أثينا وافقت على خفض جديد للمعاشات.. ومصرف روما يتعجل الإصلاحات

قبل انطلاق اجتماعات وزراء المال الأوروبيين

أثينا تنتظر أموال المساعدة من المركزي الأوروبي لتتفادى شبح التخلف عن السداد (أ.ب)
TT

تنطلق، اليوم (الاثنين)، ببروكسل، اجتماعات وزراء المال لدول منطقة اليورو، وتستأنف غدا (الثلاثاء)، من خلال اجتماع موسع يضم باقي وزراء الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد، والهدف الرئيسي للاجتماعات هو التحضير الجيد لقمة مرتقبة لقادة دول الاتحاد، مطلع مارس (آذار) في العاصمة البلجيكية، والنظر في قرارات تتعلق بدفعة جديدة من المساعدات المالية لليونان، وقبل ساعات من انطلاق الاجتماعات شهدت عدة عواصم أوروبية، تطورات تتعلق بملف أزمة الديون السيادية التي تواجهها دول في منطقة اليورو، ومنها اليونان وآيرلندا والبرتغال، ودول أخرى تخشى انتقال العدوى إليها، مثل إيطاليا وإسبانيا.

ففي أثينا، صدقت الحكومة اليونانية على خفض جديد للمعاشات سيسمح بتوفير 75 مليون يورو، في أحد الإجراءات المتبناة لاستكمال استقطاع إجمالي 3 مليارات و300 مليون يورو، وفقا للاتفاق مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، تبعا لما ذكرته قناة «ميجا» المحلية. ويمثل هذا الإجراء خفض 12 في المائة من قيمة 1300 يورو للمعاش شهريا. وكذلك سيجرى خفض البدلات على المعاشات التي تتجاوز الـ200 يورو شهريا بنسبة تتراوح ما بين 10 في المائة و20 في المائة.

وذكر رئيس الوزراء اليوناني، لوكاس باباديموس، أن جميع الإجراءات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي يجب تطبيقها في الأسابيع الثلاثة المقبلة. وفيما يتعلق بالخفض الجديد للمعاشات، أوضح رئيس الوزراء أنه إجراء ضروري لخفض عجز الموازنة. وسيجرى تطبيق إجراء خفض المعاشات اعتبارا من مايو (أيار) المقبل. وكان رئيس مجموعة اليورو، جان كلود يونكر، قال في وقت سابق إنه على ثقة في أن وزراء منطقة اليورو سيتخذون التدابير المطلوبة، وفي ختام مناقشات أجراها وزراء المال في منطقة اليورو، الأربعاء الماضي، عبر الهاتف، دعت مجموعة اليورو إلى ضرورة وجود رقابة إضافية على تنفيذ برنامج الإصلاح اليوناني، وجاء في البيان: «هذا سيزيد من تعزيز القدرة على تحمل الديون».

وكان البرلمان اليوناني قد صدق، الاثنين الماضي، على إجراءات التقشف اللازمة لضمان حصول أثينا على خطة إنقاذ ثانية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وهو أمر ضروري للحيلولة دون إفلاس البلاد التي تعاني من أزمة ديون متفاقمة.

وصدرت خلال الساعات الأخيرة تصريحات عن عواصم أوروبية مختلفة تظهر وجود تفاؤل بشأن حصول اليونان على برنامج إنقاذ جديد قيمته 130 مليار يورو (171 مليار دولار). وقال رئيس وزراء لوكسمبورغ، جان كلود يونكر، الذي سيرأس اجتماع الاثنين، إن جهود تقليص ديون اليونان من 160 في المائة من الناتج السنوي لنسبة مستهدفة تبلغ 120 في المائة بحلول عام 2020 ما زالت «بعيدة» عن تحقيق هدفها.

وفي لشبونة واصلت الـ«ترويكا» المكونة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي مهمتها التي بدأت الأربعاء الماضي، وهي ثالث زيارة تفقدية تجريها الأطراف الثلاثة للتأكد من قيام الحكومة البرتغالية باتخاذ إجراءات إعادة هيكلة الاقتصاد مقابل المساعدات المالية التي قدمت له سابقا. الهدف من هذه الزيارة هو التأكد من توفير البرتغال لكل الضمانات قبل منح حزمة جديدة من المساعدات المالية تصل إلى 15 مليار يورو. وسيقوم ممثلو «ترويكا» بمراقبة عملية إعادة تأهيل المؤسسات العمومية البرتغالية ومدى تقدم الإصلاحات التي طالبت بها في قطاعات الصحة والتعليم والعدل. الإصلاحات التي شملت قانون العمل والنجاح في الدفع ببرنامج الخصخصة كان محل تهنئة من طرف دائني البرتغال الذين يطالبونه بالمضي قدما في هذه الإصلاحات. أما في روما وفي نفس الإطار دعا حاكم المصرف المركزي الإيطالي، انياتسيو فيسكو، إلى التعجيل في تطبيق الإصلاحات التي تم إقرارها وحث فيسكو، في كلمة ألقاها أمام مؤتمر بمدينة بارما، شمال إيطاليا، على «اتخاذ مزيد من الخطوات لتعزيز الاقتصاد الذي يتوقع أن يواجه انكماشا بنحو واحد ونصف في المائة»، هذا العام.

وتابع القول: «يجب استكمال الإصلاحات المقررة بسرعة ووضعها موضع التنفيذ، ولا سيما تلك المتعلقة بجعل الهيكل التنظيمي والإداري مواتيا للنمو الاقتصادي»، وحذر حاكم المصرف المركزي الإيطالي من أن «توقعات أرباح المصارف الإيطالية هذا العام غير مواتية» مع تأثر ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بالركود، وأشار إلى أن التمويل الذي جمعته المصارف في بلاده من العملاء والأسواق تراجع بنسبة اثنين فاصل ثمانية في المائة في العام الماضي، بينما تزايد اعتمادها على الاقتراض من المصرف المركزي الأوروبي، ولفت فيسكو إلى أن قروض المصارف الإيطالية للشركات تراجعت بواقع 20 مليار يورو في ديسمبر (كانون الأول)، مما يعتبر «انخفاضا كبيرا».

ويأتي ذلك في حين قامت وكالة «موديز انفستورز» بالتحذير من احتمالية تخفيض تصنيف 17 بنكا وشركة لتداول الأوراق المالية، مبررة ذلك بآفاق النمو الضعيفة، وضعف الربحية على المدى الطويل، ومن بين البنوك المعرضة لذلك «يو بي إس»، «كريدي سويس»، وبنك «مورغان ستانلي»، هذه البنوك عرضة للخفض ثلاث درجات. أما «دويتشه بنك»، «غولدمان ساكس»، «جي بي مورغان تشيس»، و«سيتي غروب» من بين الشركات التي يمكن أن تخفضها «موديز» بدرجتين، في حين تظل بعض شركات التأمين الأوروبية عرضة للخفض أيضا بسبب المخاطر المتعلقة بأزمة الديون السيادية الأوروبية. وترى «موديز» أن زيادة الأعباء التنظيمية، وظروف التشغيل الأكثر صعوبة ، بالإضافة الصعوبات التي تواجه الثقة، والتعتيم المتعلق بالمخاطر ودرجتها، كل ذلك يمثل ضغوطا على تلك البنوك والمؤسسات، ومن جانبه، حذر رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو مونتي، من أن «الخطر الرئيسي في هذه المرحلة هو في أن يصبح اليورو عاملا للانقسام»، وأوضح مونتي، الذي كان يتحدث أمام البرلمان الأوروبي، الأسبوع الماضي، أن «أزمة الديون في أوروبا قد أحيت الانقسامات ومشاعر الاستياء والغضب»، وأضاف: «يجب علينا استعادة روح الوحدة»، وأردف: «لقد ظل اليورو المثال المتكامل الأكثر طموحا في بناء أوروبا الموحدة، وبوسعنا تحمل كل شيء ما عدا أن يصبح عاملا من عوامل التفكك والانقسام بين الأوروبيين»، وقال رئيس الوزراء الإيطالي إن القواعد الجديدة لضبط الموازنة في دول منطقة اليورو، بشكل خاص، والاتحاد الأوروبي بشكل عام، التي تقود ألمانيا الترويج لها غير كافية بمفردها لإنعاش الاقتصاد الأوروبي.

وانتقد مونتي القاعدة التي تعتبر عدم التزام أي دولة في منطقة اليورو بنسب عجز الميزانية المقررة تصرفا غير قانوني يؤدي إلى معاقبتها. وأضاف أنه، بمجرد اكتمال التحول الكبير نحو ثقافة الاستقرار المالي التي بدأناها هذه السنوات بقيادة ألمانيا، فإن الاتحاد الأوروبي سيتعامل «بمزيد من العقلانية والهدوء» مع عجز الميزانية المبرر اقتصاديا. وفي الوقت نفسه انتقد مونتي موقف ألمانيا المعادي لفكرة إصدار سندات مشتركة لدول منطقة اليورو، التي تتيح للدول المتعثرة ماليا، مثل إيطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان الاقتراض من السوق الدولية بفائدة محتملة.

يُذكر أن القاعدة المعروفة باسم «القاعدة الذهبية» تمثل حجر الزاوية في الميثاق المالي الجديد لدول منطقة اليورو، الذي أقرته 25 من 27 دولة أعضاء، في الاتحاد الأوروبي، الشهر الماضي، كما أقرته كل دول منطقة اليورو (17 من الدول الـ27).