مصرفيون: سيكون من الصعب على إيران تنفيذ صفقات تجارية أو تسوية مبيعات النفط

بعد حظر «المركزي الإيراني»

الريال الايراني معرض للانهيار خلال الشهور المقبلة بسبب انخفاض العملات الصعبة المتوفرة للمركزي الايراني (رويترز)
TT

قال مصرفيون في لندن لـ«الشرق الأوسط»: من المقدر أن يؤدي الحظر الأميركي للبنك المركزي الإيراني إلى عزل إيران عن النظام المالي العالمي، ويحد تلقائيا من قدرة إيران على تنفيذ صفقات مالية أو تجارية مع معظم دول العالم، كما سيحد كذلك من قدرتها على بيع النفط في الأسواق العالمية.

وعلى الرغم من أن الحظر الأميركي من طرف واحد وهو أميركا ، فإنه يعاقب الشركات العالمية التي تتعامل مع المركزي الإيراني أو الشركات والأشخاص المحظورين، بحرمانهم من السوق الأميركية. وحسب المصرفيون فإن حظر أميركا لـ«المركزي الإيراني» سيعني أن البنوك التجارية العالمية لن تستطيع التسوية المالية لصفقات شراء النفط الإيراني مع البنوك الإيرانية. ويلاحظ في أعقاب الحظر الأميركي الأخير للكثير من المؤسسات المالية الإيرانية، الذي حدث في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أنه أصبح البنك المركزي الإيراني يمثل حجر الزاوية في تسوية صفقات إيران التجارية، خاصة لتجار النفط الصينيين والشركات الهندية واليابانية التي كانت تستخدم «المركزي الإيراني» وبعض البنوك التجارية في ألمانيا وتركيا وروسيا في تسوية صفقاتها النفطية. في هذا الصدد يقول المصرفي الأميركي لويدز شولتز لـ«الشرق الأوسط»: «بعد الحظر الأميركي للمركزي الإيراني، فإن صفقات التسوية المالية الخاصة بتجارة النفط الإيراني ستنخفض بدرجة كبيرة، وربما تقوم الكثير من الشركات والتجار بتجميد صفقاتهم لشراء النفط الإيراني تفاديا لعقاب الحرمان من السوق الأميركية». وقال إن السلطات المالية البريطانية مثلا طلبت من الشركات في حي المال بلندن التي لديها تعاملات تجارية مع إيران الإفصاح عن هذه التعاملات. من جانبه، قال مارك دوبويتز، الخبير المتخصص في الشؤون الإيرانية، في إفادات أمام لجنة الدفاع بالكونغرس: «حظر المركزي الإيراني سيعني أنه سيكون منبوذا من قبل المؤسسات المالية العالمية، وسيكون مضطرا لدفع تكلفة أعلى لتسوية الصفقات التجارية مع البنوك أوالشركات المالية التي تخاطر بخرق الحظر الأميركي». وأضاف دوبويتز: «زيادة تكلفة تنفيذ الصفقات المالية والتجارية للمركزي الإيراني، إضافة إلى انخفاض دخل النفط الإيراني سيعني أن الخزينة الإيرانية ستعاني من الحظر».

إلى ذلك قال المصرفي لويدز لـ» الشرق الاوسط» الذي يدير شركة استثمارية في لندن: «إن حظر المركزي الإيراني سيقود بالتأكيد إلى الضغط المالي أكثر على إيران، ولكنه قال إنه خيار أفضل من الضربة العسكرية». ولكن شولتز شكك في إمكانية أن يقود إلى إثناء إيران عن مواصلة برنامجها النووي.

إلى ذلك، قال خبراء في لندن إن حظر المركزي الإيراني لن يؤدي إلى توقف صادرات النفط الإيراني نهائيا، لأن هناك دولا مثل الصين وروسيا لن تتقيد بالحظر وستواصل شراء النفط الإيراني. ولكنهم قالوا إن الحظر سيقود إلى تقليل دخل إيران النفطي، حيث سيكون هناك القليل من التجار الراغبين في شراء شحنات النفط الإيرانية وتكبد المشكلات العويصة التي ستواجههم في تسديد ثمن المشتريات، وتحمل تبعات معاقبتهم من قبل الولايات المتحدة وربما بعض الدول الأوروبية لاحقا. وأغلب مشتري النفط الإيراني من الصين وتركيا وأوروبا الغربية. وتتوقع مصادر أن يعرض تجار النفط الصينيون أسعارا أقل للخامات الإيرانية، لأن إيران لن تجد في المستقبل مشترين لخاماتها. كما لاحظت «الشرق الأوسط» أن نوعية الخامات الإيرانية معظمها من النفط الثقيل أو المتوسط من حيث نسبة الكبريت، وهو ما يعني أن مصافي التكرير الأوروبية والآسيوية تستطيع تعويضها بسهولة من دول أخرى، وعلى رأسها الدول صاحبة الفوائض وعلى رأسها السعودية، كما أن صادرات ليبيا النفطية تواصل الارتفاع بعد عودة الكثير من حقولها للإنتاج بعد شهور من القضاء على نظام القذافي.

وحسب معلومات بريطانية، قام مشترون دوليون فعلا بخفض مشترياتهم من النفط الإيراني. في هذا الصعيد، قالت مصادر لـ«رويترز»، أمس الخميس، إن الصين ستمدد خفض وارداتها من الخام الإيراني لشهر ثان، إذ لم يحسم الخلاف بين الجانبين بشأن شروط دفع قيمة النفط الإيراني المستهدفة بعقوبات أكثر صرامة.

وتظهر الخلافات الصعوبات التي ستواجهها إيران في بيع نفطها بعد أن اتفقت حكومات الاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء من حيث المبدأ على حظر استيراد النفط من إيران، وفي ظل استهداف العقوبات الأميركية الجديدة المدفوعات مقابل النفط الإيراني. والصين هي أكبر مشتري للنفط الإيراني، وأسرع الاقتصادات الكبرى نموا بين مستوردي النفط مما يضعها في موقف قوي للتفاوض على شروط أفضل، بعد أن خفضت وارداتها من إيران بأكثر من النصف في يناير (كانون الثاني).

وتجوب الصين العالم بحثا عن بدائل للنفط الإيراني، مقتنصة شحنات تسليم فبراير (شباط) من فيتنام وروسيا والشرق الأوسط وأفريقيا بعلاوات سعرية مرتفعة.

وأعربت المصافي في اليابان، ثالث أكبر مشتري للنفط الإيراني، أمس، عن قلقها حول قدرتها على ضمان الإمدادات من الخام الإيراني مع قول أكبر مصفاة في البلاد إنها تتطلع لبدائل محتملة. وخفضت الصين، التي تشتري نحو عشرة في المائة من صادرات النفط الإيرانية مشترياتها في يناير (كانون الثاني) بنحو 285 ألف برميل يوميا، أعلى قليلا من نصف إجمالي متوسط وارداتها اليومية في 2011 من النفط الإيراني.

وقال متعامل بارز في سوق الخام مقيم في بكين ويتعامل في النفط الإيراني: «فبراير سيكون مثل يناير بنفس الخفض» وتتعلق نقطة الخلاف الشائكة في المحادثات بين طهران وبكين بفترة السداد. وتصر «سينوبك»، أكبر شركة تكرير صينية تعالج نحو تسعة أعشار واردات الصين من النفط الإيراني، على مهلة تبلغ 90 يوما للدفع مقابل الواردات، بينما تريد إيران المدفوعات في خلال 60 يوما. وسئل متعامل صيني آخر عما إذا كانت هناك فرصة للاتفاق على عقد أجل للتوريد لعام 2012 بحلول منتصف يناير، فأجاب قائلا: «أشك في حدوث ذلك».

وقال متعامل صيني: «ربما يعتقد الإيرانيون أن الصفقة تمت في ظل الاتفاق على معظم الشروط، لكن الشرط الأكثر أهمية المتعلق بفترة السداد لا يزال معلقا. إنهم ينظرون إلى نصف الكوب المملوء بينما ننظر إلى النصف الفارغ».

وقالت مصادر نفطية مقرها الصين إنه بمقتضى اتفاق عام 2011 اشترت «سينوبك» نحو 465 ألف برميل يوميا من النفط الإيراني من خلال عقدين؛ الأول عبر شركة التجارة الحكومية «تشوهاي تشنرونج»، والثاني وقعته مباشرة مع شركة النفط الوطنية الإيرانية. واشترت «بتروتشاينا»، ثاني أكبر شركة تكرير صينية، نحو 50 ألف برميل يوميا من النفط الإيراني العام الماضي معظمها عبر «تشوهاي تشنرونج».