«ستاندرد آند بورز» تخفض التصنيف الائتماني لمصر

بسبب تراجع احتياط النقد الأجنبي لأكثر من النصف

التداولات الضعيفة في البورصة المصرية تحكي حال اقتصاد مصر في أعقاب الاضطرابات السياسية (أ.ف.ب)
TT

خفضت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» أمس، من تصنيفها الائتماني لمصر إلى (B) من (B +) في المدى الطويل بواقع خمس درجات في المنطقة عالية المخاطر، وأرجعت ذلك إلى تراجع احتياطي الدولة من النقد الأجنبي ليسجل 16.3 مليار دولار خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي بعد أن كان 36 مليار دولار في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2010.

وأبقت المؤسسة على توقعاتها السلبية إذا فشلت الحكومة في وقف تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي وإذا نتج عن عملية الانتقال السياسي أجواء سياسية غامضة.

وذكرت المؤسسة في بيان لها، أن التمويل الخارجي يزداد صعوبة في مواجهة مشكلات مرتبطة به تتمثل في الانخفاض الحاد في الاحتياطي وضغوط أسعار الصرف وهروب رؤوس الأموال الأجنبية.

يأتي ذلك في وقت توقع فيه روبرت زوليك، رئيس البنك الدولي لوكالة الأنباء الفرنسية حدوث توترات مع طلب مصر مساعدات مالية من البنك، لافتا إلى أنه سيكون على مصر تلبية طلبات البنك في إرساء العملية الديمقراطية في مصر.

وقال زوليك في مؤتمر عقد بمدينة بيتسبرغ في الولايات المتحدة الأميركية: «إنهم توجهوا إلينا من أجل الدعم المالي ولكن إذا زودنا الحكومة بالمساعدات بشكل عام فسيكون علينا أن نضمن الشفافية وأنها ستساهم في التغيرات التي يطالب بها الناس لمشاركة اجتماعية أوسع نطاقا».

ويرى الدكتور إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد الدولي، أن هذه التصريحات لا بد أن تكون مرتبطة بتوتر العلاقات الناشبة بين مصر والولايات المتحدة، وهي أكبر مساهم في البنك وصندوق النقد الدوليين، جراء قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني في مصر والتي على أثرها تمت مداهمة ثلاثة مقرات أميركية ومصادرة محتوياتها من قبل السلطات المصرية خلال شهر ديسمبر الماضي.

ويذكر أنه في مطلع الشهر الحالي تقابل ممتاز السعيد، وزير المالية المصري، مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، وصرحوا بالتزامهم بتقديم مساندة مالية عاجلة لمصر بقيمة 500 مليون دولار، بالإضافة إلى التزام البنك الدولي بتقديم مساعدة لمصر بقيمة ملياري دولار على شريحتين على مدى عامين، والتي أعلن عنها روبرت زوليك رئيس البنك الدولي خلال اجتماعات شراكة دوفيل العام الماضي. وفي سياق متصل نفى جيري رايس مسؤول إدارة العلاقات الخارجية بصندوق النقد الدولي أن يكون تم اجتماع بين مسؤولين من الصندوق والوفد العسكري المصري الذي كان يزور واشنطن الأسبوع الماضي.

وأكد رايس على استمرار العمل الفني بشأن مساعدة الصندوق المحتملة لمصر في الوقت الحالي، وأشار إلى أنه سيستمر على مدى الأسابيع المقبلة إلى أن ينتهي المسؤولون المصريون من وضع اللمسات الأخيرة للبرنامج المصري وحشد تأييد سياسي واسع النطاق له في مصر، إضافة إلى حشد التمويل الدولي اللازم لذلك. جاء ذلك في تصريحات لرايس خلال المؤتمر الصحافي للصندوق أمس، وتتفاوض مصر مع الصندوق للحصول على حزمة تمويل تبلغ 3.2 مليار دولار من الصندوق، ولفت رايس إلى أنه كانت هناك مناقشات مثمرة بين مصر والصندوق أثناء زيارة وفد من الصندوق للقاهرة في يناير الماضي بشأن العناصر الممكنة للبرنامج الاقتصادي للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي خلال العملية الانتقالية الجارية وتهيئة الظروف لتحقيق الانتعاش والنمو الشامل. وعلى صعيد متصل، أشار وزير المالية المصري إلى أن تأخر المساعدات التي أعلنت عنها مجموعة دول الثماني في شراكة دوفيل والمساعدات العربية سيترتب عليها آثار سلبية أكثر على الاقتصاد المصري، وطالب المجتمع الدولي بالوفاء بتعهداته للحكومة المصرية في أقرب وقت، جاء ذلك خلال لقاء السعيد مع بعثة من الاتحاد الأوروبي برئاسة برناردو ليون، منسق الاتحاد الأوروبي الخاص بمنطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط والتي تزور القاهرة حاليا للتعرف على احتياجات الاقتصاد المصري في المرحلة الراهنة، وصدر عن وزارة المالية أن عجز الموازنة العامة لمصر ارتفع ليبلغ 73.8 مليار جنيه (12.8 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام المالي الحالي أي ما يعادل 4.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.

وأشار السعيد أيضا إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أعدته الحكومة المصرية يحتاج إلى نحو 11 مليار دولار لتمويله، وهو يتضمن عدة إجراءات تستهدف زيادة الموارد العامة وترشيد الإنفاق العام من أهمها إدخال إصلاحات على الضريبة العامة على المبيعات لتصبح ضريبة على القيمة المضافة، وترشيد دعم الطاقة وضمان وصوله لمستحقيه وتطبيق قانون الضريبة العقارية بعد إدخال التعديلات اللازمة عليه لتحقيق التوافق المجتمعي مع تخصيص 25 في المائة من حصيلته لتطوير العشوائيات، وطرح مجموعة من الأراضي الجاهزة لبيعها للمصريين العاملين بالخارج تدر خلال 4 سنوات من 14 إلى 15 مليار دولار، وطرح شهادات إيداع للمصريين بالخارج وزيادة أعداد المستفيدين من معاش الضمان الاجتماعي إلى مليوني أسرة بدلا من 1.5 مليون أسرة وزيادة اعتمادات الإسكان المنخفض التكاليف وزيادة مخصصات التغذية المدرسية وإعادة تأهيل وتنمية مناطق الصعيد.