خبراء لـ«الشرق الأوسط»: لبنان يواجه مخاطر بفعل أزمة سوريا والدين العام وتراجع السياحة

«إيكونوميست» وصندوق النقد الدولي يتوقعان ا تراجع نمو الاقتصاد اللبناني في 2012

جانب من بيروت («الشرق الأوسط»)
TT

يواجه الوضع الاقتصادي والمالي اللبناني المزيد من الضغوط مع مطلع عام 2012، وذلك انطلاقا من التطورات في المنطقة، لا سيما مع تصاعد العقوبات العربية والدولية على سوريا، يضاف إليها ترقب تخفيض مؤسسة «موديز» لنشاط المصارف اللبنانية إلى سلبي بفعل الواقع الإقليمي، مما يزيد من مخاطر الدولة اللبنانية رغم محدودية النشاط المصرفي في الدول التي تشهد توترات.

ومن أبرز التحديات أمام الاقتصاد في لبنان، موضوع نمو الدين العام قياسا إلى الناتج المحلي، إذ تخطى حجم الدين العام 55 مليار دولار، بزيادة نحو 7% خلال عام، رغم تراجع تكلفة هذا الدين وخدمته من 3.3 مليار دولار في عام 2010 إلى 3 مليارات عام 2011. في المقابل، فإن النمو الاقتصادي لن يزيد عن 5.1%، وذلك رغم الحركة السياحية التي تنشط في المناسبات وباتت موسمية، علما بأنه كان يفترض أن تستفيد ولو جزئيا من فقدان سوريا لنحو 5 ملايين سائح، ومصر لأكثر من 8 ملايين سائح. وبحسب إحصاءات رسمية، فإن الحركة السياحية تراجعت بنسبة 24% خلال عام 2011 الماضي.

وفي السياق ذاته، فإن نسبة التضخم الجديدة للعام المقبل ستزيد عن 7 إلى 8%، فيما ارتفع مستوى البطالة وفقا لآخر تقديرات البنك الدولي بنسبة 11%، إضافة إلى عدم تجاوز النمو حدود 5.1% في العام المنصرم.

وزير المال السابق الدكتور محمد شطح تحدث عن مخاطر كبيرة على نمو الاقتصاد اللبناني في ضوء الأزمة الاقتصادية العالمية. ولفت إلى تراجع النمو من 8 إلى 1% خلال عام 2011، مرجحا أن لا يرتفع في العام المقبل نظرا للمخاوف الجدية من نتائج السياسة الاقتصادية والمالية المتبقية حاليا، بالإضافة إلى التطورات في المنطقة وارتفاع تكلفة الفاتورة النفطية.

ومن المعلوم أن الاقتصاد دخل في تباطؤ شديد منذ مطلع عام 2011 وبتأثير من التطورات الإقليمية التي تشهدها المنطقة، وخصوصا في سوريا، وبالتالي شهدت كل القطاعات تراجعا في مؤشراتها، مما أدى إلى تراجع نسب النمو إلى أقل من 1% في النصف الأول من العام المنصرم مقابل 8% في عام 2010. وسجل أداء مختلف القطاعات تراجعا لافتا ظهر بوضوح في قطاع الصادرات الصناعية، وفي حركة مطار بيروت الدولي، وفي الحركة السياحية، وفي حركة مشاريع البناء والعقارات، فتراجعت التدفقات الاستثمارية كما الموجودات المصرفية.

وكانت وكالة التصنيف الدولية «فيتش» اعتبرت في تقريرها حول الواقع الاقتصادي اللبناني الصادر مطلع العام الحالي أن التطورات السياسية والاقتصادية التي طرأت على لبنان، وضعت توقعات النمو عند مستوى منخفض يبلغ 5.2% وهي النسبة ذاتها التي كان حددها صندوق النقد الدولي في تقويمه الاقتصادي للمنطقة. كذلك وجد صندوق النقد في تقريره أن هذه النسبة «تفاؤلية» ولكنها لن تبقى عند هذا المستوى في عام 2012، لافتا إلى خط التضخم الذي بدأ يرتفع بفعل ارتفاع الأسعار وزيادة معدل البطالة.

وفي تحديثه لتقويمه الاقتصادي للمنطقة، يقول البنك في ورقة بعنوان «التحديات والفرص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» أن معدل النمو الاقتصادي في لبنان سينخفض 2.2 نقطة مئوية مقارنة بـ7% في 2010. على أن ينخفض مجددا في العام الجديد بفعل تراجع المؤشرات الاقتصادية.

وفي هذا المجال، أكد رئيس وحدة التحليل والأبحاث الاقتصادية في بنك «بيبلوس» الدكتور نسيب غبريل أن حركة الإصلاحات الاقتصادية في لبنان قد تستمر في عام 2012، ولكن بخطى بطيئة، إذ ستواجه مقاومة نتيجة استشراء الفساد والمحسوبية في النظام السياسي. وقال الدكتور غبريل لـ«الشرق الأوسط» إن توقعات النمو اللبناني للسنة الجديدة لن تتخطى 5.1%، وذلك بحسب «إيكونوميست»، وذلك بناء على التطورات الإقليمية، باعتبار أن لبنان الذي يعتمد على الخدمات في الدرجة الأولى، يستند في اقتصاده إلى الطلب الآتي إليه من الدول العربية، وخاصة من اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. وأضاف أن الاضطراب في بيروت، كما في دمشق، كان له تأثير حاد على النشاط الاقتصادي في العام المنصرم وفي العام الجديد. ولفت إلى أن «إيكونوميست» توقعت أن يكون أي انتعاش اقتصادي سنة 2012 مرتبطا بالمخاطر الهبوطية الجدية التي يمليها استمرار الأحداث في سوريا. كما أشار إلى أن الأداء الضعيف لقطاعات السياحة والمصارف والبناء خلال العام الماضي أظهر مدى حساسية الاقتصاد اللبناني تجاه الغموض السياسي.

وفي سياق متصل، لاحظ غبريل أن ملف تصحيح الأجور من شأنه أن ينعكس إيجابا على النشاط الاقتصادي، لأن زيادة الاستهلاك الناجمة عنه ستؤدي إلى التعويض عن النقص في مستوى الطلب الخارجي المتمثل بتراجع تحويلات المغتربين والنشاط السياحي.