تونس: مطالب باعتماد أسس الاقتصاد الإسلامي.. وتوقعات بارتفاع نسق التنمية في البلاد

نجاح المسار الديمقراطي والاستقرار الأمني شرطان للتنمية والازدهار المنشود

الأوضاع السياسية تلعب دورا كبيرا في الحفاظ على جاذبية تونس للاستثمارات الأجنبية ومن بينها قطاع الملابس («الشرق الأوسط»)
TT

مرت نحو 4 أشهر على انتخابات «المجلس الوطني التأسيسي» وأكثر من شهر على تشكيل الحكومة الجديدة التي وجدت نفسها أمام تركة من الخراب على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، ولا سيما مشكلة البطالة التي قام الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي بتثليثها (لدينا 3 مشاكل رئيسية هي البطالة ثم البطالة ثم البطالة) حيث ارتفعت النسبة من 14 في المائة إلى 18 في المائة، وتراجعت الاستثمارات إلى مستوى 30 في المائة بسبب الظروف التي عاشتها تونس نهاية 2010 وحتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقد رافق هذه التغييرات الميدانية مشاريع حلول للخروج من الأزمة، سواء من قبل الحكومة التي وجدت نفسها مجبرة على اعتماد الميزانية التي أعدتها حكومة، الباجي قائد السبسي، والتي مهد لها من خلال تأخير موعد الانتخابات. حيث تعكف الحكومة حاليا على إدخال تغييرات جوهرية على الميزانية وبعث مشاريع إنمائية وتحسين ظروف الحياة لسكان المناطق الداخلية.. أو مساعي الجهات ذات الاختصاص، التي دعت إلى إعادة نظام الزكاة واعتماد أسس الاقتصاد الإسلامي، للمساهمة في عملية إخراج آلاف الأسر من الفقر.

وفي هذا الإطار تتنزل دعوة رئيس الجمعية التونسية للاقتصاد الإسلامي، رضا سعد الله، الذي أكد أن آليات المالية الإسلامية يمكنها المساهمة بفعالية في حل مشكلة الفقر والحرمان في تونس، ودعم عملية التنمية الشاملة في البلاد. ودعا سعد الله في ندوة عقدت بالعاصمة التونسية تحت عنوان «من أجل أن تكون تونس مركزا أفريقيا ومتوسطيا للاقتصاد الإسلامي»، إلى تقنين المالية الإسلامية.

وقد عرفت مثل هذه الدعوات زخما كبيرا بعد ثورة 14 يناير (كانون الثاني)، لا سيما في ظل وجود رغبة شعبية كبيرة في التعامل وفق نظام المالية الإسلامية. وقد وضع سعد الله جملة من الأهداف التي تسعى جمعيته لتحقيقها، ومنها إيجاد منتدى للتعاون وتبادل الخبرات بين الباحثين في مجال الاقتصاد الإسلامي، ودعم البحوث الاقتصادية الإسلامية من خلال إنشاء مكتبة متكاملة المراجع باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية، والمساهمة في تطوير الصناعة المالية الإسلامية وتوفير الأدوات المالية المناسبة لإدماج كافة شرائح المجتمع في الشأن الاقتصادي وتسريع وتيرة التنمية وإبراز دور المالية الإسلامية في هذا الخصوص. وكشف عن تنظيم المنتدى الأول للاقتصاد الإسلامي الذي سيحضره رئيس الوزراء حمادي الجبالي، ورئيس مجموعة «البركة»، الشيخ صالح كامل، ومفتي تونس الأسبق مختار السلامي، ورئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور أحمد محمد علي والأمين العام للأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت عبد المحسن الخرافي.

إلى ذلك ينتظر أن تعود الاستثمارات الخارجية إلى سالف عهدها في الشهور المقبلة بنسبة 18.4 في المائة أي بقيمة 17439.6 مليون دينار تونسي (الدينار نصف يورو تقريبا) وهو ما سيساهم في تحسين نسبة الاستثمار من الناتج المحلي الإجمالي بنقطتين لترتفع إلى 24 في المائة من الناتج عام 2012. وعلى الصعيد الفلاحي من المتوقع أن تصل النسبة إلى 9.3 في المائة أي إلى قرابة 1170 مليون دينار. وستشمل هذه الاستثمارات بالخصوص الموارد المائية وحسن استغلالها وزيادة نسبة المساحات الغابية.

وعلى المستوى الصناعي ينتظر أن يشهد القطاع تطورا بنسبة 8.5 في المائة، ويعود ذلك لارتفاع نسبة الاستثمارات في قطاع صناعة مواد البناء والخزف والزجاج بنسبة 7.9 في المائة. إلى جانب نمو الاستثمارات في قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة 10.5 في المائة. وارتفاع الاستثمارات في قطاع النسيج والملابس والصناعات الجلدية بنسبة 17.3 في المائة.

أما قطاع الصناعات الكيميائية فينتظر أن يبلغ حجم الاستثمارات فيه ما يزيد على 400 مليون دينار، سيخصص جزء منها لاستكمال مشروع الشركة التونسية الهندية للأسمدة، تيفارت، والشروع في إنجاز مشروع «المضيلة 2» للحامض الفسفوري. ومن المنتظر أيضا أن ترتفع الاستثمارات في مجال الصناعات المعملية بنسبة 37.1 في المائة، وذلك نتيجة الإقبال الشديد على المحروقات بنسبة 27.3 في المائة والزيادة الكبيرة للاستثمارات في قطاع الكهرباء بنسبة 50.3 في المائة، وتعود هذه النسبة المرتفعة إلى إقامة عدد من المشاريع العملاقة مثل محطة ببنزرت (شمال تونس).

وتعكف الحكومة التونسية على إعداد برنامج من المقرر أن يتم الانتهاء منه خلال شهر مارس (آذار) المقبل، ويهدف إلى القضاء على الأكواخ وتحسين مساكن المواطنين الفقراء حيث خصص مبلغ 40 مليون دينار كقسط أول في إطار الميزانية التكميلية لعام 2012 كما ستتم دعوة المجلس التأسيسي للموافقة على مشروع القسط الثاني من مشروع عمر المختار بمنطقة السيجومي.

كما أعربت الحكومة التونسية عن نيتها تنفيذ مشاريع تنموية في البلاد تهدف إلى رفع نسبة النمو الاقتصادي وإيجاد فرص عمل للعاطلين عن العمل. وتعهدت حكومة حمادي الجبالي ببعث أكثر من 100 مشروع تنموي في جميع المناطق التونسية منها 74 مشروعا في 14 ولاية (محافظة) داخلية في حاجة لمثل هذه المشاريع التنموية لامتصاص حالة البطالة المتفشية بها منذ عدة سنوات. ومن شأن هذه المشاريع توفير نحو 600 ألف فرصة عمل، بيد أن ذلك رهن بحالة الأمن والاستقرار التي تهددها الاعتصامات ذات الطابع السياسي.

ولا تقتصر عمليات تطوير الاستثمارات على القطاعات المذكورة فحسب، بل تشمل كذلك قطاع الخدمات، بنسبة 15.1 في المائة أي 8844.6 مليون دينار، وقطاع النقل بنسبة 15 في المائة لتبلغ 2300 مليون دينار.