تجمع برلماني دولي يطالب بإنشاء مجلس عالمي لمعالجة آثار الأزمة المالية

السعودية تؤكد سعيها لإعادة الانتعاش للاقتصاد العالمي واستقرار أسواق الطاقة ودعم حوار المنتجين والمستهلكين

رئيس مجلس الشورى السعودي الدكتور عبد الله آل الشيخ أعلن سعي بلاده لإعادة الانتعاش للاقتصاد العالمي (تصوير: أحمد فتحي)
TT

في الوقت الذي اتجه فيه الملايين من سكان العالم وصناع القرار السياسي والاقتصادي والمفكرين والنخب الثقافية والمهتمين بموضوع حوار الثقافات والأديان والحضارات صوب العاصمة السعودية الرياض لمتابعة فعاليات اللقاء التشاوري الثالث لرؤساء برلمانات دول مجموعة العشرين والذي انطلق أمس السبت ويختتم أعماله اليوم الأحد باستضافة من مجلس الشورى السعودي، أعلنت السعودية أنها تعمل من خلال مجموعة دول العشرين ومن خلال المؤسسات المالية والنقدية الدولية المعنية على إيجاد أفضل الحلول لإعادة الانتعاش إلى الاقتصاد العالمي، معتبرة أنها لن تدخر جهدا للعمل مع المجتمع الدولي لاستقرار أسواق الطاقة ودعم حوار المنتجين والمستهلكين بما فيه استدامة النمو الاقتصادي العالمي، وطالبت ببلورة استراتيجية شاملة لتفعيل الحوار بين أتباع الأديان والثقافات.

وجاءت هذه التأكيدات على لسان رئيس مجلس الشورى السعودي الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ خلال افتتاح اللقاء التشاوري لرؤساء برلمانات دول مجموعة العشرين الذي يعد من أهم اللقاءات البرلمانية الدولية لأن المشاركين فيه يمثلون كبريات الدول اقتصاديا في العالم حيث تشكل الدول الأعضاء في مجموعة العشرين ثلثي سكان العالم ونحو 80 في المائة من إجمالي التبادل التجاري العالمي، كما يعادل الناتج القومي الإجمالي للأعضاء مجتمعين قرابة 90 في المائة من إجمالي الناتج العالمي.

ونيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز افتتح رئيس مجلس الشورى السعودي الدكتور عبد الله بن محمد آل الشيخ في الرياض أمس السبت الخامس والعشرين من شهر فبراير (شباط) أعمال اللقاء التشاوري الثالث لرؤساء برلمانات الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، والذي يعقد تحت شعار «نمو اقتصادي مستدام لعالم آمن» بكلمة أكد فيها أن بلاده تعد من أوائل الدول التي أسهمت في تحقيق أهداف التنمية الألفية معتبرا أن السعودية لن تدخر جهدا للعمل مع المجتمع الدولي لاستقرار أسواق الطاقة ودعم حوار المنتجين والمستهلكين بما فيه استدامة النمو الاقتصادي العالمي مشددا على أن تعزيز التنوع الثقافي يوفر الأسباب المؤدية إلى تقوية وشائج التعاون الدولي لافتا في هذا الصدد إلى أن بلاده كانت سباقة إلى الدعوة لحوار الأديان مطالبا ببلورة استراتيجية شاملة لتفعيل الحوار بين أتباع الأديان والثقافات.

ورحب آل الشيخ في كلمته بالمشاركين والحضور في الاجتماع التشاوري الثالث لرؤساء برلمانات الدول الأعضاء في مجموعة العشرين معربا عن سروره بافتتاح اللقاء نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود موجها شكره للملك على رعايته هذا اللقاء الذي يعد أهم الملتقيات الدولية في الوقت الراهن.

وقال: «يشهد العالم حاليا تطورات على مختلف الأصعدة خاصة ما يتعلق منها بالأزمة المالية والاقتصادية التي تجتاح بعض دول العالم، والتي تحتاج تضافر كل الجهود الدولية من أجل إيجاد الحلول الناجعة لها، والحد من آثارها السلبية المتعددة التي من أهمها انزلاق اقتصاديات بعض الدول نحو ركود اقتصادي ذي تأثيرات عالمية، مما يظهر مدى الحاجة إلى الحد من تلك التأثيرات السلبية والتركيز على سبل حل معضلة الديون السيادية وتفاقمها، وتقلبات أسعار الصرف، ومعدلات البطالة المتزايدة وستعمل المملكة من خلال هذه المجموعة ومن خلال المؤسسات المالية والنقدية الدولية المعنية على إيجاد أفضل الحلول لإعادة الانتعاش إلى الاقتصاد العالمي».

وأضاف رئيس مجلس الشورى السعودي أن هناك ارتباطا وثيقا بين البيئة والتنمية وهو ما أدى إلى ظهور مفهوم التنمية المستدامة؛ فالتنمية المستدامة: هي عملية تطوير واستغلال الموارد، دون المساس بمقدرات الأجيال القادمة. الأمر الذي يستلزم الاهتمام بحماية البيئة، لأجل تحقيق التنمية المستدامة. وتلعب الطاقة دورا مهما في بناء العلاقات المتبادلة بين الاقتصاديات العالمية؛ فالطاقة هي المحرك الأساسي لأي نمو اقتصادي وتنمية مستدامة، مشددا على أن من الأهمية بمكان تفعيل التعاون الدولي من أجل إيجاد أسواق للطاقة تتمتع بالشفافية والاستقرار، وتخدم مصالح كل من المنتج والمستهلك مع ضرورة دعم البحوث والاستثمارات التي تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل آثارها البيئية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن بلاده لن تدخر جهدا في هذا المجال للعمل مع المجتمع الدولي لاستقرار أسواق الطاقة ودعم حوار المنتجين والمستهلكين لما فيه استدامة النمو الاقتصادي العالمي.

وقال في هذا السياق: «أود التنويه بأن المملكة العربية السعودية تعد من أوائل الدول التي أسهمت في تحقيق أهداف التنمية الألفية بسبب ما توليه من أهمية كبرى لقضايا التنمية المستدامة، وزيادة مخصصات الإنفاق العام على الخدمات التعليمية، والصحية، والاجتماعية، ونرى أن أهداف تحقيق التوازن الاقتصادي العالمي، وإرساء دعائم التنمية الاقتصادية الشاملة، وتحقيق النمو الاقتصادي المنشود لا يمكن بلوغها إلا بجهود جماعية متواصلة، وتعاون يستند إلى شعور بالمسؤولية المشتركة من خلال تطوير شراكة عالمية حقيقية من أجل التنمية».

ويتطلع المراقبون إلى أن تخرج مناقشات وتوصيات لقاء الرياض برؤى وأفكار وقرارات تعزز التعاون البرلماني في مواجهة التحديات الاقتصادية وغيرها التي تتطلب استجابة جماعية لدول مجموعة العشرين، وأن يكون اللقاء محطة مهمة من محطات تأسيس العمل البرلماني لدول المجموعة، وأن يفتح أفقا جديدا في صياغة ومتابعة الأداء الحكومي لدول المجموعة، وتفعيل أداء الدبلوماسية البرلمانية والتي تواكب الجهود الحكومية وتعززها من أجل تحقيق السلم والأمن الدوليين، ودفع عجلة التعاون الدولي.

إلى ذلك طالب متحدثون في جلسة الأزمة المالية العالمية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي التي عقدت أمس ضمن جلسات اجتماع التشاوري الثالث لرؤساء برلمانات الدول الأعضاء في مجموعة العشرين التي انطلقت أمس في الرياض، باتخاذ إجراءات عملية للخروج من هذه الأزمة مبدين أهمية إشراك البرلمانات في إيجاد علاج لما حدث على المسرح المالي العالمي الذي تسبب في إضعاف الكثير من اقتصاديات الدول وخصوصا المتقدمة منها في حين لمحوا إلى حدوث انتعاش ونمو في أكثر اقتصاديات الدول النامية محذرين من تخوفهم من ارتفاع نسبة البطالة في كثير من الدول التي وصلت إلى 50 في المائة.

وذهب بعض المتحدثين إلى المطالبة بإنشاء مجلس اقتصادي عالمي يتبنى إجراءات عملية لإقرار الإصلاحات في بنية النظام المالي العالمي، مؤكدين على أن البرلمانات هي الجهة القادرة على إحداث تصورات جديدة بعد فشل الإجراءات الأفكار المطروحة للخروج من الأزمة.

فقد أكد نائب رئيس البرلمان الأوروبي أوثمار كاراس على أن الأزمة المالية العالمية تحتاج إلى تعاون عالمي مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي ليس مسؤولا وحده عن الأزمة لافتا إلى أهمية تأسيس نظام مالي عالمي قوي يستجيب لجميع المتغيرات التي يمكن أن تواجه العالم مستقبلا معتبرا أن وجود نظام رقابي مالي صارم مع تعاون اقتصادي دولي يحقق بعض المكاسب ولن يحل الأزمة برمتها مطالبا بإقرار نظام مؤسساتي لكل الأمم لتحقيق الإصلاح المالي العالمي وإنشاء مجلس مالي عالمي تكون أهم أهدافه وضع السياسات المالية على أسس واضحة تجنبا لحدوث أزمة أخرى إضافة إلى نظام رقابي صارم.

في حين شدد رئيس مجلس النواب البرازيلي ماركو مايا على أن موضوع الأزمة وتأثيراتها قد أشبع بحثا دون قول الحقيقة على الرغم من أنها بدأت من الدول المتقدمة وانتقلت إلى الدول النامية والفقيرة وسببت مشكلات في النظم المالية البنكية وأدت إلى خلق أزمة في قطاع الإسكان وارتفاع الفائدة على الديون السيادية وهو الأمر الذي ضخم مسؤولية البنوك والمؤسسات المصرفية مطالبا وزارت المالية في العالم بالمساعدة في تجنب المخاوف بحيث لا نصل إلى التأثيرات السلبية التي خلقتها أزمة 1930م. وأشار إلى أن المخاطرة التي نواجهها الآن هي أن تؤثر هذه الأزمة على الاقتصاديات المتهاوية بعد أن تأثرت فيها العلاقات المالية بين البنوك المختلفة والاتحاد الأوروبي وانتشرت عبر الحدود مما ينذر بتدمير الاقتصاد الدولي بأكمله لافتا إلى أن الصعوبة في ذلك معالجة الأزمة بالأدوات المالية التقليدية وواصفا النتائج السياسية والاقتصادية والاجتماعية جراء الأزمة بالمخيفة حيث ارتفعت معدلات البطالة في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء حيث وصلت في اليابان 19,4 في المائة وفي ايرلندا 15,1 في المائة وفي الاتحاد الأوروبي 10.4 في المائة ووصلت إلى حد 50 في المائة في اليونان وإسبانيا.

فيما لمح نائب رئيس مجلس الولايات الهندي رحمان خان إلى ضرورة إشراك صانعي القرار في الدول التي عانت من الأزمة على مستوى السياسات المالية مشيرا إلى أن الأزمة الحالية تتطلب وضع استراتيجية مالية تتوافر فيها الثقة والاستدامة لتحقيق النمو المستدام، مطالبا بأن تستوعب اقتصاديات العالم الكبرى السياسات الأصغر اقتصاديا.

من جانبه قال نائب رئيس اللجنة الدائمة لمؤتمر نواب الشعب الصيني هان تشيداه: «إن العالم يقف من الأزمة المالية في مفترق طرق مما يتطلب معه إقرار إجراءات جماعية مشتركة لتحقيق التعافي من الأزمة»، موضحا أن بلاده تعمل لتحقيق النمو والاستقرار من خلال طرح أولويات وإجراءات قصوى وإصلاح الهياكل الاقتصادية ورفع الإنتاجية ومعدلات التوظيف ودعم الاقتصاديات الناشئة والصغيرة.