وكالات التصنيف الائتماني تحذر من الكساد في منطقة اليورو

تتوقع بنسبة 40% دخول المنطقة في كساد خلال عام 2012

قللت فرنسا من أهمية خفض تصنيفها الائتماني بينما كان الرئيس ساركوزي يؤكد بقاء التصنيف الممتاز من أولوياته (أ.ب)
TT

أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أمس، أنه «يمكن تجاوز الأزمة شرط أن تكون لدينا الإرادة الجماعية والشجاعة لإصلاح بلدنا»، وذلك أثناء أول رد فعل بعد يومين على قرار تخفيض التصنيف الائتماني لفرنسا.

وقال ساركوزي في خطاب في أمبواز (وسط): «سأتحدث إلى الفرنسيين في نهاية الشهر، سأتحدث إليهم عن القرارات المهمة التي يتعين اتخاذها من دون إضاعة وقت».

وأضاف، أثناء حفل تكريمي لرئيس الوزراء السابق ميشال دوبريه: «سأقول لهم إنه يمكن تجاوز الأزمة شرط أن تكون لدينا الإرادة الجماعية والشجاعة لإصلاح بلدنا».

وتابع الرئيس الفرنسي: «منذ 2008 عبرنا هذه الأزمة غير المسبوقة بالتأكيد ربما منذ قرن، اخترت قول الحقيقة للفرنسيين حول خطورة الأزمة. قلت لهم إنها تجربة ينبغي عدم التقليل من شأنها وعدم الإفراط في التهويل منها».

وسيلتقي ساركوزي، الأربعاء، الشركاء الاجتماعيين في «قمة أزمة» سيعرض خلالها سلسلة إصلاحات مثل استحداث ضريبة قيمة مضافة اجتماعية واتفاقات لتعديل دوامات العمل بهدف تعزيز تنافسية الشركات ووقف العمل بدوام الـ35 ساعة في الأسبوع، وفرض رسم على التعاملات المالية.

وفي الوقت الذي وصفت فيه المفوضية الأوروبية تخفيض «ستاندرد أند بورز»، لتصنيف الكثير من الدول الأوروبية بغير المنطقي، واصل السياسيون الأوروبيون سعيهم للتخفيف من وطأة هذه الخطوة، بينما اعتبرت وكالة «ستاندرد أند بورز» للتصنيف الائتماني أن هناك احتمالا بنسبة 40% بدخول منطقة اليورو في كساد خلال عام 2012. واعتبرت بروكسل في وقت سابق أن الكساد يشكل خلال العام الجديد خطرا حقيقيا أمام دول الاتحاد الأوروبي، بما فيها دول منطقة العملة الأوروبية الموحدة، اليورو.

وذكر متحدث باسم الوكالة أن النمو السلبي لدول العملة الموحدة يمكن أن يبلغ متوسط نسبة 1.5%، لكن يمكن أن تحدث انطلاقة للنشاط الاقتصادي في النصف الثاني من العام. وقررت «ستاندرد أند بورز»، الجمعة، خفض تصنيف ديون فرنسا والنمسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال ومالطا وسلوفينيا وقبرص، وجميعها تنتمي لمنطقة اليورو المتضررة بسبب «مشكلات سياسية ومالية ونقدية». وذكر محلل الائتمان في هذه الوكالة، مورتز كرايمر، أن تحليل «ستاندرد أند بورز» الذي قدم في المجلس الأوروبي في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي يظهر استمرار وجود «مخاطر منهجية» في منطقة اليورو، وهو ما أسهم في خفض الديون السيادية لهذه الدول. وأوضح أن أحد أسباب القلق في منطقة اليورو يكمن في «النزاع المطول» للاعبين السياسيين حول حلول مواجهة الأزمة. ويعرض خفض تصنيف هذه الدول درجة التصنيف القصوى لصندوق الإنقاذ المؤقت لمنطقة اليورو للخطر. ويحظى صندوق الإنقاذ الأوروبي بقدرة قيمتها 440 مليار يورو، على الرغم من أنها تقدر فقط بـ250 مليار يورو بعد استثناء المساعدات لليونان والبرتغال وآيرلندا، وهو مبلغ غير كافٍ لاقتصادات أكبر في منطقة اليورو مثل إيطاليا وإسبانيا. وقد أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن هذا التخفيض هو مؤشر على ضرورة التوجه قدما في عمليات الإنقاذ، حين قالت: «في أوروبا لا يزال الطريق طويلا أمامنا قبل أن نستعيد ثقة المستثمرين، والآن نحن مدعوون بسرعة إلى إقرار الاتفاق الضريبي وتنفيذه بشكل حاسم، دون أن نترك فيه أي مجال للتسرب».

وأظهرت المفوضية الأوروبية استياءها من قرار وكالة التصنيف «ستاندرد أند بورز» تخفيض التصنيف الائتماني لدول أوروبية وقال بيان صدر باسم المفوض الأوروبي أولي رين، المكلف بالشؤون النقدية والاقتصادية، إنه للأسف قرار سخيف. وأضاف أنه بعد التحقق من أن هذه المرة ليست من قبيل الصدفة، يؤسفني أن قرار وكالة التصنيف يتعارض مع إجراءات حاسمة في جميع الجبهات، وطرح مبادرات لتعزيز المالية والإصلاح الهيكلي في الدول الأعضاء، ومعالجة الهشاشة في القطاع المصرفي، فضلا عن أن قرارات للاتحاد الأوروبي والمصرف المركزي الأوروبي كان لها الأثر في تخفيف التوترات في سوق السندات السيادية، ولمح البيان إلى أهمية وضع اللمسات الأخيرة في أقرب وقت ممكن لآلية الاستقرار الأوروبي، وفقا لقرار القمة الأوروبية في ديسمبر الماضي، والآلية ستدخل حيز التنفيذ في يوليو (تموز) 2012. وأشار المسؤول الأوروبي إلى أنه ستتم إعادة تقييم مدى إمكانية رفع السقف الكلي في صندوق الإنقاذ أو آلية الاستقرار إلى أكثر من 500 مليار يورو وذلك بحلول مارس (آذار) المقبل. يأتي ذلك بعد أن اعتبرت المفوضية الأوروبية أن الكساد يشكل خلال العام الجديد خطرا حقيقيا أمام دول الاتحاد الأوروبي، بما فيها دول منطقة العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، وفي هذا الصدد، عبر الناطق باسم المفوضية الأوروبية، أوليفيه باييه، عن أن الجهاز التنفيذي الأوروبي يناشد حكومات الدول الأعضاء التصرف بحكمة في مجال تصحيح عجز الموازنة بالتوازي مع تعزيز النمو الاقتصادي. وأشار الناطق إلى أن المؤشرات الاقتصادية الأوروبية تشير إلى أن معدل النمو في دول اليورو سيكون للعام 2012 مقدرا بـ0.5%، مؤكدا أن هذا الرقم يجب أن يخضع للمراجعة في بعض الدول: «يجب التركيز على المعطيات والإحصاءات، وليس التقديرات؛ لأن بعض الدول أظهرت تفاؤلا نسبيا بشأن نسبة النمو الاقتصادي لديها»، وأوضح باييه أن المفوضية تأمل أن تركز الدول الأعضاء على إجراءات لتحفيز النمو والحفاظ على سوق العمل: «يجب العمل على الحفاظ على الاستثمارات في مجالات الطاقة النظيفة والتربية والشباب والبحوث والتحديث». وأقر المتحدث بصعوبة إقامة توازن بين إجراءات التقشف الرامية إلى تصحيح عجز الموازنات في الدول الأوروبية وبين العمل على تحفيز النمو الاقتصادي: «إن الأمر لن يتم إلا بواسطة إصلاحات هيكلية حقيقية وإجراءات حكيمة تسهم في تخفيض النفقات في مجالات محددة والحفاظ عليها في مجالات أخرى»، وحذر المتحدث من خطورة التباطؤ في إجراءات الإصلاحات، مما يجعل من الكساد أكثر خطورة وحدة، يُذكر أن بعض البلدان الأعضاء في منطقة اليورو، مثل بلجيكا، قد دخلت مرحلة الكساد؛ إذ سبق لمسؤولي المصرف المركزي أن أعلنوا الأمر مطالبين الحكومة بمراجعة إجراءاتها: «لقد تم تقدير معدل النمو بـ0.5% للعام الحالي، بينما هو في حقيقة الأمر 0.8% ومن هنا ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة إضافية»، حسب مصادر المصرف. وهددت وكالة «ستاندرد أند بورز» بخفض درجة تصنيف بلجيكا التي نجت الجمعة من خفض تصنيف تسع دول بمنطقة اليورو، في حال تجاوز مستوى ديونها الحكومية حاجز الـ100% من إجمالي الناتج المحلي. وذكر تقرير للوكالة حول الاقتصاد البلجيكي «في ما يتعلق بدرجة تصنيف بلجيكا توجد توقعات سلبية واحتمال خفض تصنيفها». وأوضح التقرير الذي نقلته وكالة الأنباء البلجيكية أن الانخفاض «يمكن أن يحدث في حال تجاوز معدل الديون الحكومية سقف الـ100% من إجمالي الناتج المحلي». وأضاف: «على العكس، يمكن أن يظل التصنيف عند درجته الحالية (AA) في حال كون الحكومة قادرة على الحد من ارتفاع الديون الحكومية». وتفيد أحدث التقديرات حول بلجيكا بأن الديون الحكومية لهذا البلد تبلغ 94% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2011. يذكر أن آخر خفض لتصنيف ديون بلجيكا وقع في 25 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عندما انتقل من «+AA» إلى «AA».