أوقات عصيبة تحدد مستقبل اليونان

رئيس الوزراء وزعماء الأحزاب يناقشون جميع الملفات لاتخاذ القرار الحاسم

رئيس الوزراء اليوناني لوكاس باباديموس (يمين) وإلى جواره ئيس حزب لاوس الأرثوذوكسي جورج كاراتسافيرسي وخلفهما رئيس الوزراء السابق جورج باباندريو (إ.ب.أ)
TT

ما زالت اليونان في حيرة من أمرها، حيث تشهد الساعات الأخيرة مناقشات ومفاوضات مكثفة على جميع الأصعدة لتحديد مستقبل بلاد الإغريق، التي تعاني من عبء الديون الثقيلة، وإنقاذها من الإفلاس يتطلب الموافقة على قرارات وإجراءات تقشفية صارمة حتى تحصل على القرض الثاني من المساعدات والذي يمكنها من سداد شريحة أرباح وديون قيمتها 14.4 مليار يورو في العشرين من مارس (آذار) المقبل، ومن دون ذلك فلا مفر من الإفلاس.

ويشبه قصر ماكسيمو وسط أثينا خلال الساعات الأخيرة بخلية النحل، من حيث اللقاءات والمفاوضات سواء على الصعيد المحلي بين رئيس الوزراء لوكاس باباديموس مع وزراء حكومته المخولين بالملفات الاقتصادية والتنموية، أو مع خبراء الترويكا الدائنين لليونان من جهة، أو الممثلين عن الدائنين من القطاع الخاص ومعهد التمويل الدولي من جهة أخرى، للتوصل إلى اتفاق بشأن خفض ديون القطاع الخاص بطريقة طوعية إلى 50 في المائة أو 100 مليار يورو، ولكن يبدو أن الاتفاق حتى الآن وصل إلى خفض 70 في المائة.

من جانبه، حذر وزير المالية ونائب رئيس الوزراء إيفانجيليوس فينيزيلوس من ضياع الوقت وضياع الفرصة الأخيرة لإنقاذ البلاد، موضحا أن أمام بلاده 24 ساعة لإبرام اتفاق مع منطقة اليورو بشأن حزمة قروض الإنقاذ، واتفاق تبادل السندات مع الدائنين بالقطاع الخاص بهدف مواجهة الأزمة والخروج من أزمة الديون.

وذكر المسؤول اليوناني أن المفاوضات دخلت مرحلة حرجة وأن مباحثاته الأخيرة عبر دائرة هاتفية مغلقة مع وزراء مالية منطقة اليورو كانت صعبة للغاية، واجه خلالها وابلا من التحذيرات والاتهامات في إشارة إلى نفاد صبر الأوروبيين من عدم تنفيذ اليونان الصريح لإصلاحات اقتصادية هيكيلة.

ويتمركز جوهر الخلاف في المفاوضات بين اليونان والدائنين الدوليين في نقطتين مهمتين، هما تقليص كلفة أجور العمال وتخفيض الحد الأدنى للأجور وإقرار إجراءات جبائية جديدة ترمي لتحقيق نسبة العجز المستهدفة بعدما دخلت أثينا في ركود اقتصادي أكبر من المتوقع، ويطالب الدائنون اليونان بتقليص إضافي للإنفاق بنحو ملياري يورو وهو ما يمثل 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وعلى الأرض يوجد خلاف بين رئيس الوزراء وزعماء الأحزاب المشاركة في الحكومة، حيث هدد باباديموس بالاستقالة إذا رفض زعماء الأحزاب الموافقة على التدابير الجديدة، حيث يرفضون تقليص عدد موظفي القطاع العام في وزارة التربية والتعليم وأيضا وزارة الدفاع، خفض الحد الأدنى للأجور الذي يبلغ حاليا 750 يورو شهريا.

في غضون ذلك، يهيمن الغضب الكبير على الشارع اليوناني ويتناول المحللون هذه الأزمة كل بطريقته الخاصة، حيث ارتفعت الأصوات الغاضبة أخيرا، تستعجب من رئيس بعثة صندوق النقد الدولي بول طومسون الذي يطالب بخفض الحد الأدنى للأجور في حين أنه يتقاضي 242 ألف دولار سنويا وهو ما يعادل أجر 35 موظفا يونانيا أو 53 موظفا برتغاليا وفقا للحد الأدنى، وعلاوة على ذلك فإنه يتلقى فوائد مستمرة وحق الرعاية الصحية المثالية والمكافآت والامتيازات لعائلته.

من جهة أخرى، حدد مسؤول حكومي عدة صعوبات في المفاوضات مع الترويكا، مشددا على أن حل القضايا التي أثارتها اللجنة الثلاثية الترويكا يعتمد على كيفية إدارة اليونان لهذه القضايا، مشيرا إلى أن لقاء رئيس الوزراء مع القادة السياسيين بحاجة إلى اتخاذ قرارات محددة جدا وصعبة للغاية، مشيرا إلى أن البلاد تضرر كثيرا من جراء تأثير القضايا العمالية، موضحا أن ممثلي الترويكا يريدون المساعدة في القدرة التنافسية للاقتصاد اليوناني من خلال خفض الأجور وتسريح العمال، ولكن هذا وفقا لفهمهم هم فقط. من جانبه، حذر وزير الدفاع اليوناني ديميتريس أفراموبولوس من أن صبر الفئات الاجتماعية في بلاده بلغ حدوده بعد عامين من التقشف، وتشهد أثينا اعتصامات واحتجاجات من قبل الغاضبين، حيث هاجم نحو ثلاثين شابا منزل الرئيس اليوناني كارولوس بابوليس مما سبب خسائر في المبنى وسيارات كانت على مقربة منه، كما نجع أعضاء تابعون لاتحاد نقابات العمال «بامي» في تنظيم اعتصام واحتجاج أمام بوابة قصر ماكسيمو مقر رئاسة الوراء، بينما يتم تنظيم مسيرات ومظاهرات فئوية في مختلف القطاعات، ربما يتطور كل ذلك إلى غضب شعبي وجماهيري لاحقا.