطورات الاقتصادية في القارة. وتأتي الزيارة بعد يومين من لقاء مقرر سلفا بين ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في برلين.

وتنصب المحادثات المكثفة بين البلدان الثلاثة، وهي الأهم في أوروبا على اتفاقية بين 26 من إجمالي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (27 دولة) والتي تشمل فرض قواعد مالية أكثر صرامة، بعدما فضلت بريطانيا عدم المشاركة في هذه الخطة ولكن يجري التشاور معها.

وستكون الاتفاقية، التي اقترحتها أولا ألمانيا، بمثابة حجر الزاوية لجهود إنهاء أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو التي تضم 17 من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ولا تزال الأزمة المالية تتفاعل في الأسواق الأوروبية، حيث هبط اليورو أمام الدولار أمس بعدما قوبل مزاد للسندات الألمانية بطلب هادئ لكنه كاف، وتبدو العملة الموحدة عرضة لمزيد من البيع مع قلق المستثمرين بشأن قدرة السندات السيادية لدول منطقة اليورو على اجتذاب أموال. وانخفض اليورو 0.5 في المائة إلى 1.2981 دولار مقتربا من أدنى مستوى خلال الجلسة البالغ 1.2976 مما أدى لتنفيذ أوامر بيع لوقف الخسائر دون مستوى 1.3010 دولار. ومع تعرض اليورو لضغوط ارتفع مؤشر الدولار 0.4 في المائة إلى 79.962. وزاد الدولار بنسبة طفيفة أمام العملة اليابانية إلى 76.69 ين لكنه ما زال قرب المستوى القياسي المنخفض 75.311 ين الذي سجله أواخر العام الماضي. وانخفضت أيضا العملات المرتبطة بتجارة السلع الأولية مع انحسار المخاطرة وإقبال المستثمرين لجني الأرباح من مكاسب الجلسة الماضية.

وتراجع معدل التضخم في منطقة اليورو في ديسمبر للمرة الأولى خلال ثلاثة أشهر إذ أظهرت بيانات أولية صدرت أمس أن التضخم انخفض إلى 2.8 في المائة بما يدلل على ما توقعه محللون بأنه سيتسمر في الهبوط بشكل مطرد خلال النصف الأول من العام الحالي. وتوافقت التقديرات الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي «يوروستات» مع توقعات المحللين. وكان معدل التضخم سجل أعلى مستوى في ثلاث سنوات منذ سبتمبر (أيلول) عندما بلغ 3 في المائة بعد أن قفز من 2.5 في المائة في أغسطس (آب). وجاء هذا التغير رغم قرار من البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة الشهر الماضي للشهر الثاني على التوالي ليتراجع سعر إعادة التمويل القياسي إلى مستوى متدن قياسي عند 1 في المائة. وكان البنك يتوقع في ذلك الوقت أن تتراجع الضغوط التضخمية، إذ إن اقتصاد منطقة العملة الأوروبية الموحدة التي تضم 17 دولة يفقد قوة الدفع.

وقال معظم المحللين إن التضخم سيواصل التراجع ليصل إلى الحد المستهدف للبنك المركزي الأوروبي وهو 2 في المائة، إن لم يكن أقل بحلول الصيف القادم، وذلك ما لم ترتفع أسعار النفط. وعزا المحللون الانخفاض في ديسمبر بالأساس إلى أسعار النفط.

ورغم ترحيبهم بتلك التطورات، حذر بعض المحللين أيضا من أن ذلك لن يحل المشاكل المالية لمنطقة اليورو. وقال المحلل بن ماي لدى مجموعة «كابيتال إيكونوميكس» للأبحاث، لـ«رويترز» إنه «بينما هناك بالتأكيد واحدة أو اثنتان أخريان من العلامات المشجعة من البيانات الاقتصادية الأخيرة لمنطقة اليورو، فلا تزال المنطقة في وضع محفوف بالمخاطر»، متوقعا أن تواجه «ركودا معقدا جدا».