سوق الأسهم السعودية محط أنظار عالمية وتسيل لعاب المستثمرين الأجانب

مع استعدادها لفتح أبوابها أمام الاستثمار الأجنبي المباشر

جانب من تداولات الأسهم السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

توقع خبراء اقتصاديون وماليون في سوق الأسهم السعودية أن يساهم دخول المستثمر الأجنبي إلى السوق في المملكة في زيادة مستويات السيولة، التي افتقدتها السوق منذ الأزمة المالية، مطالبين بعدد من الضوابط التي تساهم في عدم تكرار أزمات حدثت في دول أخرى، والتي يتصدرها تقييد خروج المستثمر الأجنبي من السوق.

وقال فضل البوعينين، الخبير الاقتصادي السعودي، لـ«الشرق الأوسط»، إن دخول الأجانب إلى سوق الأسهم، سيساهم في إدخال السيولة الاستثمارية، إضافة إلى تدعيم الاستثمار المؤسسي الذي يعتمد عليه الاستثمار الأجنبي، مما يؤدي إلى مساعدة السوق، وتدعيم صناعته.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن سوق الأسهم السعودية بحاجة لدخول المستثمر الأجنبي إلى السوق بعد انخفاض قيمته، وعدم ارتفاعها مرة أخرى من جديد، مبينا أن تدعيم صناعة السوق والاستثمار المؤسسي بالسيولة الجديدة يعمل على تحقيق النمو في أسعار الأسهم.

من جانبه، قال الدكتور رجاء المرزوقي، أستاذ الاقتصاد المشارك في المعهد الدبلوماسي السعودي، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن دخول المستثمر الأجنبي إلى السوق السعودية في الفترة الحالية سيوفر السيولة، مؤكدا أن الاقتصاد السعودي في الوقت الراهن توجد به سيولة كبيرة، إلا أن سوق الأسهم عانت خلال أزماتها ما بين 2006 إلى 2008 انخفاض الثقة، التي أدت إلى انخفاض السيولة، كما أشار إلى سلبيات دخول المستثمر الأجنبي على الأسهم، وهي سهولة خروجه ودخوله دونما تقييد لحركته، مما يساهم في ذبذبة السوق، التي تتسبب في ترتيبات في الأسعار لأهداف أخرى.

وذكّر خلال حديثه بأنه في عام 1997 حدثت أزمة في عدد من الأسواق الآسيوية، التي أتت نتيجة السماح بالدخول والخروج في السوق، موضحا أنه «عند الاستفادة من دخول المستثمر الأجنبي وتقليل تأثيراته السلبية، يجب عمل ارتباط الخروج بفترة زمنية محددة عند خروجه، ولا يجب السماح بخروج المستثمر الأجنبي متى ما شاء»، منوها في ذات السياق إلى وجوب فرض ضريبة عالية عند خروج المستثمر الأجنبي من السوق في فترة مبكرة.

وأشار الدكتور رجاء إلى أن من فوائد دخول المستثمر الأجنبي أنه «سيدعم السوق من الناحية المؤسسية، لأن المستثمر الأجنبي سيدخل إلى السوق المحلية السعودية عبر محافظ ومؤسسات مالية وليس أفراد، وهذا سيغير تركيبة السوق من الأفراد الذين يمثلون الأغلبية إلى المؤسسات والمحافظ». وكانت تقارير مصرفية عالمية تحدثت عن أن حصة المستثمرين الأجانب في سوق الأسهم السعودية، قد تزيد بمقدار 5 أضعاف في غضون عامين بعد السماح بالشراء المباشر في البورصة.

وأشار التقرير إلى أن السوق السعودية تشهد شراء 400 مليون دولار إلى 600 مليون دولار من الأسهم في الشهر، وذلك باستخدام اتفاقيات المبادلة، التي تشكل 2.5 في المائة إلى 3 في المائة من السوق السعودية الكاملة.

وبحسب تقرير لوكالة «بلومبيرغ» العالمية، فإنه من المتوقع أن تتزايد حصة المستثمرين الأجانب في سوق الأسهم السعودية، الأضخم في العالم العربي، إلى خمسة أضعاف خلال العامين المقبلين في أعقاب سماح البورصة بعمليات الشراء المباشر، بحسب مصرفي في مجموعة «رويال بنك أوف اسكوتلندا».

وهنا، توقع فضل البوعينين، الخبير الاقتصادي السعودي، لـ«الشرق الأوسط»، أن تؤدي القيمة الاقتصادية التي تطرق لها التقرير إلى مضاعفة السوق إلى 5 أضعاف، وهو رقم قد يكون مبالغا فيه.

وبين البوعينين أن التقرير يركز على السيولة المضاربية، منوها إلى أن التقرير تحدث عن السيولة في فترات قصيرة، بينما أشار إلى أن السوق السعودية تحتاج إلى «السيولة الساخنة»، متوقعا أن تنتعش السيولة الاستثمارية التي تدعم السوق.

وبحسب «بلومبيرغ»، تتراوح قيمة مشتريات المستثمرين الأجانب من الأسهم ما بين 400 إلى 600 مليون دولار شهريا عبر اتفاقات مقاصة، وهو ما يشكل، بحسب غالين مور، رئيس إدارة الأسهم والتمويل في المصرف (الوحدة التي تقدم شهادات الأسهم الخاصة التي تمثل الحصص)، في مقابلة في دبي: «2.5 إلى 3 في المائة من إجمالي السوق السعودية. ولن أندهش إذا ارتفع هذا الرقم خلال ثمانية عشر شهرا أو العامين القادمين إلى أكثر من ذلك ليصل إلى 10 أو 15 في المائة للمستثمرين الأجانب في السوق».

ويجري منظمو السوق السعودية مناقشات مع المصارف الدولية لفتح البورصة السعودية أمام المستثمرين الأجانب في الربع الأول من العام الحالي، بحسب تصريحات لثلاثة من المطلعين على المناقشات في أكتوبر (تشرين الأول). جدير بالذكر أن السعودية، أضخم اقتصاد في العالم العربي، لا تسمح للأجانب غير المقيمين بها بامتلاك الأسهم بشكل مباشر في الشركات المدرجة بالبورصة. ويسمح للأجانب بالمضاربة عبر تحويلات مبادلة الأسهم وصناديق المؤشرات المتداولة، مع موافقة منظمي السوق للمرة الأولى على صناديق المؤشرات المتداولة في مارس (آذار) 2010.

وقال مور في المقابلة التي جرت يوم الأحد: «إن مصرف (رويال بنك أوف اسكوتلند) عرض عقود المبادلة للأسهم السعودية في ديسمبر (كانون الأول) 2010، وأن البنك حقق عائدات جيدة، ولذا إن كنت ستعمل في الشرق الأوسط يجب أن تكون في المملكة العربية السعودية بسبب الحجم والتنوع الذي تقدمه». ويبلغ حجم مؤشر سوق المال السعودية 1.29 تريليون ريال سعودي (344 مليار دولار). يأتي ذلك مقارنة بمؤشر «بلومبيرغ جي سي سي 200» الذي يصل إلى 641 مليار ريال، والذي يضم أكبر 200 شركة في دول مجلس التعاون الخليجي.

هذا وقد شهد مؤشر السعودية ارتفاعا بلغ 0.1 في المائة وصل إلى 6.562.74 نقطة يوم الاثنين في الرياض، ويرفع أرباح العام الحالي إلى 2.3 في المائة. وقد ارتفع مؤشر الأسواق الناشئة «إم إس سي آي» 10 في المائة، بينما انخفض مؤشر «بلومبيرغ جي سي سي 200» بأقل من 0.1 في المائة خلال هذه الفترة.

برغم ذلك، أشار عبد الله السويلمي، الرئيس التنفيذي، الشهر الماضي إلى أن الحكومة السعودية لم تضع جدولا زمنيا لفتح أسواقها أمام الأجانب، وأنها سمحت لمواطني دول الخليج العربي بتداول الأسهم بها منذ عام 2007. وكانت المملكة العربية السعودية قد عززت من الإنفاق خلال العامين الماضيين، شمل خطة بقيمة 384 مليار دولار لبناء بنية تحتية وإقامة مشاريع صناعية. وقد توسع اقتصاد المملكة، التي تحوي 19 في المائة من احتياطيات النفط العالمي، بنسبة 6.8 في المائة خلال عام 2011. وأعرب وزير المالية السعودي إبراهيم العساف، في 27 يناير (كانون الثاني) عن توقعاته بتوسع السوق السعودية إلى أكثر من 6 في المائة العام الحالي.

وقال مور: «الكل يتحدث بشأن دول بريك، البرازيل وروسيا والهند والصين، لكن الشرق الأوسط يقدم المواد الخام التي تدير النمو لهذه الدول». ويضم مؤشر تداول 150 شركة، من بينها شركة الصناعات الأساسية السعودية، أضخم صانع للبتروكيماويات في العالم وشركة «الاتصالات السعودية» - أضخم شركة هواتف في العالم العربي من ناحية الأصول.

ويقول مور: «طموح المملكة العربية السعودية هو الحصول على أموال طويلة الأجل في السوق، ومن خلال الاتصال المباشر بمؤسسات السوق مثل شركة (كاليفورنيا بابلك إمبولييز رتايرمنت سيستم) - أضخم صناديق المعاشات العامة الأميركية بأصول تبلغ 229.5 مليار دولار - سنتمكن من الاستثمار».