فيصل كركري لـ «الشرق الأوسط»: العقار من أفضل الاستثمارات للمتقاعدين

المتخصص في إدارة الأموال الشخصية: النساء أكثر المودعات في البنوك الخليجية

TT

قال المتخصص في مجال إدارة الأموال الشخصية، فيصل محمد كركري، في لقاء أجرته معه «الشرق الأوسط» من الكويت، إن هناك إقبالا ملحوظا في الوطن العربي على الدورات المتخصصة في إدارة الأموال الشخصية التي تعد «تطبيقات عملية لمجموعة من العلوم». وأضاف كركري صاحب سلسلة كتب منها كتاب «رياضة الادخار» بأن كثيرا من الناس «لا يفرقون بين البخلاء والمدخرين»، مشيرا إلى أن «البخيل ينظر إلى المال كغاية بينما ينظر إليه المدخر كوسيلة.. وكذلك فإن البخيل يهتم بسعر الشيء، بينما يهتم المدخر بالقيمة»، مشيرا إلى أن الادخار فن «يمكن تعلمه»، من خلال قراءة الكتب وحضور الدورات التخصصية. وفي ما يلي نص الحوار..

> ما هو علم إدارة الأموال الشخصية؟

- هو مجموعة تطبيقات لمجموعة من العلوم الاقتصادية كالمحاسبة والتمويل والاقتصاد، تهدف إلى إرشاد الأفراد للكيفية المناسبة للتعامل مع أموالهم وإدارتها بصورة تتيح لهم تحقيق أهدافهم المالية.

> هل ما تقدمه بناء على خبرة عملية أم يرتكز على نظريات بحتة؟

- الاثنتان معا، فالنظريات هي المنطلق والمرجع لجميع ما أنصح به في هذا المجال، والخبرة العملية هي الأداة التي تتيح لي تلوين هذه النظريات بألوان الواقع الذي نعيش به.

> هل يدرّس هذا العلم في الجامعات العالمية؟

- يتم التعامل مع إدارة الأموال الشخصية كمادة اختيارية وليست تخصصا جامعيا في حد ذاته.

> تتحدث عن إدارة الأموال الشخصية بكثرة وتقدم الدورات، فما مدى اهتمام المواطن العربي بهذه المواضيع؟

- من خلال تواصلي المستمر مع الكثير من الأشخاص، فقد لاحظت اهتماما كبيرا جدا من قبل المواطن العربي، فالأمر يتعلق بموضوع غاية في الأهمية، وهو الأموال التي تشكل أداة قوية جدا في رسم المستقبل لكل أفراد المجتمع.

> هل توجه محاضراتك ودوراتك ومقالاتك لجمهور الأثرياء في الخليج فقط أم لديك أهداف أخرى؟

- بداية.. شرعت في نقل رسائل مالية موجهة لمواطني الخليج، ولكن مع التفاعل المستمر من بعض الأفراد من خارج منطقة الخليج، أصبحت أنوع في هذه الرسائل بحيث تضم عموم الأفراد العرب من داخل وخارج الخليج. وعموما فإن النصائح المالية غالبا ما تكون مؤثرة في جميع الأفراد على اختلاف مستوياتهم المالية والعلمية.

> قرأنا عن دورات في الوطن العربي بعنوان «كيف تصبح مليونيرا» لمحاضر لا نتصور أنه دخل نادي المليونيرات، فما تعليقك على ذلك بوصفك متخصصا؟

- لا أعترف صراحة بالدورات التي تعد بتحويل الشخص إلى مليونير خلال فترات قصيرة.. فما هذه الدورات سوى إيهام البعض، وغالبا ما يتم اكتشاف زيفها من قبل الضحايا. الثراء يتطلب جهدا والتزاما ووقتا، ولا يوجد شيء اسمه مال سهل وسريع.

> وهل تقوم بإعادة تمرير دورة من هذا النوع لمتابعيك في موقع «تويتر»؟

- لا طبعا، فـ«التغريد» أمانة، وهناك من ينتظر منك رأيا بخصوص هذه الدورات أو غيرها، وعليه؛ فلا أمرر لمن يتابعني دورات بهذه الشكل.

> تتحدث كثيرا عن الادخار وتكتب عنه، فهل يعني ذلك أن العربي شخص مبذر أم اقتصادي؟ وما الدليل على ذلك؟

- العرب شأنهم شأن بقية شعوب العالم، منهم المسرف ومنهم المدخر، ولكنه يعاني من الخلط بين الادخار والبخل، وهو الأمر إلى يدعو الكثيرين إلى تجنب تقنيات الادخار خوفا من أن يوصفوا بالبخل، ولقد بينت الفارق بين البخل والادخار في كتابي رياضة الادخار.

> هل يمكن تعلم الادخار، وكيف؟

- طبعا، ويكون ذلك من خلال قراءة الكتب التي تعلم الادخار، وكذلك بحضور الدورات لأهل الاختصاص في هذا المجال.

> يقال إن ودائع النساء الادخارية في الخليج تفوق الرجل فما صحة ذلك؟ وما سببه؟ هل هن أكثر وعيا من ناحية الادخار؟

- هي بالفعل كذلك، ولقد تم نشر الكثير من الأرقام بهذا الخصوص مؤخرا. والسبب الرئيسي في هذا الأمر هو عدم قدرة المرأة عموما في المنطقة العربية على إيجاد فرص استثمارية مناسبة، بالإضافة إلى ميل النساء إلى الأمان الذي يوفره الادخار في مقابل الخطورة التي ترافق الاستثمار بشتى أنواعه.

> تطرقت في كتابك «رياضة الادخار» إلى سياسة «حساب اللعب» (Play Account) وهو أن من أبجديات التوفير المالي أن تنفق على الكماليات وما يسعدك، ألا ترى تناقضا بين هذه الفكرة ومناداتك بالادخار؟

- لا يوجد تناقض في هذا الأمر، بل إنه من الوسائل المعينة على الادخار، فالنفس تحتاج للقليل من المتعة من وقت لآخر، والمبالغة في الادخار دون إفساح القليل من المجال للمتعة، سبب رئيسي للعزوف عن الادخار.

> توجه دوراتك دوما إلى الأفراد، فما نصيحتك لمن لا يفقه شيئا في الاستثمار ولكنه يريد استثمار مدخراته بطريقة سليمة؟

- أنصحه أولا بعمل خطة مالية محكمة بحيث تعمل كالبوصلة له عند اتخاذ أي قرار استثماري يكون بصدده، كما أنصحه بعدم الاتجاه نحو المضاربة في الأسهم بل في تعلم أساسيات الاستثمار الأصيلة التي وضعت المستمر الحكيم وارين بافيت على خريطة أغنى رجال العالم.

> كيف يمكن أن يضع الموظف العادي خطة مالية تحقق له العيش الرغيد عند تقاعده؟

- يجب على الموظف أن ينوع من مدخراته بحيث تشمل كل أهدافه المالية التي يرغب فيها بعد التقاعد. فمن الضروري مثلا أن يحرص على توفير رصيد للطوارئ، كما يجب عليه استثمار جزء من مدخراته في أدوات مالية قليلة المخاطر (ودائع - سندات - صناديق) بالإضافة طبعا إلى الاستثمار العقاري، الذي يعد من أفضل الاستثمارات للمتقاعدين.

> من مشاهداتك وتواصلك مع المتدربين وطالبي الاستشارات، ما هي الأخطاء الفادحة التي يرتكبها العرب في تعاملهم مع الأموال؟

- أكثر الأخطاء شيوعا هي عدم القدرة على وضع الخطط المالية والالتزام بها، فالجميع قادرون على الادخار لفترة محددة، ولكن قليل من يستطيع الاستمرار به لفترات طويلة.

> من هم أكثر شعوب العالم الذين يضرب بهم المثل في حسن التعامل مع الأموال؟

- لست متأكدا من أي الشعوب أفضل، ولكن عموم الشعوب المتقدمة يتعاملون عادة بحصافة مع أموالهم، وهذا الأمر دليل دامغ على ترافق تقدم الشعوب مع طريقة تعاملهم مع المال.

> بعض الشعوب أو المناطق يوصف أهلها بالبخل، فما الفارق بين البخيل والاقتصادي؟ وهل كتاب الجاحظ «البخلاء» الذي يفيض بقصص عن البخل العربي دليل على أننا شعوب بخيلة؟

- الفروقات كثيرة بين البخلاء والمدخرين، أهمها هي النظرة إلى المال، فالبخيل ينظر إلى المال كغاية، بينما ينظر إليه المدخر كوسيلة. كذلك فإن البخيل يهتم بسعر الشيء، بينما يهتم المدخر بالقيمة. أما كتاب «البخلاء» فهو أدبي أكثر منه مالي ويتحدث عن أمر محفور عميقا في نفوس المسلمين وهو أهمية الكرم، وبالتبعية تجنب البخل، الذي كما ذكرت سابقا أنه يتداخل مع الادخار في عقول الكثيرين.

> ما هو التقسيم المثالي لمحفظة الاستثمار الفردي؟

- هناك الكثير من الطرق لتقسيم المحفظة الاستثمارية، أسهلها طريقة طرح عمر الشخص من 100، والنتيجة هي النسبة التي يجب تخصيصها للأسهم والبقية تكون للودائع والنقد.

> لماذا نراك مقلا في الظهور على القنوات الفضائية رغم أن هناك إقبالا ملحوظا على دوراتك التدريبية؟

- يطلب مني باستمرار الظهور في بعض القنوات الفضائية والحديث عن نهجي في الادخار والاستثمار، ولكني لا أفضل الظهور دون جديد، كما أني أنتقي من يقابلني بعناية، فلا أسوأ من محاولة إيصال رسالتي للجمهور من إعداد غير مناسب أو استضافة لا تضيف جديدا للمشاهدين.

> ما الجديد لديك؟

- لي من الكتب 3: «كيف تدير أموالك»، و«رياضة الادخار»، و«مفاتيح الاستثمار». ودوراتي القادمة ستكون في 3 مجالات: الاستثمار، والادخار، والتخطيط المالي. أما البرامج التلفزيونية فسيكون لي ظهور قريب خلال الأسابيع القليلة المقبلة على بعض قنوات الخليج في برنامج بعنوان «خير»، حيث سأتطرق لموضوع إدارة الأموال الشخصية بنوع من الاستفاضة.

> ما نصيحتك المالية الأخيرة للقارئ العربي؟

- كلما بكرت في رسم الخطط المالية ومن ثم الادخار وبعد ذلك استثمار هذه المدخرات، كان وضعك المالي أفضل وستكون فرصتك أكبر في تحقيق جميع أحلامك المالية.