توقعات بنكية بارتفاع أسعار النفط إلى 150 دولارا في حال إغلاق مضيق هرمز

سعيد الشيخ: استمرار المناوشات الكلامية سيرفع الأسعار إلى 115 دولارا حتى تنتهي الأزمة في المنطقة

د. سعيد الشيخ نائب أول الرئيس في البنك الأهلي ومانجيت شابرا المدير العام لدان برادسـتريت لجنوب شـرق آسيا والشرق الأوسط
TT

توقع مسؤول بنكي في السعودية أن تصل أسعار البترول إلى 150 دولارا للبرميل في حالة حدوث أي اصطدام عسكري في مضيق هرمز، مشيرا إلى أنه في ظل استمرار المناوشات الكلامية فإن الأسعار ستكون في حدود 115 دولارا حتى تنتهي الأزمة في المنطقة.

وأوضح الدكتور سعيد الشيخ، نائب أول الرئيس كبير الاقتصاديين بالبنك الأهلي التجاري في السعودية، أنه في ظل التوترات السياسية في الخليج من المتوقع أن تكون مستويات الأسعار مرتفعة خلال الشهر الحالي؛ لذلك فإن التطورات السياسية في المنطقة وأداء الاقتصاد العالمي حافظت على بقاء الأسعار فوق مستوى 100 دولار للبرميل.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي كشف فيه البنك الأهلي التجاري ودان أند براد ستريت لجنوب شرقي آسيا والشرق الأوسط المحدودة عن نتائج تقرير الربع الأول لعام 2012 لمؤشر البنك الأهلي ودان أند براد ستريت للتفاؤل بالأعمال في السعودية الذي سجل انخفاضا لمؤشر تفاؤل الأعمال لمستوى أسعار البيع ليصل إلى 27 نقطة في الربع الأول من عام 2012، منخفضا من 52 نقطة في ربع العام السابق، وبلغ المعدل السنوي للتضخم بالسعودية 5% في الربع الثالث من عام 2011 مقارنة مع ربع العام المناظر من العام السابق.

وعلق الشيخ بالقول: «إن عام 2011 شهد انخفاضا في أسعار السلع عالميا، والمتوقع أن يستمر هذا الانخفاض في 2012، إضافة إلى أن قيمة الدولار ارتفعت أمام اليورو، وبالتالي المتوقع أن يكون هناك خفض في التضخم المستورد الذي من المفترض أن ينعكس على الأسعار».

وحول حجم تمويل البنوك قال كبير والاقتصاديين بالبنك الأهلي التجاري: «لقد ارتفع التمويل في 2011 مقارنة بـ2010 الذي كانت الزيادة في التمويل فيه 34 مليار ريال (9 مليارات دولار)، بينما تجاوزت الزيادة في 2011م 80 مليار ريال (21.3 مليار دولار)، والمتوقع أن وتيرة الزيادة في التمويل للتجزئة والشركات تستمر في 2012». وزاد: «بداية لأن البنوك السعودية تمتلك من السيولة ما يكفي للقيام بالتوسع في التمويل، ولوجود عدد من المشاريع الكبيرة التي ستعتمد من الدولة هذا العام، الأمر الذي يتطلب تمويلا للمقاولين وأيضا هناك مشاريع صناعية، مما يستدعي مشاركة البنوك، وهناك مشاريع في الكهرباء».

واستطرد: «أما في ما يخص التجزئة فهناك توقع باستمرار زيادة التمويل، خاصة تمويل المساكن، الذي تبين خلال العام الماضي زيادته؛ حيث إن معظم البنوك، إن لم يكن جميعها، تتجه لزيادة التمويل السكني في ظل ارتفاع الطلب على السكن في البلاد».

وحول التوقعات المحتملة في أسعار النفط، أشار كبير الاقتصاديين، على هامش المؤتمر، إلى أنه «في هذه الظروف والتطورات السياسية من الصعب التكهن بأنه إلى أين تتجه الأمور أو تحديد ذلك، ربما نضع أكثر من تصور، فالتوقعات في الربع الأول في حدود 115 دولارا لبرميل البرنت أو العربي الخفيف، لكن إذا ساءت الأمور أكثر مما هي عليه الآن وأصبح هناك صدام عسكري أو نفذت إيران تهديداتها بإغلاق المضيق ستتجه أسعار النفط للارتفاع أكثر مما هي عليه، حتى إن كان إغلاقا جزئيا، فإن أسعار النفط قد تتجاوز 150 دولارا للبرميل خوفا من انقطاع أو انخفاض إنتاج النفط على مستوى العالم».

وبين الشيخ: «هناك تصور آخر أيضا لكون ما يحدث الآن لا يتعدى تصريحات ملتهبة من قبل إيران لإبقاء أسعار النفط مرتفعة ولرفع تكلفة التأمين على الشاحنات التي تدخل منطقة الخليج حتى يصبح تطبيق منطقة حظر نفط على إيران غير فاعل، بمعنى أن ارتفاع الأسعار قد يجعل عملية تطبيق الحظر غير فاعلة؛ لأنه سيصبح ذا تكلفة عالية للدول التي تنفذ هذا الحظر، ويبدو أن هذا ما يدور في أذهان الإيرانيين وهذه الرؤية أن إيران لن تتجه لصدام عسكري وإنما ستبقي التصريحات النارية».

وحول نتائج المسح علق الشيخ: «إن التأثير كان بشكل كبير بزيادة حالة عدم التيقن العالمية، خصوصا إثر المخاوف حول تبعات أزمة الديون السيادية للدول الأوروبية على آفاق النمو الاقتصادي العالمي، وجاءت ثقة الأعمال السعودية متجهة إلى الضعف في الربع الأول من عام 2012 مقارنة مع الربع الرابع لعام 2011، ونتيجة لذلك فإن 31% من عينة المسح في القطاع غير النفطي أشاروا إلى أنهم لا يتوقعون عوامل سلبية تؤثر على أعمالهم في الربع الأول من عام 2012 مقارنة بنسبة أعلى عند 46% في الربع الرابع من عام 2011».

وعلى الرغم من تدني ثقة الأعمال للربع الأول من عام 2012 مقارنة مع الربع السابق، فقد تحسن مؤشر التوسع في الأعمال للربع الأول من هذا العام مقارنة بالربع الرابع من عام 2011. وفي الحقيقة فإن نسبة 60% من الشركات العاملة في القطاع غير النفطي أبدت استعدادها للاستثمار في توسعة أعمالهم لهذا الربع ليرتفع من نسبة 51% للربع الرابع من العام الماضي، وهذا بوضوح يشير إلى أن نشاطات الأعمال في السعودية تفترض أن الاعتدال في مؤشر التفاؤل لهذا الربع أمر قصير الأجل، وأن زيادة عدد الشركات التي تتجه إلى التوسع في الاستثمار تؤكد قناعة قطاع الأعمال بأن آفاق النمو تبقى قوية في المدى المتوسط.

هذا وقد أشار مؤشر المسح للتفاؤل بالأعمال إلى أن الانتعاش الاقتصادي أصيب بعدد من العوامل، بدايتها كان التسونامي المدمر باليابان، وتبعته أحداث الربيع العربي، والخلافات حول توجهات السياسة المالية في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، في الوقت الذي اشتدت فيه حدة مشاكل الديون السيادية في أوروبا. وسيشهد نمو الاقتصاد العالمي المزيد من التباطؤ في عام 2012، عاكسا تأثير العوامل الوارد ذكرها أعلاه وغيرها من العوامل السالبة، وأبرزها السياسات التقشفية في الكثير من الدول المتقدمة، وتقييد الائتمان في بعض الاقتصادات النامية والناشئة الرئيسية، وما لأزمة الديون السيادية في منطقة اليورو من أثر سلبي على التجارة العالمية والائتمان والأوضاع المالية. وتقدر الأمم المتحدة نمو الإنتاج الكلي للعالم بمعدل 2.6% عام 2012 و3.2% عام 2013، وهي معدلات تقل عن معدلات ما قبل الأزمة المالية العالمية.

من جانبه، علق مانجيت شابرا، المدير العام لدان براد ستريت لجنوب شرقي آسيا والشرق الأوسط المحدودة، على نتائج المسح قائلا: «لقد ظلت الشركات السعودية متفائلة جدا حول آفاق وتوقعات الأعمال لبداية عام 2012، إلا أنه لوحظ هبوط في مستويات التفاؤل مقارنة بربع العام السابق وتراجع مؤشر التفاؤل بالأعمال لقطاع النفط والغاز من 63 إلى 40 نقطة، مما يشير إلى توقعات نشطة وإن كانت أقل تفاؤلا من ربع العام السابق، ويعود ذلك أساسا إلى أن المشاركين في المسح يتوقعون أن تبقى أوضاع الأعمال دون تغيير».

وأضاف المدير العام لدان براد ستريت: «بدأت السعودية في خفض إنتاجها النفطي الذي سبق أن رفعته من قبلُ لتعويض النقص الناتج في الإنتاج الليبي وفي القطاعات بخلاف قطاعي النفط والغاز، وانخفض مؤشر التفاؤل قليلا بمعدل 6 نقاط هامشية».

وأبدى قطاع الصناعة مستويات تفاؤل أقوى عنه في ربع العام السابق. وعلى الرغم من الاعتدال في مستويات المؤشر المركب فإن آفاق وتوقعات كل القطاعات الأخرى تبقى قوية لعام 2012.