أوباما يحصل على موافقة الكونغرس على تمديد خفض الضرائب على الرواتب

في أول مؤشر على أنه قد يكسب معركة الاقتصاد في الانتخابات الرئاسية

أعضاء الكونغرس الأميركي من الحزب الديمقراطي يتحدثون للصحافة عن تمديد الإعفاءات الضريبية بعد مفاوضات شاقة مع الجمهوريين (نيويورك تايمز)
TT

بعد شهرين من التعهد بعدم الاستسلام في المعركة ضد مقترح الرئيس أوباما بخفض الضرائب على الرواتب، جاء قرار مجلس النواب، يوم الجمعة، بعدم قدرتهم على الصمود في المعركة، أكثر من ذلك.

وكان تحالف ضخم من كلا الحزبين في مجلسي النواب والشيوخ قد وافق على حزمة اقتصادية بقيمة 143 مليار دولار، تتضمن تمديدا لمدة عام لخفض الضرائب على رواتب 160 مليون عامل أميركي، كما طلب الرئيس أوباما قبل أكثر من خمسة أشهر، الذي يمدد أيضا إعانات البطالة لملايين آخرين.

ولقي المشروع موافقة 293 صوتا مقابل 132، وهو ما يدعم خطة تسوية لاستمرار منح العاملين كمية بسيطة من النقد الإضافي مع كل شيك راتب، في الوقت الذي يقدم فيه دعما متواصلا للعاطلين عن العمل، ولم يتوقف القرار كثيرا في محطة مجلس الشيوخ الذي وافق على الخطة بـ60 صوتا مقابل 36. وقد رُفع القانون إلى الرئيس أوباما لتوقيعه وهو ما يمنحه الانتصار في جزئية من قانون الضرائب الضخم الذي قدمه إلى الكونغرس الخريف الماضي. وقد أثنى الديمقراطيون على تصويت الجمعة الماضية، الذي سيساعد في دعم الانتعاش الاقتصادي عبر وضع المزيد من الأموال في يد المستهلكين، الذين يمثل إنفاقهم ثلثي الاقتصاد.

كما يخفض القانون أيضا من مدى الوقت الذي يمكن أن يتلقى فيه العمال العاطلون عن العمل إعانات البطالة، ويؤكد أيضا على أن الأطباء لا يتوقعون انخفاضا مقررا بنسبة 27 في المائة في الرواتب من الرعاية الصحية. ورافق هذه التدابير الكثير من الجهود لوقف التأثير الكلي للتشريع على العجز الفيدرالي، بما في ذلك مزاد لقمر صناعي لشركات الاتصالات وإسهامات أكثر انخفاضا للموظفين الفيدراليين الجدد لخطط معاشات تقاعدهم. وعلى الرغم من التحسن الذي يشهده الاقتصاد، أبدى الكثير من الاقتصاديين قلقهم من إمكانية أن يعرض خفض الضرائب على الرواتب المكاسب الناشئة في التوظيف والنمو إلى الخطر. فيرى مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في مؤسسة «موديز أناليتك»، أن الفشل في مد تخفيض الضرائب على الرواتب وإعانات البطالة كان سيخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.4 في المائة. وهو ما سيكلفنا نصف مليون وظيفة ويرفع نسبة البطالة بواقع 0.3 في المائة.

وكتب زاندي على مدونته: «التعافي الاقتصادي لم يصل بعد إلى مرحلة الأمان بعد. والتوسع الاقتصادي الذاتي سهل التحقيق، لكن في حال لم يسحب صناع السياسة الحكم الدعم الحكومي بسرعة كبيرة».

ويأتي قانون خطة التحفيز الجديدة بعد ثلاث سنوات من موافقة الكونغرس على قانون الاستثمار والتعافي الأميركي الذي قدمته إدارة أوباما، والذي بلغت قيمته 787 مليار دولار، والذي كان أولى محاولات الإدارة لإعادة تنشيط الاقتصاد المتردي. ومع خطوة يوم الجمعة يكون الكونغرس قد أنفق أكثر من 1.15 تريليون دولار منذ عام 2009 محاولا تعزيز الاقتصادي، بما في ذلك خطة التحفيز الأصلية، وتمديد التخفيضات على ضريبة الدخل عام 2010، التي كان قد أقرها الرئيس السابق جورج بوش، والتخفيضات على الرواتب الأعوام الثلاثة الماضية، والائتمان الضريبي لمشتري المنازل للمرة الأولى وتوسعات البطالة.

وعلى الرغم من دعم رئيس مجلس النواب، جون بونير، للخطة، فإنه أكد أنها صفقة إغاثة اقتصادية لن تقدم الكثير لتوفير الوظائف. وقد سخر بونير (الجمهوري عن ولاية أوهايو) من وصف أوباما للقانون بأنه الجزء الأخير الضروري. وطالب الرئيس بقبول بعض نصائح المحافظين من الحزب الجمهوري.

وقال بونير: «اليوم يمثل الذكرى الثالثة لقانون التحفيز الاقتصادي الفاشل الذي قدمه الرئيس، وهو إشارة أخرى على أننا بحاجة إلى تغيير المسار والتركيز على السياسات الاقتصادية التي تدعم النمو، والتي تساعد الشركات الصغيرة على خلق الوظائف».

لكن راي فير، أستاذ الاقتصاد في جامعة ييل، أشار إلى أن الخطوة التي اتخذت يوم الجمعة ربما تزيد من فرص أوباما في الفوز بفترة رئاسية ثانية. وقد طور فير صيغة تستخدم الناتج المحلي الإجمالي الأميركي للمساعدة في توقع المنتصر. ويرى في تحليله أن خفض الضرائب على الرواتب يعطي أوباما ما يزيد على 50 في المائة من الأصوات. بيد أن فير عاد ليحذر من أن السباق لا يزال قريبا. فحتى وفق أفضل السيناريوهات (يرى أن الاقتصاد سينمو بسرعة مدهشة تبلغ 4 في المائة)، وسيتمكن أوباما من تحقيق النصر بقدر ضئيل للغاية. وقال: «إنه يملك الآن فرصة معقولة، وهي أفضل ما يمكنه الحصول عليه».

ويأتي التصويت الذي تم التوصل إليه يوم الجمعة مناقضا لموقف الجمهوريين قبل أعياد الميلاد، عندما مثلوا دور «القلب الشجاع»، ذلك المتمرد الاسكوتلندي، ويليام والاس، في اجتماع في مبنى الـ«كابيتول هيل»، وتعهدوا بعدم الموافقة على مد قانون الرواتب دون تخفيضات كبيرة في الإنفاق.

بيد أنه في أعقاب العودة للعام الجديد، بدأ الجمهوريون يدركون أن أوباما والديمقراطيون واصلوا وصف أنفسهم على أنهم معارضون خفض الإعانات الموجهة إلى الطبقة الوسطى، ويخشون أن تؤدي معركة مطولة على خفض الضرائب على الرواتب إلى مأزق سياسي آخر. وقد صرح بعض أعضاء الحزب الجمهوري من أصحاب الخبرة، بصورة خاصة، بأن الأعضاء الجدد لمسوا بأنفسهم الأمر، ووجدوا صعوبة في مواصلة الرفض.

والآن يقول الجمهوريون في مجلس النواب إن الجانب الأفضل من الشجاعة هو اختيار أهداف أفضل، وانتقاء المعارك الأنسب، خلال تقدمهم نحو حملات إعادة انتخابهم الأولى.

وقال النائب، توم ريد، العضو الجديد في مجلس النواب (جمهوري عن ولاية نيويورك) من منطقة بافلو، متحدثا عن موقف ما قبل الكريسماس من أنهم كانوا على وشك التغاضي عن مناقشة قانون خفض الضرائب على الرواتب حتى انتهاء الموعد النهائي. واختار بونير ريد واثنين من الأعضاء الجدد للعمل ضمن لجنة مشتركة من مجلسي النواب والشيوخ لصياغة الاتفاق قبل الموعد النهائي، الذي سيكون 29 فبراير (شباط)، وعلى عكس كل العروض السابقة العام الماضي، فقد توصلوا إلى نتيجة خلال 12 يوما (بدلا من 12 ساعة). وقال ريد: «نحن نتعلم من تجاربنا».

لا يتوقع أن تسفر التسوية عن حقبة جديدة من الشراكة بين الحزبين، حيث اختار كلا الجانبين أجندات الحد الأدنى بهدف إبراز التناقض بالنسبة للناخبين، قبيل خريف الانتخابات. وفي إطار التوقعات بحدوث ارتفاع كبير في أسعار الغاز، قاموا بصياغة قانون الطاقة الذي سيطالب بالمزيد من الاكتشافات في مجال النفط والغاز، ويدفع الكثير من النواب الجمهوريين لوضع خطة تفصيلية لتعزيز الشركات الصغيرة.

ويشير غالبية المشرعين والاستراتيجيين الجمهوريين إلى أن تمرير صفقة قانون خفض الضرائب على الرواتب تعني طي الصفحة، حتى يتمكنوا من العودة إلى النقاشات بشأن الإدارة الاقتصادية لأوباما في ظل ارتفاع البطالة إلى أعلى من ثمانية في المائة للعام الثالث على التوالي.

ولم يكن على الجمهوريين أن يحبوا التشريع كي يوافقوا عليه. ولو أنهم امتدوا بالنقاش إلى 29 فبراير (شباط)، الموعد النهائي، أو ما بعده. ولن يكون النقاش مشابها على الإطلاق لنزاع ديسمبر (كانون الأول). وقال النائب غريغ والدن (النائب الجمهوري عن ولاية أوريغون)، العضو البارز في لجنة المؤتمر، بعد توقيع التسوية، بعد ظهر الخميس: «نحن بحاجة إلى تحريك السياسة، فعندما تكون لك الأغلبية، يجب عليك أن تحكم». بعد يوم من ذلك صوت 146 عضوا جمهوريا - يشكلون ما يقرب من 65 في المائة من النواب الجدد - لصالح التشريع إلى جانب 147 من الديمقراطيين، بينما عارضه 91 من الجمهوريين.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»