لو باليك: عائدات النفط غير كافية لتمويل الاستثمارات العملاقة في دول الخليج

المدير التنفيذي في «ستاندرد أند بورز» لـ «الشرق الأوسط»: الأزمة المالية العالمية علمتنا الكثير واتخذنا خطوات لتعزيز الشفافية

TT

اعتبرت شركة «ستاندرد أند بورز» للخدمات التصنيفية أن عائدات النفط والاحتياطيات الموجودة وحدها غير كافية لتمويل الاستثمارات العملاقة، بما في ذلك مشاريع البنية التحتية الضخمة، التي تعتزم دول مجلس التعاون الخليجي تنفيذها، وخاصة المملكة العربية السعودية، متوقعة أن يسهم تراوح متوسط سعر خام برنت بين 100 دولار إلى 120 دولارا للبرميل في عام 2012، بحسب توقعاتنا، في دفع عجلة النمو في المنطقة.

في حين تبدو التوقعات المستقبلية لاقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي، إيجابية على المديين المتوسط والطويل. في الوقت الذي أظهرت فيه دول المنطقة مرونة جيدة تجاه الظروف السياسية والاقتصادية المتدهورة التي تشهدها المنطقة والعالم.

وقال يان لو باليك، المدير العام التنفيذي في «ستاندرد أند بورز» للخدمات التصنيفية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، إنه «في حين أن آثار عدوى الأحداث السياسية التي شهدتها المنطقة العربية مؤخرا، وأزمة منطقة اليورو، وإدراك المستثمرين للمخاطر الجيوسياسية، قد تؤدي إلى تراجع معدل النمو على المدى القصير، إلا أن دول المنطقة أظهرت مرونة جيدة تجاه هذه الظروف المتدهورة». وتتوقع «ستاندرد أند بورز» أن يسهم تراوح متوسط سعر خام برنت بين 100 دولار و120 دولارا للبرميل في عام 2012، بحسب توقعاتنا، في دفع عجلة النمو في المنطقة.

وأضاف باليك في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»: «نتوقع عدم كفاية عائدات النفط والاحتياطيات الموجودة وحدها لتمويل الاستثمارات العملاقة، بما في ذلك مشاريع البنية التحتية الضخمة، التي تعتزم دول مجلس التعاون الخليجي تنفيذها، وخاصة المملكة العربية السعودية»، معتبرا أنه في الوقت الذي دفعت فيه أزمة منطقة اليورو بالكثير من البنوك الأوروبية لتوجيه بوصلة استثماراتها إلى المنطقة، بسبب ترنح اقتصادات دولها وزيادة متطلبات رأس المال، فإن الوصول إلى كل من أسواق رأس المال المحلية والدولية سيكون أكثر أهمية لتمويل مرحلة النمو القادمة التي ستشهدها المنطقة.

وبرأي المدير العام التنفيذي في «ستاندرد أند بورز»، فإن وكالات التصنيف الائتماني تلعب دورا حيويا في ظهور مجموعة من أسواق رأس المال التي تتميز بكونها أكثر سيولة وتطورا في المنطقة، أما في حال غياب التصنيفات الائتمانية، فإن المستثمرين والمقرضين في أسواق رأس المال سيكونون أقل ميلا لتوفير رأس المال للمقترضين وبحسب صندوق النقد الدولي وغيره من الهيئات الدولية، فإن التصنيفات الائتمانية المعلنة للجمهور تساعد في تحسين تدفق المعلومات حول مخاطر الائتمان، وبالتالي تعزيز كفاءة وسيولة أسواق رأس المال. وقد تساعد التصنيفات الائتمانية المستثمرين على تقدير حجم المخاطر بصورة أفضل، وهذا بدوره قد يمكن المصدرين الإقليميين مثل البنوك والحكومات والشركات، من الاستفادة من رؤوس الأموال الاستثمارية في جميع أنحاء العالم. كما تلعب التصنيفات الائتمانية دورا مهما باعتبارها واحدة من الأدوات التي تستخدمها البنوك وشركات التأمين لتعزيز خياراتها المتعلقة بالحد من المخاطر عبر تنويع الاستثمارات، ومديري الأصول والثروات لإيجاد فرص استثمارية جديدة.

وفي تقييمه لأداء شركات التصنيف الائتماني منذ بداية الأزمة المالية العالمية في عام 2008 «اقترح البعض تغيير منهجيات التصنيف الائتماني، وكذلك الحد من نفوذ الوكالات المتخصصة في هذا المجال.. نحن ندعم التنظيم والرقابة ما دام أنهما يعززان من جودة واستقلالية وشفافية التصنيفات الائتمانية؛ ويرفعان مستوى ثقة السوق بوكالات التصنيف الائتماني ويزيدان التنافسية ويشجعان على إجراء مجموعة متنوعة من الأبحاث ويعززان الحوار حول مخاطر الائتمان». ويفصل المسؤول في الشركة أنه وبالنظر إلى أداء المؤسسات المصنفة ائتمانيا على مدى السنوات القليلة الماضية، نجد أنه كلما ارتفع تصنيف مصدر الدين، انخفضت وتيرة التخلف عن السداد، والعكس صحيح.

وخلال الفترة بين عامي 2008 و2010، التي شهدت أسوأ انكماش اقتصادي منذ عقود، بلغ معدل المتوسط العالمي للتخلف عن السداد بالنسبة للشركات المصنفة بـ«درجة الاستثمار» (فوق «BB+») 0.9 في المائة مقارنة مع 13.9 في المائة للشركات المصنفة بـ«درجة المضاربة».

ويوضح المسؤول أن أيا من الشركات الـ81 المصنفة ائتمانيا والتي سجلت حالات تعثر عن السداد في عام 2010، لم تبدأ هذا العام بـ«درجة الاستثمار»، ونحو 90 في المائة منها بدأت عام 2010 بتصنيف «B-» أو أقل. وعلاوة على ذلك، من بين حالات التعثر الـ289 التي سجلتها شركات ومؤسسات مالية مصنفة ائتمانيا في عام 2009، كانت 86 في المائة منها مصنفة (في الأصل) بدرجة «BB-» أو أقل، مضيفا «نحن لا ننكر أن الأداء الأخير لبعض التصنيفات الائتمانية في مجالين محددين - قطاع السندات السكنية المدعومة بالرهن العقاري في الولايات المتحدة، وما يتصل بها من التزامات الديون المضمونة - كان مخيبا للآمال، وقمنا باتخاذ خطوات كبيرة للتصدي لذلك.. لقد تعلمنا كثيرا من الأزمة المالية العالمية، واتخذنا خطوات مهمة لتعزيز جودة وشفافية تصنيفاتنا الائتمانية، وفي النهاية، نعتقد بأن الأمر يرجع إلى السوق لتحديد أي من التصنيفات الائتمانية ذات فائدة وتتمتع بالمصداقية».

وفيما يتعلق بأبرز الصعوبات والانتقادات التي واجهتها «ستاندرد أند بورز» خلال الفترة الماضية، لقد واجهت وكالات التصنيف الائتماني في بعض الأحيان انتقادات لاعتمادها نماذج ثابتة في تقييم الشركات الإقليمية، خاصة «الجهات ذات الصلة بالحكومة» (GREs) في المنطقة، ومع ذلك، لدى «ستاندرد أند بورز» قناعة راسخة بمدى فعالية تطبيق منهجيات تصنيف ثابتة في مختلف الأسواق والقطاعات، وفي المقابل، يطالب المستثمرون بتطبيق المعايير نفسها على الحكومات ذات السيادة التي نقوم بتصنيفها، بحيث يمكن للمستثمرين الحصول على وجهة نظر مماثلة لمخاطر الائتمان على مستوى العالم.

ويعتبر المسؤول في الشركة أن «ستاندرد أند بورز» لا تزال في الطليعة من حيث اعتماد أفضل المعايير العالمية المتعلقة بالتصنيف الائتماني لهيكليات الصكوك وبرامج التكافل، ما يساعد المستثمرين العالميين على فهم طبيعة الخدمات المالية الإسلامية بصورة أفضل، والذي بدوره قد يسهم في إتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية أمامهم، لافتا إلى أن «ستاندرد أند بورز» تسعى خلال السنوات المقبلة، إلى دعم تطوير اقتصاد وسوق مالية إقليمية أكثر استقلالية وتكاملا من خلال الاستمرار في تقديم وجهات نظر مستقلة وموضوعية حول مخاطر الائتمان. ولدينا قناعة بأن منهجياتنا التصنيفية وبحوثنا المتعلقة بهذا المجال تساعد في تعزيز الشفافية والكفاءة في أسواق رأس المال بدول مجلس التعاون الخليجي وعموم منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي تمكين المصدرين من تحديد المخاطر الائتمانية على مستوى العالم، والمساهمة بشكل كبير في تنمية وتنويع أعمالهم بما يصب في صالح الوسطاء والمستثمرين والمصدرين على حد سواء.