ازدياد الاهتمام العربي بالاستثمار في الهند

بعد قرار نيودلهي فتح باب البورصة الهندية أمام الأجانب

جانب من التداولات في بورصة مومباي (رويترز)
TT

مع اتخاذ الحكومة الهندية قرارا تاريخيا مطلع عام 2012 بفتح الباب للاستثمار المباشر في سوق الأسهم الهندية، ظهر بعد أسبوعين من جانب مستثمرين من العالم العربي اهتمام متزايد بالاستثمار في الهند.

«لقد كانت هناك بعض الاستفسارات الجادة المتعلقة بالاستثمار من العالم العربي. وقد أتت الاستفسارات من نطاق واسع من المستثمرين. فقد أعرب بعض كبار مديري صناديق الاستثمار والأسر ذات النفوذ من الشرق الأوسط عن رغبتهم في الاستثمار بالهند»، على حد قول توماس ماثيو، السكرتير المشترك في قسم أسواق رأس المال بوزارة المالية الهندية.

وعلى الرغم من انخفاض قيمة الروبية وكساد أسواق الأسهم الهندية، فإن كلا من المملكة العربية السعودية وقطر قد أوصلتا لنيودلهي رغبتيهما في نقل جزء من استثماراتهما من الغرب إلى الهند.

في يوم 1 يناير (كانون الثاني) الحالي، أعلنت الحكومة الهندية عن نظام سيسمح للأفراد الأجانب وصناديق التقاعد الأجنبية وصناديق الاستثمار الأجنبية بالاستثمار بشكل مباشر في سوق الأسهم الهندية. ولم يكن مسموحا من قبل لهؤلاء المستثمرين، المعروفين باسم «المستثمرين الأجانب المؤهلين»، سوى بالاستثمار في صناديق الاستثمار المشتركة الهندية.

على مدار فترة طويلة، أبقى المسؤولون الهنود المستثمرين الأفراد الأجانب بمعزل عن الاستثمار في الهند، متذرعين بأن السماح بدخولهم سوق الاستثمار الهندية من شأنه أن يؤدي إلى تدفق كم هائل من الأموال من مصادر مشكوك فيها. ونتيجة منعهم من الدخول المباشر لأسواق الأسهم الهندية، تعين على المستثمرين الأفراد الأجانب وغيرهم من المستثمرين المؤسسيين دخول الأسواق من خلال سندات المشاركة، وهو نوع من المشتقات يسمح للكيانات الأجنبية بتداول الأسهم في السوق الهندية دون الكشف عن هويتهم.

وفي خطاب مرسل إلى وزير المالية براناب موخيرجي، رحب أحد أقطاب العقارات في الشارقة بقرار الحكومة الهندية، قائلا: «عدد كبير من مكاتب الأسرة الكائنة في الإمارات العربية المتحدة والتي تربطها علاقات تجارية بنظيرتها في الهند، ستكون أول المتجهين للمشاركة في هذه المبادرة والترويج لها».

ومع ذلك، فقد طلب من وزارة المالية الهندية تقديم توضيحات بشأن ما إذا كان سيسمح للأفراد أو المجموعات أو الاتحادات الموجودة في الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بالتداول في سوق الأسهم الهندية أم لا.

وقد أثير هذا التساؤل نظرا لأن قرار وزارة المالية الهندية يحدد شرطين للسماح للمستثمرين الأجانب باستثمار أموالهم في بورصات الأسهم في الهند.

أما عن المستثمرين، فيجب أن يكونوا من دول خاضعة لمجموعة العمل المالي المالية، وموقعين لدى المنظمة الدولية لهيئات سوق المال. وتعزز مجموعة العمل المالي سياسات دولية لمكافحة غسل الأموال والأنشطة المالية الإرهابية.

وفي حين يتمتع مجلس التعاون الخليجي بعضوية كاملة في مجموعة العمل المالي، فإن البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لا تتمتع بعضوية كاملة فيها. إلى جانب ذلك، فمن بين دول مجلس التعاون الخليجي، لا يتمتع بعضوية في المنظمة الدولية لهيئات سوق المال، سوى البحرين ودبي فقط.

وقد أعلن عن قرار إلغاء القيود المفروضة على عملية تداول الأسهم يوم 1 يناير وسط مخاوف متزايدة إزاء تباطؤ معدل النمو في الهند وهروب كم كبير من رؤوس الأموال الأجنبية للخارج أثناء عام 2011. وتتأثر سوق الأسهم الهندية التي يبلغ رأسمالها تريليون دولار، خامس أكبر سوق أسهم في آسيا، بتدفقات أموال من الخارج. وزاد حجم رأس المال الآتي من الخارج مسجلا رقما قياسيا في عام 2010، مما يجعل «سينسيكس» الأفضل أداء بين أكبر 10 أسواق في العالم. ومع ذلك، فقد تم بيع أسهم هندية بلغ صافي سعرها 358 مليون دولار في عام 2011.

وفي أغسطس (آب) من العام الماضي، سمحت الحكومة الهندية للمستثمرين الأجانب بالاستثمار المباشر في أسهم وديون لصناديق استثمار مشتركة تصل قيمتها إلى 13 مليار دولار. وبعد السماح للمستثمرين الأجانب المؤهلين بالتعامل المباشر في نظم صناديق الاستثمار المشتركة، أصبح ينظر للاستثمار المباشر في أسواق الأسهم بوصفه خطوة تالية منطقية.

ويقول محللون إن اللوائح الجديدة قد تم وضعها للتعامل مع المشكلة، حيث كان معدل شراء المستثمرين الأجانب الأسهم الهندية قد بدأ يقل بسبب ضعف النمو المحلي وحالة الشك السائدة في العالم.

وقال هيمين كاباديا، الرئيس التنفيذي بشركة «تشارت بونديت»، شركة الاستشارات الاستثمارية الكائنة في مومباي: «هذه السياسة تلقى استحسانا، نظرا لحاجة الهند لرأسمال أكبر».

وسوف يشمل المستثمرون الأجانب المؤهلون مجموعات أو اتحادات كائنة في دولة أجنبية، التي تلتزم بمعايير الحماية الدولية.

وقد تم تثبيت حد الاستثمار للأفراد من المستثمرين الأجانب المؤهلين عند نسبة 5 في المائة، وللمؤسسات عند نسبة 10 في المائة، من رأس المال المدفوع من الشركة الهندية. وسوف يسمح لهم بالاستثمار من خلال وسطاء مسجلين لدى مجلس الأوراق المالية والبورصة في الهند.

ويحق للمستثمر الأجنبي المؤهل فتح حساب تجريبي وحساب تداول واحد لدى أي وسيط مؤهل. ويهدف الأخير إلى ضمان أن المستثمرين الأجانب المؤهلين يلبون جميع المتطلبات التنظيمية. ومن المتوقع أن يصدر مجلس الأوراق المالية والبورصة وبنك الاحتياطي في الهند النشرات وثيقة الصلة الأسبوع المقبل.