الملتقى الاقتصادي السعودي اللبناني ينطلق في بيروت الشهر المقبل

المملكة شريك استراتيجي للبنان باستثمارات تفوق 4.5 مليار دولار

TT

تشهد بيروت مطلع شهر مارس (آذار) المقبل، وليومين متتاليين، تظاهرة اقتصادية سعودية لبنانية من خلال انعقاد الدورة السابعة للملتقى السعودي اللبناني، بتنظيم مشترك من مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية واتحاد الغرف اللبنانية ومجموعة الاقتصاد والأعمال.

وتعتبر المملكة من أهم الشركاء الاقتصاديين للبنان، والأكثر دعما في مراحل إعادة البناء والإعمار حيث قدمت ما يزيد عن 2,5 مليار دولار في السنوات السابقة، أغلبها تم صرفه على سبيل المنحة وقروض ميسرة. فضلا عن وديعة بمليار دولار في البنك المركزي لدعم الاستقرار النقدي. فيما يبلغ إجمالي حجم الاستثمارات السعودية في لبنان نحو 4,5 مليار دولار. ويراوح عدد اللبنانيين المقيمين في السعودية بين 150 و200 ألف لبناني، منهم 600 مستثمر لبناني في السعودية، مقابل نحو 2500 مستثمر سعودي في لبنان. ويقدر حجم استثماراتهم على مدى أكثر من 10 سنوات، بنحو 20 مليار دولار، موزعة بين القطاعات العقارية والمصرفية والسياحية.

ويشكل الملتقى فرصة مهمة لإعادة الزخم إلى الإقبال السعودي الاستثماري والسياحي في لبنان بعد ضمور نسبي في العام الماضي، نتج عن إرباكات داخلية، وتطورات الأزمة السورية التي أعاقت حركة التبادل التجاري بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي، وقلصت بشكل حاد حركة قدوم السياح الخليجيين عبر المنافذ البرية.

وشدد رئيس اتحاد الغرف العربية الوزير السابق عدنان القصار على أهمية الملتقى «الذي يلقى دعم جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز، صاحب الأيادي البيضاء تجاه لبنان، خصوصا أنه يتيح فرصا لرجال الأعمال اللبنانيين والسعوديين، للتلاقي والتشاور وتعزيز آفاق التعاون بين القطاع الخاص في البلدين، من خلال جلسات قطاعية ومن خلال لقاءات ثنائية».

وقال: «إن التعاون المثمر والبناء، بين رجال الأعمال في لبنان والمملكة، ينبغي أن يستتبع بخطوات عملية، من حكومتي البلدين تساعد في تنشيط حركة التبادل التجاري والاقتصادي، خصوصا على صعيد توقيع المزيد من الاتفاقيات، التي من شأنها تخفيف بعض القيود، التي تحد من رفع مستوى الحركة التجارية».

من جهته أكد السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري أن «العلاقات الاقتصادية بين المملكة ولبنان راسخة رسوخ العلاقات الإنسانية والسياسية بين البلدين، لكنها تمتاز عنها بمنحاها العلمي الذي يجعلها تحتاج إلى تطوير دائم. من هنا فإنني أجدد الدعوة إلى رجال الأعمال السعوديين واللبنانيين إلى تفعيل التواصل عبر تبادل الزيارات والخبرات وتنظيم المعارض لأن ذلك يؤدي إلى رفع مستوى العلاقات الاقتصادية من مكان إلى آخر، كما أن مؤسسات القطاع الرسمي مدعوة مجددا إلى عقد مؤتمرات وإبرام اتفاقيات ترسّخ العمل المؤسساتي وتؤمن الاستمرارية للبرنامج والمشاريع الاقتصادية وتضمن عدم تأثرها بأي نوع من الظروف آو المتغيرات».

وأشار إلى أن «المصانع السعودية تنافس المصانع العالمية وقادرة على تغطية حاجات الأسواق اللبنانية في شتى القطاعات، والمملكة، قيادة وحكومة ورجال أعمال، يسعدهم أن يقدموا لأشقائهم اللبنانيين مميزات خاصة في الأسعار والنوعية وفي كل ما من شأنه دعم الاقتصاد اللبناني وتعزيز العلاقات السعودية اللبنانية».

واعتبر رئيس غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير، في مؤتمر صحافي أمس أن «المنطقة العربية تمر بتحولات تاريخية نستطيع أن نحولها إلى فرص تاريخية إذا ما استطعنا تحسين أحوال الناس وإحياء آمالهم بمستقبل أفضل لهم ولعائلاتهم. ولا يمكن تحقيق ذلك من دون إطلاق ورشة عمل إصلاحية اقتصادية وتعزيز النمو الاقتصادي في الدول التي تمر بهذه التحولات التاريخية». متسائلا «هل يمكن تحقيق ذلك من دون دور قيادي للمملكة العربية السعودية قيادة ومؤسسات؟». وأضاف: «أثبتت الأزمة الاقتصادية العالمية أن اقتصاد المملكة يعتمد على دعائم أساسية وثابتة مما شكل مناعة أمام تداعي الاقتصاد العالمي. كما أن القطاع الخاص في لبنان وتحديدا قطاع المصارف والخدمات أثبت أن لبنان يتمتع بمناعة ساعدته على تخطي الأزمات المالية العالمية. مما يجعل من تلاقي رجال الأعمال السعوديين واللبنانيين قوة دفع اقتصادية استثمارية تعود بالخير على البلدين وعلى جميع شعوب المنطقة».

من جهته لفت الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي إلى أن انعقاد هذا الملتقى في بيروت وفي ظل الظروف التي تمر بها المنطقة يشكل حدثا بالغ الأهمية ويؤكد مدى متانة العلاقات السعودية اللبنانية ومدى حرص قيادات البلدين في القطاعين العام والخاص، على تعزيز وتنمية هذه العلاقات ويؤكد ذلك أيضا أن المشاركة السعودية الرسمية والخاصة ستكون على مستوى أصحاب القرار وتمثل مختلف القطاعات الاقتصادية.

وأكد رئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات (إيدال) نبيل عيتاني أن «العلاقات الاقتصادية السعودية اللبنانية مميزة ووثيقة. كما أن المملكة هي من بين أكبر الدول المستثمرة في لبنان. ويجب أن يتركز عملنا في المرحلة المقبلة على شبك الطاقات وبذل المزيد من الجهد من أجل تعزيز قدراتنا وأدائنا الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص التعاون».

وسيتم التركيز في جلسات العمل على تطورات مناخ الأعمال والاستثمار في كل من المملكة ولبنان في ظل المتغيرات التي تشهدها المنطقة والعالم. فيما تناقش جلسات العمل سبل تطوير التعاون والتبادل والاستثمار في مجال الخدمات التعليمية والصحية والهندسية إضافة إلى المستجدات في البيئة الاقتصادية ومناخ وفرص الاستثمار في البلدين والتحديات التي تواجه حركة النقل وحركة التبادل التجاري والسياحي والاستثماري والعقاري.

وكان الملتقى انطلق أول مرة في عام 1995، وانعقدت الدورات السابقة في جدة والرياض وبيروت، وشارك فيها الأمير سلمان بن عبد العزيز والرئيس الراحل رفيق الحريري وأمراء ووزراء ومسؤولون ورجال أعمال من البلدين. وشهدت الدورات التي انعقدت في بيروت إطلاق عدد من المشاريع الكبرى، فيما عزز رجال الأعمال اللبنانيون نشاطهم في المملكة في الدورات الأخرى.