اتصالات القادة الأوروبيين تسبق قمة بروكسل لإيجاد مخرج لأزمة الديون السيادية

بروكسل تجدد انتقاداتها لبودابست وروما تطرح سندات جديدة.. ومدريد تعلن انخفاض معدل التضخم

أزمة الديون السيادية وجع رأس كبير لساركوزي وقادة منطقة اليورو (رويترز)
TT

في ظل التحضيرات الجارية لقمة بروكسل، المقررة نهاية الشهر الحالي، ستنعقد القمة الثلاثية التي ستجمع قادة أكبر الاقتصاديات الأوروبية، ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، في غضون الأيام القليلة المقبلة، وتستمر الاتصالات بين عواصم أوروبية أخرى للتباحث حول سبل الخروج من أزمة الديون السيادية، وبالتزامن مع ذلك، طرحت الخزانة الإيطالية سندات ديون بقيمة أربعة مليارات و750 مليون يورو، لأجل ثلاث وعشر سنوات، بفائدة تقل عن نظيرتها في آخر عمليات بيع مماثلة. في حين أظهرت بيانات رسمية في مدريد انخفاض معدل التضخم الإسباني السنوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي بنسبة قدرها 0.5 في المائة، لتستقر معدلاته عند 2.4 في المائة مع نهاية عام 2011. وفي بودابست وبعد انتقادات صندوق النقد الدولي قالت الحكومة المجرية إنها مفتوحة على تغيير سياستها للفوز بالقروض المالية الدولية، لكنها طالبت البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي بطرح نقاش سياسي، وليس فرض آراء. ولكن جددت المفوضية الأوروبية طلبها للحكومة المجرية بإعادة النظر في القوانين المثيرة للجدل وإلا سيتخذ ضدها إجراءات قضائية، وطالب أعضاء في البرلمان الأوروبي وعدة عواصم أوروبية بتهديد المجر بمنعها من حق التصويت في اجتماعات الاتحاد الأوروبي.

وفي بروكسل، حيث مقر المفوضية الأوروبية، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، قال رئيس المفوضية، جوسيه مانويل باروسو: «نظل مشغولي البال من أن بعض التشريعات والقوانين يمكن أن تشكل انتهاكا فعليا للقوانين والتشريعات الأوروبية، سنستخدم كل قوتنا للتأكد من أن المجر تمتثل لمبادئ وأحكام وقيم الاتحاد الأوروبي». من جهته، أعرب رئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، عن قلقه من الضغط الذي تضعه الحكومة المجرية على مؤسسات الدولة، بما فيها البنك المركزي.

«البنك المركزي الأوروبي حذر جدا من الإشارات التي تظهر ضغط الحكومة المجرية على الجهات المتخذة للقرار، على أعضاء الدولة والبنك المركزي الوطني، وأعتقد أن الضغوطات غير منسجمة ومتناقضة مع روح المعاهدة».

وكانت المفوضية الأوروبية اتهمت بودابست بعدم بذل الجهد لخفض ديونها بما يتوافق مع متطلبات الاتحاد، وحذرت من تعليق الأموال الممنوحة لها، فيما تخشى الحكومة المحافظة في المجر من أن يهدد الضغط الأوروبي على استقلالية وسيادة مصرفها المركزي.

وفي برلين، أعلنت الحكومة الألمانية أن المستشارة أنجيلا ميركل ستزور، في نهاية الأسبوع المقبل، العاصمة الإيطالية، روما لتلتقي كلا من الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء الإيطالي الجديد، ماريو مونتي، لبحث آخر تطورات أزمة الديون في أوروبا.

وقال المتحدث الرسمي باسم حكومة برلين، شتيفن زايبرت، في مؤتمر صحافي حكومي، إن ألمانيا تهدف، من خلال هذه اللقاءات، التي تسبق لقاء رؤساء وحكومات دول الاتحاد الأوروبي، في نهاية يناير (كانون الثاني) في بروكسل إلى بحث تفاصيل تأسيس الاتحاد المالي الذي طرح على لقاءين عقدا هنا بين ميركل وساركوزي ومونتي.

يُذكر أن العاصمة الألمانية تشهد لقاءات ماراثونية بين المسؤولين الألمان ونظرائهم الأوروبيين من أجل التسريع في إخراج منطقة اليورو من أزمة الديون وبحث آخر التطورات والمقترحات وعلى رأسها تأسيس اتحاد مالي أوروبي إضافة إلى الاقتراح الفرنسي الرامي إلى فرض ضرائب على الصفقات البنكية وأسواق المال إضافة إلى الأزمة اليونانية. ووفقا لمصادر حكومية ألمانية، فإن رئيس الوزراء البرتغالي بيدرو باسوس كويلو، ونظيريه السويدي فريدريك رانيفيلد والنمساوي فيرنر فايمان سيزورون ألمانيا، الأسبوع المقبل، لتبادل الأفكار بخصوص ملف هذه الأزمة.

ومن وجهة نظر الكثير من المراقبين الأوروبيين، لم يفاجئ البنك المركزي الأوروبي خبراء الاقتصاد بإعلانه مؤخرا عن إبقاء سعر الفائدة الرئيسي منخفضا في أدنى نسبة له في تاريخه، أي في حدود نقطة مئوية، حتى يتمكن من تقييم تأثير سياسته النقدية الحالية على أداء اقتصاد منطقة اليورو.

وقال رئيس المركزي، ماريو دراغي: «التوترات المتواصلة في الأسواق المالية لا تزال تثبط النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو، بينما طبقا لبعض المؤشرات الصادرة مؤخرا هناك علامات مشجعة تدل على استقرار النشاط في مستويات منخفضة. التوقعات الاقتصادية تبقى محاطة بشكوك كبيرة ومخاطر معتبرة».

يُذكر أن المركزي الأوروبي كان قد رفع خلال السنة الماضية سعر الفائدة الرئيسي إلى نقطة ونصف نقطة مئوية، لكنه عاد إلى خفضه في الشهرين الماضيين بسبب أزمة الديون السيادية. وتوقع المركزي الأوروبي أن يتواصل تعافي اقتصاد منطقة اليورو تدريجيا في 2012، مدعوما بالتطورات التي ستحدث في مجال الطلب بالسوق العالمية، كما رأى أن معدل التضخم سيبقى فوق الهامش الذي حدده بنقطتين مئويتين خلال عدة شهور، قبل أن ينخفض إلى أقل من تلك النسبة.

وفي روما، طرحت الخزانة الإيطالية سندات ديون بقيمة أربعة مليارات و750 مليون يورو، لأجل ثلاث وعشر سنوات، بفائدة تقل عن نظيرتها في آخر عمليات بيع مماثلة.

وأوضح البنك المركزي الإيطالي أن الخزانة طرحت سندات بقيمة ثلاثة مليارات يورو لأجل ثلاث سنوات مستحقة السداد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 بفائدة بلغت 4.83 في المائة، أي أقل عن الـ5.62 في المائة في آخر عملية طرح مماثلة، جرت في 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

كما طرحت الخزانة سندات بقيمة 778.828 مليون يورو لأجل ثلاث سنوات، ولكن مستحقة السداد في يوليو (تموز) 2014 وبفائدة 4.29%.

وفيما يخص سندات ديون لأجل عشر سنوات فهي بقيمة 971.172 مليون يورو، وبفائدة بلغت 5.75 في المائة، أي أقل عن الـ6.98 في المائة في عملية الطرح الأخيرة.

وفاق معدل الطلب على سندات لأجل ثلاث سنوات مستحقة السداد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، الحد الأقصى الذي وضعته الخزانة، حيث وصل إلى 3 مليارات و652 مليون يورو.

ووصل معدل الطلب على السندات لأجل ثلاث سنوات مستحقة السداد في يوليو 2014 إلى مليار و773 مليون يورو، مما يعني زيادة قدرها نحو مليار يورو عن المبلغ الذي طرحته الخزانة.

وفيما يخص الطلب على سندات الديون لأجل عشر سنوات فقد وصل إلى مليار و558 مليون يورو، مقابل مبلغ الـ971.172 مليون يورو الذي طرحته الخزانة. وتعد عملية طرح الجمعة استكمالا للاتجاه الذي تتبعه الخزانة الإيطالية خلال العمليات الأخيرة لبيع سندات ديونها بفائدة منخفضة، خاصة بعد تغيير الحكومة والتصديق على أول الإصلاحات الاقتصادية التي قام بها رئيس الوزراء الجديد، ماريو مونتي.

وفي مدريد، أظهرت بيانات رسمية انخفاض معدل التضخم الإسباني السنوي في شهر ديسمبر الماضي، بنسبة قدرها 0.5 في المائة، لتستقر معدلاته عند 2.4 في المائة مع نهاية عام 2011.

وقال المعهد الوطني للإحصاء في بيان إن شهر ديسمبر يعد الشهر الثالث من الانخفاض المتتالي في معدلات التضخم السنوية، محققا بذلك أدنى مستويات مسجلة له منذ نوفمبر عام 2010 عندما بلغ آنذاك 2.3 في المائة.

وعزا البيان هذا الانخفاض إلى تراجع أسعار مجموعة المحروقات وزيوت التشحيم، وانخفاض أسعار مجموعة التبغ والمشروبات الكحولية في ديسمبر الماضي بمعدل ست نقاط لتستقر عند 4.2 في المائة، بينما انخفضت أسعار مجموعة النقل والمواصلات بمعدل نقطتين لتستقر عند 4.9 في المائة.

وأضاف أن معدل التضخم الأساسي السنوي الذي يستثني أسعار منتجات الطاقة والمواد الغذائية غير المصنعة بلغ 1.5 في المائة وانخفاض قدره 0.2 في المائة مقارنة بشهر نوفمبر الذي سبقه.

وكان معدل التضخم السنوي قد شهد في نوفمبر الماضي انخفاضا بنسبة 0.1 في المائة ليستقر عند 2.9 في المائة، وليضع بذلك حدا لـ11 شهرا من مستويات التضخم، التي فاقت نسبة الثلاثة في المائة، وكانت الحكومة الإسبانية توقعت انخفاضه إلى 1.7 في المائة بحلول نهاية عام 2011.