بودابست تخفف التوتر مع بروكسل وصندوق النقد للحصول على مساعدة مالية

تستهدف الحصول على قروض تصل إلى 20 مليار يورو

رئيس المركزي الاوروبي ماريو دراغي خفض الفائدة لمساعدة النمو
TT

عقدت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في البرلمان الأوروبي الاثنين المقبل جلسة للبحث في مقترحات تتعلق بمراقبة الموازنة في منطقة اليورو، وضريبة على المعاملات المالية، وحسب ما ذكر البرلمان الأوروبي ببروكسل، جاءت المقترحات بناء على حزمة التشريعات الستة التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي نهاية العام الماضي، وتهدف لتحقيق الاستقرار والنمو، وفي الوقت نفسه استمر الخلاف بين المفوضية الأوروبية وصندوق النقد من جهة، والمجر من جهة أخرى، بسبب تعديلات دستورية تسمح للحكومة بالتدخل في عمل المصرف المركزي المجري. وصدرت تصريحات من بودابست تعمل على تخفيف حدة التوتر، ويأتي ذلك في وقت تستمر فيه التحضيرات للقمة الاستثنائية المقررة نهاية الشهر لرأب الصدع وإنهاء خلافات حول تعديل معاهدة الاتحاد الأوروبي لتفادي أزمات جديدة.

وجاءت جلسة البرلمان الأوروبي، استئنافا لمناقشات بدأت قبل عطلة أعياد الميلاد، من خلال لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان، والتي بحثت أزمة منطقة اليورو وبشكل خاص فيما يتعلق بسندات اليورو، ووكالات التصنيف الائتمانية وإمكانية فرض ضريبة على المعاملات المالية، وبحضور عدد من المسؤولين في المفوضية الأوروبية. وكان المجلس الوزاري الأوروبي أقر ستة مقترحات تشريعية تهدف إلى تعزيز الإدارة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي وتحديدا في منطقة اليورو كجزء من استجابة التكتل الأوروبي الموحد للاضطراب في الأسواق الناجم عن أزمة الديون السيادية.

وأشار بيان بهذا الصدد إلى أن التدابير المنصوص عليها تضمن التنسيق اللازم لتفادي تراكم الاختلالات، وضمان التمويل العام المستدام، وتضمن التدابير تعزيز الانضباط في الميزانية في إطار وثيقة الاستقرار والنمو. وقال الجهاز التنفيذي الأوروبي إن تمثيل منطقة اليورو داخل صندوق النقد الدولي يجب أن يتعزز، وإن الأزمة التي تعصف بعدد من الدول الأوروبية حاليا، أكدت الحاجة لأن يتحدث الأوروبيون بصوت واحد في جميع المستويات، وبما فيها المحافل النقدية الدولية. وقال إن تحسين الحوكمة المالية والاقتصادية يجب أن يقرن برفع درجة تمثيل منطقة اليورو. وفي باريس تنظر الحكومة الفرنسية في قرار فرض ضريبة على المعاملات المالية لعمليات معينة في السوق قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق كامل مع البلدان الأوروبية الأخرى. وقال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي جان ليونيتي الذي كان يتحدث عبر إذاعة راديو «فرانس انفو» إنه «تم وضع برنامج من أجل الضرائب حيث ستتم مناقشته خلال القمة الأوروبية التي ستعقد في 30 يناير (كانون الثاني) الحالي». وأوضح ليونيتي أنه إذا كان هناك جدول زمني في نهاية شهر يناير الحالي بموافقة من ألمانيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى فسيكون هناك تحرك لتشريع الضريبة في فرنسا وربما قبل الانتخابات الرئاسية التي ستتم في شهر أبريل (نيسان) المقبل. وأعرب ليونيتي عن تفاؤله من أن دعم هذه الضريبة يمكن أن يزيد مبلغ 70 مليار دولار في الضرائب من أجل زيادة معاملات المضاربة في الأسواق الأوروبية. وأشار ليونيتي إلى أن «فرنسا قدمت دعما لألمانيا من أجل الضريبة» آملا في أن «يستمر هذا الدعم». وكانت هناك مقاومة من العديد من أعضاء الاتحاد الأوروبي بقيادة بريطانيا وبعض الدول الاسكندنافية على فرض الضريبة التي من الممكن أن تجعل الأسواق الأوروبية أقل قدرة على المنافسة. يشار إلى أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هو الذي اقترح فكرة الضريبة في أعقاب الأزمات المالية التي حدثت عامي 2008 و2009. وفي بودابست أكد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان أن بلاده ترغب في بدء مفاوضات «دون شروط مسبقة» حول قرض دولي وتوقع إمكانية تغيير بعض بنود القانون المثير للجدل المتعلقة بإصلاح البنك المركزي ويراها النقاد تحديا من استقلاليته. وذكر السياسي المحافظ الذي يرأس الحكومة منذ عام 2010 بأغلبية ثلثي المقاعد في البرلمان المجري «بالنسبة لنا يعد الإبقاء أو تغيير مواقفنا السابقة مسألة مكانة».

وأشار رئيس الوزراء إلى الانتقادات الواردة من بروكسل وواشنطن لدستور البلاد الجديد والقانون الذي ينظم عمل البنك المركزي. ويرفض صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي التفاوض مع المجر حول قرض إنقاذ لتفادي انهيار الاقتصاد المجري، لأنهما يتهمان بودابست بالحد من استقلالية البنك المركزي. وتعرض القانون الذي أعدته حكومة حزب (فيدس) المحافظ التابع لرئيس الوزراء لانتقادات شديدة من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، الذي طالب بشكل ضمني بعدم رفع عدد أعضاء المجلس النقدي للبنك المركزي.

لكن الإصلاح الذي أقر مؤخرا في مجلس النواب يرفع عدد أعضاء المجلس النقدي للبنك المركزي من سبعة إلى تسعة وعدد نواب محافظ البنك من اثنين إلى ثلاثة. وتسعى المجر للحصول على قرض دولي تتراوح قيمته بين 15 و20 مليار يورو لمواجهة تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد.

وجاء ذلك بعد أن قررت وكالة «فيتش» تخفيض تصنيف الديون السيادية المجرية إلى ما دون الدرجة الاستثمارية، مما يعكس شكوك المستثمرين في قدرة بودابست على تغيير سياساتها المثيرة للجدل مقابل الحصول على مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي. على الرغم مما أبدته الحكومة من استعدادها لتقديم تنازلات في مفاوضاتها مع الصندوق. وقال تاماش فيليغي، الوزير المكلف بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي: «نريد أن نتوصل بسرعة إلى اتفاق مع الصندوق والاتحاد الأوروبي. لقد بينا بأننا مستعدون للتفاوض دون شروط، ومستعدون للحديث عن كل شيء. هذا لا يعني أننا سنقبل أي شيء في أي وقت».

وكانت العملة المجرية الفورينت قد هبطت مؤخرا إلى أدنى مستوى لها مقابل اليورو، حيث إنها فقدت ما يقارب ربع قيمتها منذ يوليو (تموز) من العام الماضي. يشار إلى أن العوائد على السندات المجرية ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ أبريل 2009، بسبب الشكوك في قدرة الحكومة المجرية على سداد ديونها بعد أن خفضت وكالات التصنيف الثلاث قيمتها إلى ما دون الدرجة الاستثمارية.