البنوك المصرية تزيد استثماراتها بمصارف خارجية لمواجهة تقلبات السوق المحلية

وصلت إلى 15 مليار دولار بنهاية أكتوبر الماضي

TT

في الوقت التي تتفاوض فيه الحكومة المصرية للاقتراض من الخارج لسد عجز مالي متفاقم بعد الثورة، كشف البنك المركزي المصري عن قيام البنوك المحلية بزيادة إجمالي أرصدتها المستثمرة في المصارف الأجنبية بالخارج في شهر أكتوبر (تشرين الأول) بما يقترب من 9 مليارات جنيه دفعة واحدة، لتصل إلى 91.3 مليار جنيه (15 مليار دولار) بعد أن بلغت 82.4 مليار جنيه (13.6 مليار دولار) في نهاية العام المالي الذي يسبقه.

وتعد هذه الزيادة مخالفة لما دأبت البنوك على فعله خلال الشهور التي تلت ثورة 25 يناير، فقد خفضت البنوك المصرية من أرصدتها المستثمرة في الخارج بعد الثورة، لتسجل تراجعا 10.67% العام المالي الماضي (انتهي في يونيو «حزيران») بعد ارتفاعها 76.74% نهاية العام المالي قبل الماضي بحسب بيانات البنك المركزي.

وتتفاوض الحكومة المصرية للحصول على حزمة قروض ومساعدات مالية، منها 3.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، بعد أن حصلت بالفعل على مليار دولار مناصفة من المملكة العربية السعودية وقطر في وقت سابق.

وأرجع الخبير محمد النادي مدير الاستثمار بأحد أكبر البنوك العاملة في السوق المصرية زيادة استثمارات البنوك في الخارج إلى التحوط من تقلبات السوق المحلية، إضافة إلى تحسين شكلها لدى البنوك الأجنبية، وسط تخفيضات متتالية لجدارتها الائتمانية في الشهور الماضية، مشيرا إلى أن وضع النقد الأجنبي في مصر ما زال في حدود آمنة، والبنوك قادرة على تنفيذ عمليات فتح الاعتمادات للمستوردين رغم فقدان الاحتياطي ما يقرب من نصفه ليصل إلى 18 مليار دولار مطلع الشهر الحالي.

وأضاف النادي أن زيادة أرصدة البنوك في الخارج لا تعني التخلي عن تقديم قروض للشركات في السوق، أو التهرب من توفير احتياجاته، لكنها ترجع بشكل أساسي إلى الإجراءات التحوطية التي تتخذها البنوك للوصول إلى أفضل النتائج من توظيف الأرصدة التي لديها. وأشار النادي إلى أن البنوك لن تتخلى عن السوق لأن هذه الأرصدة لن يتم إيداعها في البنوك الخارجية بشكل مستمر، فالبنوك المحلية بإمكانها سحب هذه الأرصدة واستخدامها في أي وقت.

وقال النادي: «زيادة أرصدة البنوك في الخارج طبيعي، في ظل توقف الإقراض المحلي وتحوط البنوك في منح القروض على الرغم من الفائدة المتدنية التي تحصل عليها من التوظيف في الخارج».

من جانبه اعتبر أحمد آدم الخبير المصرفي تلك الزيادة عودة لوضع خاطئ استمر طوال الشهور الماضية رغم حاجة الاقتصاد المصري إلى تلك الأموال، خصوصا وأن توظيفها لا يضيف إلى البنوك المصرية قوة مالية، حيث تراجع عائد توظيفها بشكل كبير بسبب الظروف السيئة للاقتصاد الأميركي والأوروبي.

وطالب آدم برفع معدل توظيف الودائع إلى الإقراض في مصر الذي لا يتجاوز 50%، لامتصاص تلك الأموال التي كانت تستثمر في الخارج على الرغم من التدني الكبير لأسعار الفائدة بالخارج، وعلى الرغم من عدم زيادة الاستيراد حتى شهر مارس (آذار) الماضي، وهو ما يشير إلى احتمالات، أهمها: تخوف البنوك الأجنبية والعربية من الأوضاع بمصر، فزادت من إيداعاتها ببنوكها الأم. إما أن هناك خطابات ضمان وكذا اعتمادات مستندية استيراد وإما شيكات مقبولة الدفع كتحويل غير مباشر لأموال رجال أعمال مصريين ويجري التعامل معها بالخارج.

وقال آدم إنه لا يمكن استمرار البنوك المحلية في زيادة أرصدتها بالبنوك في الخارج بشكل ملحوظ طوال الشهور الماضية، وهو الأمر الذي يثير علامات استفهام كبيرة، خصوصا أن أوروبا وأميركا لا تمنح عائدات مناسبة على الإيداعات، بل هذا العائد متدنٍّ إلى أقصى درجة، ومن ثم فإنه ليس من المقبول أن تزيد هذه الأرصدة بالشكل الموجودة عليه.