«ثبات سعر الذهب» في السوق السعودية يعيد الطمأنينة إلى محلات الصاغة

بعد خسائر وصلت إلى 40%

أحد محلات الصاغة في مدينة جدة («الشرق الأوسط»)
TT

يسعى تجار الذهب في الفترة الحالية، لتعويض خسائر القوة الشرائية، التي تسبب فيها ارتفاع الذهب بشكل كبير، مما جعل الكثيرين يحجمون عن ارتياد سوق الذهب، في الوقت الذي تراجعت فيه القوة الشرائية بنسبة 40 في المائة.

وأجمع عدد من تجار الذهب، على استعادة السوق لعافيتها في الشهرين الأخيرين، معتبرين أن نأن ثبات سعر الذهب في هذه الفترة أعاد الطمأنينة في نفوس مرتادي سوق الذهب والصاغة، إلى جانب تأقلمهم على الأسعار الحالية. وأرجع متعاملون في سوق الذهب، فترة الركود التي شهدتها السوق في الفترة الماضية، إلى تذبذب أسعار الذهب بشكل متسارع، مما أفقد السوق زبائنها تخوفا من ما يحدث.

وأرجع محمد العماري عضو لجنة الذهب والمجوهرات في الغرفة التجارية والصناعية بجدة، والمدير التنفيذي لشركة أبناء سالم العماري ذلك لتسارع الأحداث السياسية في المنطقة، وانخفاض الدولار.

وأوضح أن الفتور الذي ساد حركة القوة الشرائية للذهب تسبب فيه تذبذب أسعار الذهب بين صعود وهبوط، معتبرا أن فترة ثبات السعر على وتيرة واحدة، كما هو الحال في الفترة الأخيرة، أنعشت نوعا ما حركة البيع والشراء نظرا لتأقلم الناس على الوضع الحالي. واتفق تاجر المجوهرات عبد الرحمن سعداوي صاحب محلات السعداوي للمجوهرات مع ما قاله محمد العماري، وأشار إلى أن المجتمع السعودي بدأ في الشهور الأولى من السنة الجديدة التأقلم مع أسعار الذهب الحالية، واتجه إلى الشراء تدريجيا، مبينا أنه على الرغم من تدني حركة الشراء، فإن هناك توجها لشراء الذهب والمجوهرات، مقارنة بالشهور الماضية.

وعزا ذلك خلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إلى مخاوف المجتمع من الارتفاعات المتتالية، حيث تشير التوقعات إلى وصول الأوقية في نهاية العام الجاري إلى 2000 دولار، في ظل الأزمات العالمية، والتهديدات المحيطة في المنطقة، إلى جانب إقبال البنوك على شراء الذهب كوسيلة تحوط.

وبالعودة لمحمد العماري عضو لجنة الذهب والمجوهرات والذي وصف سوق الذهب السعودية بالقوية مقارنة بالدول أخرى، وقال «تزايد أعداد الحجاج والمعتمرين، أحد أسباب قوة السوق»، كما اعتبرهم أهم عوامل تسويق الذهب السعودي، المتوفر بكم هائل، وتصاميم، وضمانات، يصعب وجودها في دول أخرى. ولم ينف محمد العماري تأثر سوق الذهب بشكل ملحوظ في الفترات السابقة، على الرغم من قوتها، مرجعا هذا التأثر لضعف العملات الخارجية والتي تأثرت بالأحداث الاقتصادية والسياسية الراهنة. ويرى أن الذهب مخزون آمن في أي وقت، ولا ينصح ببيعه إلا في وقت الحاجة، أما لضائقة مالية أو شراء عقار، محذرا من تسييل الذهب لتحويله إلى سلعة، إلا في حالة واحده وهي شراء ذهب أيضا.

في حين ذهب عصام خليفة عضو جمعية الاقتصاد السعودي إلى أن ارتفاع أسعار الذهب وانخفاضها يتوقف على عاملين أساسيين، سعر برميل النفط وسعر الدولار، وعلى الجانب الآخر التغيرات في الحياة السياسية كالاضطرابات في الشرق الأوسط وانخفاض سعر الدولار الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع سعر الذهب.

واعتبر ارتفاع الطلب على الذهب منذ أن تدهورت أسعار الدولار، أحد العوامل الأساسية في ارتفاع أسعار الذهب، على اعتبار أن المعدن الأصفر كان دائما الملاذ الآمن كمستودع للقيمة عندما تشهد العملات الدولية الأكثر انتشارا تراجعا، أو اضطرابا في أسعارها، وهذا يعني أن كثيرا من المدخرين تحولوا من الدولار بعد تراجع أسعاره إلى الذهب للحفاظ على مدخراتهم واستثماراتهم، وحفز هذا الطلب على المعدن الأصفر، وهنا ينطبق على أسعار الذهب قانون العرض والطلب ذاته الذي يحكم العلاقة بين جميع السلع.‏ وقال «شهدت البورصات العالمية في الأشهر الأخيرة اضطرابا شديدا، وحالة اللايقين السائدة في سوق الأسهم دفعت بكثير من المستثمرين إلى شراء الذهب بدلا من أسهم الشركات والعملة الأميركية، خاصة أن الاقتصاد الأميركي يمر بمرحلة تباطؤ وقد تتحول إلى ركود، وفي مثل هذه الحالة تهرب الاستثمارات نحو السلع الأكثر استقرارا وأسعار الذهب مستقرة، بل إن التجارة في الذهب تحقق الكثير من الأرباح».‏ وأضاف «دفعت مشكلات الديون الأوروبية مؤخرا بالذهب للارتفاع إلى مستويات قياسية، مع توجه المستثمرين إلى ملاذ آمن وتزايد الطلب على المعدن الأصفر والمعادن الثمينة الأخرى والتي تصبح جذابة خلال الأزمات الاقتصادية».