قطاع الغزل والنسيج المصري يحاول الصمود أمام وضع اقتصادي مترد

الصناع يتوقعون استقرار صادراتهم.. ومخاوف من تراجع الاستهلاك المحلي

TT

تنتاب العاملين بقطاع الغزل والنسيج بمصر مخاوف بشأن مستقبل أحد أعرق الصناعات المصرية خلال العام الجديد، في ظل تحديات يتوقع خبراء أن يواجهها القطاع، وخاصة مع وجود مؤشرات سلبية حول أداء الاقتصاد المصري بشكل عام خلال المرحلة القادمة، وذلك رغم أن قطاع الغزل والنسيج كان من أقل القطاعات تضررا من رياح التدهور التي أصابت الاقتصاد المصري خلال العام الماضي في أعقاب ثورة «25 يناير» التي أطاحت بنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خلال الأسبوع الحالي أن قيمة الإنتاج في نشاط صناعة الملابس الجاهزة تراجعت بنسبة 11 في المائة لتصل إلى 14.47 مليار جنيه (2.39 مليار دولار) خلال الربع الثاني من العام الماضي مقابل 16.56 مليار جنيه (2.74 مليار دولار) خلال نفس الفترة من العام السابق عليه.

وأوضح مجدي طلبة وكيل غرفة الصناعات النسيجية لـ«الشرق الأوسط» أن قطاع النسيج لم يشهد تسريحا للعمالة بشكل ملحوظ على عكس الكثير من القطاعات الأخرى؛ ولكنه كان على حساب جهد العاملين بالقطاع، ولكنه أكد انخفاض قيمة الطاقة الإنتاجية للصناعة.

وقال: «قطاع النسيج يعمل به نحو ثلث العمالة بالمجال الصناعي في مصر، ونصدر نحو 60 في المائة من إنتاجنا، ومع ذلك لم تتأثر أرقام الصادرات أو الناتج الصناعي لأن التعاقدات تتم في العام السابق لكن الوضع في المستقبل مقلق».

وأعرب طلبة عن عدم تخوفه من الاضطرابات الاقتصادية التي تمر بها القارة الأوروبية والتي تعتبر السوق الرئيسية لصادرات مصر من منتجات الغزل والنسيج. ويضيف: «رغم أن صادراتنا للولايات المتحدة ولأوروبا تمثل نحو 95 في المائة من قيمة صادرات القطاع، فإن الأزمة الحالية التي تشهدها معظم الدول الأوروبية لن تؤثر بشكل كبير علينا، ولكنها من الممكن أن فتفتح أمامنا أفقا جديدا للربح، خاصة أن لدينا ميزة تنافسية من حيث تكاليف الإنتاج والطاقات الإنتاجية ولكننا في حاجة إلى إدارة رشيدة حتى لا نفقد هذه الميزة إلى جانب استقرار الأوضاع السياسية».

وبدأت الحكومة المصرية في اتخاذ إجراءات من شأنها حماية صناعة الغزل والنسيج في مصر وقررت وزارة الصناعة والتجارة الخارجية فرض رسوم إغراق على الغزول المستوردة تصل قيمتها إلى 3300 جنيه (547 دولارا) على الطن، على أن يتم تطبيقه على أول شحنة قادمة من الخارج ولمدة عامين من تاريخ صدور القرار.

ويذكر أن الدكتور محمود عيسى وزير الصناعة والتجارة الخارجية كان أصدر في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مجموعة قرارات خاصة بحماية صناعة الغزل والنسيج، من أهمها بدء الإجراءات القانونية الخاصة ودراسة فرض رسم وقائية على الواردات من الغزول وتحديد قيمتها.

ويرى يحيى الزنانيري رئيس رابطة منتجي ومصنعي الملابس الجاهزة وعضو غرفة الصناعات النسجية باتحاد الصناعات المصرية أن هذا القرار معيب لأنه يفرض الحماية على مرحلة واحدة من الصناعة، وبالتالي سيرفع من تكلفة الغزل والنسيج. ويقول الزنانيري لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن تكون هناك استراتيجية واضحة للنهوض بالصناعة ككل، فلا يمكن الاستمرار بتطبيق إجراءات حماية إلى الأبد، والإنتاج المحلي لا يمكن أن يكفي السوق المحلية فكان لدينا العام الماضي عجز وصل إلى 400 ألف طن».

ويتخوف الزنانيري من أن تتعامل الدول الأخرى بالمثل وتقوم بفرض رسوم وقائية على واردات مصر من سلع أخرى. وقال: «على الرغم من أن الوضع في قطاع الغزل والنسيج كان مستقرا خلال العام المنقضي بسبب عدم تأثر صادرات القطاع، إلا أن السوق المحلية كانت تعاني بشدة».

ويتوقع الزنانيري أن تصمد صادرات البلاد من صناعات الغزل والنسيج، إلا أن السوق المحلية يمكن أن تتأثر بسبب استمرار المشاكل الاقتصادية وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين.

وبدأت الحكومة في اتخاذ إجراءات لمواجهة التحديات التي يواجهها زراع الأقطان في مصر، الذين يعانون من تكدس مخازنهم، وعدم قدرتهم على تسويق محصولهم، وقامت رئيس الوزراء كمال الجنزوري بإعطاء تعليمات للمهندس عادل الموزي المفوض العام على قطاع الأعمال العام بإلزام شركات الأقطان التابعة للحكومة بالشراء من المزارعين.

وأوصى المؤتمر القومي لإنقاذ صناعة الغزل والنسيج الذي عقد أول من أمس بفرض رسوم وقائية على كافه مراحل الصناعة بدءا من زراعة القطن وحتى صناعة الملابس مع ضرورة الاهتمام بالمادة الخام والمتمثلة بتشجيع الفلاح على زراعة القطن بكميات كبيرة وتقديم الدعم المالي اللازم لمدخلات الصناعة للمساعدة على الاستثمار في هذا المجال وعدم التركيز على دعم المخرجات لهذه الصناعة مثلما يحدث الآن.

كما طالب المؤتمر بإعادة النظر في التعريفة الجمركية بالنسبة للغزول والنسيج المستوردة مع تشديد الرقابة على المنافذ الجمركية منعا لعمليات التهريب. وطالب المؤتمر الشركات الصناعية بتطوير آلياتها لإنتاج القطن طويل التيلة حتى تحافظ مصر على انفرادها بهذه الميزة والتوسع في إنتاج هذا النوع الذي انخفض بنسبة كبيرة، كما طالب وزارة الزراعة بفتح كافة المنافذ الرقابية على الأقطان المستوردة وتشديد الفحص عليها بالحجر الزراعي الصحي.