التنقيب العشوائي عن الذهب في السودان.. إغراءات ومخاطر

بنك السودان يقدم السعر العالمي للمنقبين بهدف مكافحة التهريب

TT

أحدثت عمليات التنقيب عن الذهب في مناطق عديدة بالسودان حراكا اقتصاديا واجتماعيا واسعا على المستويين الرسمي والأهلي، وقالت الاقتصادية سمية سيد لـ«الشرق الأوسط» إن التنقيب عن الذهب بشقيه العشوائي والمنظم يمثل الآن أحد الحلول التي تعتمد عليها الدولة في إطار البحث عن البدائل بعد خروج عائدات النفط من الموازنة العامة.

وتعتبر الخبيرة سمية سيد أن الذهب لن يعوض كل الفاقد، ولكنه من الخيارات والبدائل المهمة، ففي عام 2011 بلغت عائدات الذهب مليارا ونصف مليار دولار، وفى يناير (كانون الثاني) 2012 تم تصدير 50 طنا من الذهب، مما يعكس تعاظم العائدات. كما أن عمليات الحراك في التنقيب عن الذهب تكشف أنه، أي الذهب، لا يشكل عائدا اقتصاديا فحسب؛ وإنما له أيضا مردود اجتماعي تنموي كبير بالنسبة للمنخرطين في عمليات التنقيب عنه، حيث يعمل الآن نحو 200 ألف مواطن في التنقيب الأهلي، كما تعمل أيضا 150 شركة سودانية وأجنبية؛ وإحداها فرنسية، في شرق السودان، وجميعها منحت حق الامتياز للتنقيب عن الذهب. وتوقع الاقتصادي سنهوري عيسى ارتفاع عائد الذهب من 1.5 مليار دولار في 2011 إلى 3 مليارات دولار بنهاية عام 2012، وأن وزارة المعادن تعد برنامجا سمته «البرنامج المتسارع للتنقيب»، ينفذ في ثلاثة أشهر ويشتمل على محاور جيولوجية واقتصادية وتوعية للاستفادة القصوى من الذهب بوصفه موردا مهما في الاقتصاد السوداني.

وكشف وزير المعادن كمال عبد اللطيف عن اتجاه الحكومة إلى التركيز على زيادة صادرات الذهب والترويج للمعادن الأخرى كالكروم والنحاس والحديد، وتنظيم التعدين الأهلي، وإنشاء مركز شامل متطور لأبحاث التعدين وتأهيل الكوادر البشرية. وكذلك كشف عن اكتمال العمل في مصفاة الذهب بالمنطقة الصناعية (الخرطوم) وأنه سيتم تشغيلها خلال الشهرين المقبلين، مما يسهم في تحقيق الإضافة القيمة للذهب وزيادة صادراته.

كما أعلن وزير المعادن عن السعي لحصر المعدنيين الأهليين بالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء وتجميعهم في اتحادات وجمعيات إلى جانب توفير خدمات بيئية حيوية لرعايتهم وحمايتهم، ومكاتب فرعية لبنك السودان لشراء الذهب من المعدنيين والعمل على مكافحة التهريب الذي تبذل فيه الجهود الكبيرة بالتعاون مع الجهات المختصة. وأعلن محافظ البنك المركزي الدكتور محمد خير الزبير أن البنك المركزي أصبح المصدر الوحيد للذهب دون أن يمنع أحدا من التصدير، وأنه أخد بتجربتي جنوب أفريقيا وغانا، وأنه يقدم سعرا مجزيا موازيا تماما للسعر العالمي للذهب (أسعار دبي للذهب). وأكد على قيام مصفاة الذهب بطاقة إنتاجية تبلغ 100 طن من الذهب في العام، و50 طنا من الفضة، وأن «المركزي» يشترى طنين من الذهب شهريا بمبلغ 50 مليون دولار تحقق في السنة عائدات تصل إلى 1.5 مليار دولار، وأفاد أيضا بحرص البنك المركزي على الشراء من المنقبين بسعر السوق العالمية لمحاصرة تهريب الذهب للخارج.

من جانب آخر، أفادت الاقتصادية سمية سيد أن من التحديات التي تواجه التعدين في المناطق المتعددة في الشمال والغرب، عدم وجود بنيات أساسية في مناطق الذهب؛ حيث تفتقر للخدمات البيئية والصحية والتعليم والمياه النظيفة، وكذلك من التحديات الكبيرة في مواقع تعدين الذهب وجود أطفال يبحثون عن الذهب لمساعدة أهلهم مما يحرمهم من التعليم الأساسي، وعدم وجود برنامج توعوي بالمخاطر الصحية والبيئية، خاصة مخاطر الاستخدام العشوائي لمادة الزئبق المستخدم في عمليات التنقيب.