اتهامات لرئيس «المركزي السويسري» بإجراء معاملات مالية مشبوهة

البنك نشر بيانا قال إن هيلدبراند حقق أرباحا من المضاربة بالعملات

فيليب هيلدبراند، رئيس مجلس إدارة البنك المركزي السويسري ومهندس التشريعات المصرفية العالمية الشهير، يتعرض لضغوط (رويترز)
TT

تعرض فيليب هيلدبراند، رئيس مجلس إدارة البنك المركزي السويسري ومهندس التشريعات المصرفية العالمية الشهير، لضغوط أول من أمس الأربعاء بعد نشر «سويس بنك» بيانا أفاد فيه بتحقيق هيلدبراند أرباحا من المضاربة بالعملات التي أجراها قبل وبعد أن أشرف على الخطوات التي تحول دون قوة الفرنك السويسري.

وقال التقرير الذي أعدته «ويلتوتشي»، مجلة أسبوعية مقربة من حزب الشعب السويسري اليميني، أحد منتقدي هيلدبراند، إنه حقق في أكتوبر (تشرين الأول) 75,000 فرنك، أو 79,600 من المضاربة بالدولار. وأوضحت المجلة أن هيلدبراند، حصل على الدولارات قبل إعلان البنك المركزي السويسري عن التدابير الجديدة في سبتمبر (أيلول) للتحقق من ارتفاع الفرنك وحماية المصدرين السويسريين، ونقلت المجلة نسخا من البيانات المقدمة من موظف في أحد البنوك الخاصة، حيث كان يوجد حساب هيلدبراند.

لم يرد هيلدبراند في الحال بصورة تفصيلية على التقرير لكنه يخطط لإصدار بيان يوم الخميس.

وقال المجلس الذي يشرف على البنك المركزي أواخر الشهر الماضي إنه حقق بشأن الشائعات حول المعاملات التي أجراها هيلدبراند أو أفراد عائلته ولم يجد أي أخطاء.

ونشر البنك المركزي التقرير الذي أعده للمجلس برايس ووتر هاوس كوبرز، يوم الأربعاء، وجاء فيه أن المعاملات - التي تزيد على مليوني دولار - أجريت فيما يتصل بمعاملات العائلة كتلك التي تنطوي على شراء عقارات. ووجد تقرير برايس ووتر هاوس كوبرز أنه لا توجد مخالفات لقواعد البنك المركزي.

جاءت الاتهامات بمثابة صدمة في سويسرا وفي الدوائر المصرفية المركزية على مستوى العالم، فهيلدبراند شخصية معروفة وتحظى باحترام في موطنه، على الرغم الانتقادات القوية التي وجهت بعض ركائز سياساته المالية.

يعد هيلدبراند، الذي قضى شطرا كبيرا من عمله المهني في صندوق تحوط في نيويورك، أحد المصرفيين البارزين على الصعيد الدولي لعمله على صياغة مسودة التشريعات، المعروفة باسم بازل 3، والتي ستجبر المصارف على مستوى العالم إلى الحد من استخدام نفوذها في تعزيز إدارة المخاطر.

أدى الكشف عن المعاملات إلى أبعاد سياسية على الفور نتيجة تورط حزب الشعب السويسري في نشر هذه المعلومات. وكان الحزب الذي شن حملته بغرض الحد من الهجرة والحفاظ على سويسرا خارج الاتحاد الأوروبي، بين منتقدي هيلدبراند الأكثر صخبا.

ويقول دانييل كوبلر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة زيوريخ: «لم تكن هناك أي نزاعات بشأن السياسة النقدية، لكن حتى الآن لم يشكك أحد في نزاهته».

وأضاف كوبلر مشيرا إلى أن هيلدبراند تلقى ضغوطا للكشف بشكل أكبر عن موقفه المالي من قبل كبار المسؤولين في البنك المركزي: لقد وجد من الصعب الاعتقاد بأن الاتهامات كانت صحيحة. لكنه أضاف: «إذا ما تأكدت هذه الاتهامات ينبغي عليه أن يستقيل».

وأوضح المحاسبون من «برايس ووتر هاورس كوبرز»، الذين راجعوا سجلات التحويلات المالية أن بعض التحويلات كانت مربحة لكن البعض الآخر تسبب في خسائر له، ولم يحص التقرير كم الأرباح أو الخسائر، لكن نتائج التحقيق أثارت تساؤلات حول السبب الذي يدفع هيلدبراند، الثري، إلى المخاطرة بسمعته من أجل عائدات ضئيلة نسبيا.

لهيلدبراند أعداء في الداخل والخارج يدفعون باتجاه فرض قواعد على «يو بي إس» و«كريدت سويس»، أكبر مصرفين في سويسرا، أكثر تشددا من التشريعات القائمة في الدول الأخرى. وقد أثار أيضا غضب زملائه في الصناعة المالية بانتقاداته لتعويضات المصارف ودفاعه عن تشريعات الحد من مجازفة المصارف ومنع الأزمات المالية المستقبلية، وهي القواعد التي أقرها قادة مجموعة العشرين.

من بين خصوم هيلدبراند الأشرس في سويسرا، كريستوفر بلوكر، رجل الأعمال الذي ربما يكون أشهر شخصية في حزب الشعب السويسري. وكان بلوكر قد اتهم البنك المركزي السويسري بتبديد ثروات البلاد من خلال التدخلات المكلفة في العملة وطالب بإقالة هيلدبراند.

توقفت الانتقادات في أعقاب إعلان البنك في سبتمبر (أيلول) أنه سيفرض قيدا على العمل عند 1.20 فرانك مقابل اليورو، وقد نجحت هذه السياسة في الحفاظ على الفرنك في الوقت لقيت فيه إعجابا من قبل المستثمرين كملاذ من الأزمة المالية العالمية، من الارتفاع إلى مستويات ستكون مدمرة لشركات الصادرات السويسرية.

وأشار بنك ساراسين، مؤسسة في بازل، حيث يملك هيلدبراند حسابا مصرفيا، يوم الثلاثاء إلى أن واحدا من موظفيه سرب معلومات بشأن تحويلات العملة إلى محامٍ وثيق الصلة بحزب الشعب. وقد أقيل الموظف وسلم نفسه للشرطة على انتهاك قوانين سرية المصرف.

ووجد التقرير الذي أعدته «برايس ووتر هاوس كوبرز» أن أحد التعاملات المالية أجرتها كاشيا زوجة هيلدبراند، ومالكة متحف للفنون في زيوريخ، دون علمه.

وقالت السيدة هيلدبراند بحسب وكالة رويترز، التي اقتبست من مقابلة أجراها معها التلفزيون السويسري: «عملت في القطاع المالي والمصرفين لما يزيد على 15 عاما وأراقب الأسواق دائما. وقد شعرت بالارتياح بهذه المعاملات».. وكانت السيدة هيلدبراند قد ولدت في باكستان وتربت في الولايات المتحدة والتقت زوجها خلال عملهما في نيويورك خلال التسعينات في صندوق تحوط «مور كابيتال ماندجمنت» في التسعينات، بحسب صحيفة «تاغيز أنزيغير» اليومية السويسرية.

وبحسب مراجعي «برينس ووتر هاوس كوبرز»، أجرت هيلدبراند معاملة بقيمة 500,000 دولار في أغسطس (آب) قبل زيادة البنك المركزي من تدخله في سوق العملات. لكن رسائل البريد الإلكتروني تشير إلى أن هيلدبراند، الزوج، علم بشأن المعاملات المالية فيما بعد، وهو ما دفعه إلى إصدار تعليمات لمصرف ساراسين بعدم القيام بأي مضاربات أخرى دون موافقته، بحسب محققين.

وقد أثارت المجلة عاصفة أخرى من الغضب في سويسرا يوم الأربعاء بنشرها تحقيقا ذكرت فيه أن المعاملات أجريت باستخدام حساب يحمل اسم هيلدبراند.

وقال المحققون إن المعاملات التي نفذها هيلدبراند مصرح بها وفق قواعد البنك المركزي لأنها ترتبط بشراء مسكن أو أغراض شخصية أخرى.

لم يستجب هيلدبراند لرسالة بريد إلكتروني تطلب تعليقه، ولم يجب أحد على الهاتف في معرض كاشيا هيلدبراند في زيوريخ يوم الأربعاء.

وقالت اللجنة التي تشرف على بنك سويس بنك، المعروفة باسم مجلس البنك، في بيان يوم 23 ديسمبر (كانون الأول): «إن التحقيق أكد عدم إجراء معاملات غير سليمة وأنه لا يوجد أي إساءة في استخدام سرية».

* خدمة «نيويورك تايمز»