هل هي نهاية تراجيديا الديون اليونانية؟

المفوضية الأوروبية ترحب بالتصويت الإيجابي للبرلمان في اليونان وتدين أعمال العنف

جانب من البورصة اليونانية في أثينا (أ.ب)
TT

رحبت المفوضية الأوروبية ببروكسل بما وصفته بالتصويت الإيجابي من جانب البرلمان اليوناني على برنامج حكومي يتضمن خططا تقشفية جديدة، وقالت المفوضية، في بيان: «إن الغالبية تؤيد وضع حد لدوامة المالية العامة التي لا يمكن تحملها». وأشار البيان الصادر باسم أولي رين، مفوض الشؤون النقدية والاقتصادية إلى أن وزراء المال في منطقة اليورو تعهدوا، الأسبوع الماضي خلال اجتماعاتهم ببروكسل، بدعم مالي لليونان يعبر بشكل فعلي عن تضامنهم المتواصل والقلق الفعلي.

وجدد التزام المفوضية بتعزيز المساعدة للإدارة اليونانية لتحقيق الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها في إطار التنمية المستدامة وتوظيف العمالة. وأشار البيان إلى أن الأسابيع الأخيرة عرفت توترات وأنه من أجل تصحيح الاختلالات الخطيرة التي تؤثر على الاقتصاد اليوناني واستعادة الظروف الملائمة لتحقيق النمو وفرص العمل لا بد من مسعى طويل الأجل، ويحتاج الأمر وقتا وجهدا من جانب الشعب اليوناني الذي سيجد مساندة من جانب الاتحاد الأوروبي.

وينبغي على السلطات اليونانية وجميع القوى السياسية الاتحاد وراء البرنامج الحكومي لتطبيقه بشكل كامل من أجل ضمان عودة البلاد إلى النمو الاقتصادي المستدام وخلق فرص العمل. وقال رين إنه يضم صوته إلى صوت الحكومة اليونانية في إدانة أعمال العنف غير المقبول التي وقعت مؤخرا في أثينا. وأضاف أن من شارك فيه هم أشخاص لا يمثلون الغالبية العظمى من المواطنين اليونانيين الذين يهتمون حقا بمستقبل بلادهم ويظهرون القدرة والعزيمة على التكيف مع المستجدات. ويتوقع المراقبون في بروكسل أن يوافق وزراء الخزانة والمال وبعد تردد استمر عدة أشهر على تمكين اليونان من خطة إنقاذ مالية ثانية بحجم 130 مليار يورو إلى جانب توجه الدائنين لليونان نحو شطب نحو 100 مليار يورو من الديون المستحقة على الدولة اليونانية حتى الآن.

وتلقت الأوساط الأوروبية في بروكسل، بتفاؤل مشوب بالحذر، نتائج الاقتراع الأخير في البرلمان اليوناني بسبب موجة العنف التي رافقت تصويت النواب، بالإضافة إلى طرد نحو 40 نائبا في المجلس رفضوا التصويت على الموافقة على خطة «الترويكا» الدولية. لكن الأمر الرئيسي المثير للشكوك حاليا يتعلق بعنصرين رئيسيين، هما: أولا: جاهزية الحكومة اليونانية لتنفيذ التدابير التقشفية المطلوبة قبل الانتخابات التشريعية المقبلة المقررة في أبريل (نيسان) في اليونان، وثانيا: معرفة ما إذا كان مبلغ 130 مليار يورو المقرر لدعم الخزانة اليونانية وتجنيبها الإفلاس قبل منتصف مارس (آذار) المقبل سيكون كافيا في هذه المرحلة. ويخشى البعض من أن تتجه اليونان إلى الدخول في مرحلة اضطراب اجتماعي وسياسي غير معروفة النتائج، وقد تنسف الخطط الأوروبية وتزيد من تعميق أزمة اليورو.

ويجمع المحللون الأوروبيون على أن ما تم التوصل إليه في أثينا من توافق بين الأحزاب اليونانية يعد غير كافٍ وإنما يتمثل في إغلاق مجرد عنصر واحد من ملف أزمة اليونان الأوروبية. وفي ختام اجتماع مجموعة اليورو الأسبوع الماضي، حصلت اليونان على مهلة قصيرة تنتهي الأربعاء المقبل، لتنفيذ 3 شروط، وضعها وزراء المالية في دول منطقة اليورو، إذا أرادت أثينا أن تحصل على الضوء الأخضر بشأن مساعدات مالية جديدة، وهي عبارة عن خطة إنقاذ ثانية تقدر بقيمة 130 مليار يورو لليونان.

وقال رئيس مجموعة اليورو، جان كلود يونكر، وقتها: «لا يملكون حتى الآن جميع العناصر الضرورية على طاولة المفاوضات لاتخاذ القرار اليوم». وشدد يونكر على أن «الاتفاق على برنامج التقشف والإصلاحات الهيكلية يجب أن يحترم المعايير المحددة من قبل زعماء الاتحاد الأوروبي في الـ26 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولن يكون هناك أي خطة إنقاذ جديدة قبل التنفيذ الكامل للبرنامج في البلاد». وقال إنه «لن يتم التوقيع على خطة الإنقاذ قبل تنفيذ برنامج التقشف؛ لأننا لا نستطيع أن نعيش مع نظام تكثر فيه الوعود المتكررة وتضعف فيه تدابير التنفيذ من وقت لآخر، ولذلك نحن نصر على تنفيذ حقيقي للبرنامج». وأضاف أن «البرلمان اليوناني ينبغي أن يوافق على مشروع اتفاق يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي يوم الأحد المقبل، في حين لا تزال هناك شروط إضافية بحاجة إلى الالتزام بها». وسيتم اتخاذ القرار النهائي غدا الأربعاء.

ومن خلال ما صدر عن الاجتماع الوزاري لدول منطقة اليورو الـ17، فقد أعطى وزراءُ المالية اليونانَ مهلة لتلبية مطالب تتعلق باتخاذ المزيد من التدابير التقشفية الصارمة وتوفير 325 مليون يورو إضافية من المدخرات في الميزانية قبل منحها خطة إنقاذ ثانية التي هي بأمس الحاجة إليها، فضلا عن خطط تعزيز النمو الاقتصادي. ومن المقرر أن يعقد الوزراء اجتماعا آخر غدا الأربعاء للموافقة على برنامج يتضمن 130 مليار يورو من المساعدات التي وعدت أوروبا بتقديمها لليونان في أكتوبر، كما سيناقشون خطة ضخمة لتخفيض قيم السندات التي تعتبر قياسية على المستوى العالمي. وطالب وفد «الترويكا»، الممثل لصندوق النقد الدولي، البنك المركزي الأوروبي، والاتحاد الأوروبي، اليونان بضرورة تخفيض الحد الأدنى للأجور 22%، بالتزامن مع خفض معاشات التقاعد 15%، أيضا تسريح 15 ألفا من العاملين في القطاع العام خلال عام 2012. وكان صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي قد اتفقا في بداية الأمر على منح اليونان حزمة إنقاذ ثانية بقيمة 130 مليار يورو، لكنهما يطالبان، في مقابل ذلك، بالتزام الحكومة القاطع بتطبيق خطة تقشف. ومن دون المساعدة الدولية، ستعجز اليونان عن سداد التزاماتها المالية في 20 مارس المقبل، عندما سيتوجب عليها دفع 14 مليارا و500 مليون يورو، قيمة سندات مستحقة في هذا التاريخ.