إعادة هيكلة الدين اليوناني تعيد مبادلة العجز عن سداد الائتمان إلى دائرة الضوء.
المرة الأخيرة التي ظهرت فيها هذه الأداة المالية على الساحة العالمية كانت في عام 2008، عندما دفعت مبادلة العجز عن سداد الائتمان شركة التأمين «إيه آي جي»، والنظام المالي الأوسع إلى حافة الانهيار. كان لدى شركة «إيه آي جي» نقطة ضعف وحيدة، وبدأ المنظمون إصلاح سوق مبادلة العجز عن سداد الائتمان منذ عام 2008.
بيد أن صناع السياسة الأوروبيين أبدوا قلقا تجاه مبادلة العجز عن سداد الائتمان، على الأقل حتى وقت قريب، على الرغم من صياغتهم لخطة إنقاذ اليونان خلال الأشهر الستة الماضية. وبحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز» أعده بيتر إيفيز، فقد كانوا يهدفون إلى مبادلة اختيارية للدين، لا تتسبب في حدوث مبادلة عجز، خشية أن يؤدي تسديد الديون على المبادلات إلى وقوع سلسلة من ردود الفعل تثير الاضطراب في النظام المالي الأوروبي.
لكن الآن، مع صفقة مساعدات أوروبية بقيمة 172 مليار دولار لليونان، يبدو أن الدولة ستتخذ خطوة ستزيد بشكل كبير من احتمالية تفعيل المبادلات. وللحصول على أقصى إغاثة للدين، ستحتاج اليونان الكثير من السندات المؤهلة للانضمام إلى عملية الهيكلة المتوقعة. من أجل هذا الهدف، ربما تلجأ اليونان إلى ما يدعى فقرة العمل الجمعي إلى السندات التي تم إصدارها بموجب القانون اليوناني. وإذا ما تم إدراج هذه الفقرة ثم تم تفعيلها، سيجبر حاملو السندات على قبول خفض القيمة السوقية لسنداتهم بصورة إجبارية، الأمر الذي سينتج عنه مبادلات العجز عن السداد. القرار الرسمي حول ما إذا كانت مبادلة العجز عن السداد قد تم تفعيلها، تم اتخاذه من قبل الاتحاد الدولي للمشتقات والمبادلات، المسؤولة عن تنظيم هذه الصناعة. وقال داريل دوفي، أستاذ المالية في جامعة ستانفورد: «ليس لدي شكوك كبيرة في أنهم سيقومون بتفعيله». وقد أعلنت الحكومة اليونانية يوم الثلاثاء أنها أرسلت مشروع قانون إلى البرلمان، إذا تمت المصادقة عليه، سيدرج فقرة إلى السندات التي صدرت بموجب القانون اليوناني والتي تشكل 90 في المائة من سندات البلاد. (أما باقي السندات الحكومية اليونانية، فقد صدرت بموجب القانون الإنجليزي).
برغم ذلك، لا تزال هناك بعض الفرص في أن تتم المبادلة طواعية لتجنب وقوع مبادلة العجز عن السداد. هذه النتيجة يتوقع على الأرجح أن تؤدي إلى موجة من الانتقادات بأن المبادلات لم تحم حملة السندات من الخسائر، كما هو الهدف منها. ويقول ريتشارد بورتس، أستاذ الاقتصاد في كلية إدارة الأعمال في لندن: «الطبيعة الكاملة لعقود مبادلة العجز عن سداد الائتمان ستكون موضع شكوك». وفي رد على ذلك، أشار مؤيدو مبادلة العجز عن السداد إلى أن بمقدور حملة السندات حمل سنداتهم وعدم إدراجهم في المبادلة. ففي الوقت الذي تفشل اليونان في سداد ديون على ما لا يقل عن مليون دولار من السندات فسوف تدخل مقايضة العجز عن السداد مرحلة التفعيل.
ويقول ستيف كنيدي، ممثل الاتحاد الدولي للمشتقات والمبادلات: «إذا ما كان لمستثمر مليون دولار من الدين وقرر ألا يختار المبادلة، وتوقف مصدر الدين عن تسديد الدين، فسيؤدي ذلك إلى تفعيل مقايضة سداد العجز». وستتعرض المبادلات أيضا لانتقادات كبيرة إذا ما ظهر أي مؤشر على أن تفعيل السندات المالية اليونانية ستؤدي إلى التأثير على النظام المالي. وهناك ما يقرب من 70 مليار دولار من مبادلة العجز عن السداد لا تزال بانتظار اليونان، لكن الرقم الصافي هو 3.2 مليار دولار، في حال خصم السندات المالية التي تبيع حماية الائتمان من تلك التي اشترتها. بالنسبة لإيطاليا، فإن الرقم أعلى، حيث يبلغ إجماليها 314 مليار دولار، بينما يصل الصافي إلى 22.5 مليار دولار. ولم يتمكن القادة الأوروبيون من تحديد مكمن الخطورة التي يمكن أن يأتي من خلالها العجز عن سداد الدين. ولم يكشف اختبار التحمل لمصارف المنطقة العام الماضي عن خسائر غير محمية كبير على المبادلات المكتوبة على الدين الحكومي. وفي كل الحالات تقريبا، اشترت المصارف التي باعت التأمين كمية مشابهة، توازن خسائرها.
برغم ذلك، ربما لا يزال هناك سبب للقلق. فهذا النظام قد ينهار إذا انهار بنك كبير، وذلك لأن النظراء قد لا يتمكنون من تحصيل التزامات مبادلة العجز عن السداد للمصارف الفاشلة.
وقال والتر دودلي، الأستاذ المساعد بكلية إدارة الأعمال في جامعة كونكتيكت: «مخاطر الطرف الآخر كانت مكبر صوت عظيم، فالانهيارات الثلجية أحيانا ما تبدأ بكرة من الثلج».
يرى المدافعون عن سوق مبادلة العجز عن السداد أن مخاطر الطرف الآخر قوضت على الأغلب عبر ممارسة نشر الهامش. وإذا ما كان مصرف مدينا بالمال في تبادل تجاري لا يزال مفتوحا، ينبغي له وضع مال سائل أو سندات خزانة إلى الطرف المقابل بقدر مساو، أو حتى أعلى، من المبلغ المدين به. ونتيجة لذلك، إذا ما انهارت فسيكون بمقدور الطرف المقابل الاحتفاظ بأقساط هامشية. وقد استثنيت شركة «إيه آي جي» لفترة من إضافة هامش على الكثير من مبادلاتها، والتي كانت أحد الأسباب في أن تصبح خطرا منهجيا. وقال البروفسور دوفي، بجامعة ستانفورد: «المخاوف بشأن السوق ضئيلة للغاية».