جدل في مصر حول إصدار الصكوك الإسلامية

دول بالشرق الأوسط وأفريقيا تسعى لطرحها للمرة الأولى

جانب من البورصة المصرية (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي يثار فيه جدل في مصر حول اعتزام البلاد إصدار صكوك إسلامية بقيمة ملياري دولار خلال الفترة المقبلة لتمويل مشروعات تنموية لديها، تتجه عدة دول في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لإصدار تلك الصكوك، فتركيا التي تعتبر ثاني أكبر اقتصاد إسلامي بعد إندونيسيا، أعلنت عن عزمها إصدار أول صكوك إسلامية خلال العام الحالي، بالإضافة إلى نيجيريا وجنوب أفريقيا.

وتجذب الصكوك الإسلامية عادة رأس المال الإسلامي، خاصة بعد زيادة أعداد البنوك وصناديق الاستثمار والمؤسسات الإسلامية، والتي تشكو من نقص الأوعية المتماشية مع الشريعة الإسلامية حتى تستطيع الاستثمار فيها.

والصكوك عبارة عن وثائق أو شهادات مالية متساوية القيمة، تمثل حصصا في ملكية قائمة أو سيتم إنشاؤها من حصيلة الاكتتاب. أما السندات فهي عبارة عن أوراق مالية تعتبر أداة دين يتمتع حاملها بسعر فائدة معلن، مضافا إليه القيمة الاسمية في نهاية فترة الاستحقاق، وتعطي حاملها الأولوية في اقتضاء قيمتها في حال إفلاس المصدر. وطالب خبراء مصريون بإصدار صكوك إسلامية لتمويل مشاريع تنموية، خاصة بعد ارتفاع عائد أذون الخزانة التي تعتمد عليها الحكومية المصرية لتوفير سيولة لسد عجز موازنتها، ووصل عائد تلك الأذون ليوم أمس لأجل 182 يوما إلى 15 في المائة ولأجل 364 يوما إلى 16 في المائة.

ووجه مسؤولون مصريون نقدا حادا لتك الصكوك الإسلامية، معترضين على التفرقة بينها وبين السندات، كما قال طارق عامر رئيس البنك الأهلي المصري الحكومي، الذي أكد أنه لا فارق بين الصكوك والسندات، فكلاهما يعطي فائدة ثابتة، حيث تسمى فائدة للسندات وتسميها البنوك الإسلامية «إيجارة». من جهته، قال أشرف الشرقاوي رئيس هيئة الرقابة المالية، إن الأهم من المسميات هو إصدار منتج يتفق مع الشريعة الإسلامية، وأضاف: «يجب الابتعاد عن الاسماء الدينية في التعامل مع الأسواق المالية فمن يستثمر في الصكوك يستثمر من أجل العائد لا من أجل الدخول إلى الجنة وأخشى إعطاء ديانة للمنتج المالي، خوفا من أن ينسب فشله إلى الدين».

الجدل المثار حول الصكوك الإسلامية يأتي ضمن سلسلة من الجدل المتوقع إثارته خلال الفترة المقبلة، خاصة مع سيطرة التيار الإسلامي على غالبية البرلمان المصري بغرفتيه (الشعب والشورى)، وتصريحات بعض النواب بأنهم يضعون ضمن أولوياتهم تحويل التعاملات بالبنوك في البلاد إلى تعاملات إسلامية. ويقول طارق عامر في المقابل إن تجربة البنوك الإسلامية في مصر التي تمتد لنحو40 عاما أثبتت عدم نجاحها، لافتا إلى أن حصة هذه البنوك السوقية تتراوح بين 3 في المائة و4 في المائة فقط، وأرباحها لا تتعدى 1 في المائة مقابل أرباح وحصة سوقية كبيرة للبنوك التجارية.

وأضاف عامر أن البنوك التجارية تمثل إضافة للاقتصاد المحلي، فالبنوك التجارية بالمملكة العربية السعودية تمثل 90 في المائة من البنوك العاملة فيها، بعد عدم نجاحها في تجربة البنوك الإسلامية خلال الثمانينات. وطالب رجال الدين بالابتعاد عن القطاع المصرفي، لأن الصيرفة علم.

يأتي ذلك في الوقت الذي انتقد فيه خبراء مصرفيون ما قاله المسؤولون المصريون حول إصدار تلك الصكوك، وأشاروا إلى أن دول العالم اتخذت الصكوك الإسلامية لتمويل العديد من المشروعات التنموية والضخمة، وأن تلك الصكوك فاقت إصدارها السندات، فيتوقع تقرير للجمعية المصرية للاستثمار والتمويل أن تتجاوز إصدارات الصكوك العالمية خلال العام الحالي حاجز 200 مليار دولار أميركي بنسبة نمو تتراوح بين 25 و30 في المائة عن عام 2011، وأشار التقرير إلى أن هناك العديد من العوامل الإيجابية التي ترسم مستقبلا أكثر إشراقا لسوق الصكوك خلال العام الحالي، بما فيها الدور المتزايد للإصدارات الحكومية التي ستشكل العمود الفقري للسوق لإنعاش القطاع الخاص وتمويل مشاريع التنمية، كذلك فإن الصناعة المالية الإسلامية نمت بمعدل 15 و20 في المائة سنويا خلال العقد الماضي لتصل إلى نحو 1.3 تريليون دولار عام 2011، وبرزت صناعة الصكوك باعتبارها واحدة من المكونات الرئيسية للنظام المالي الإسلامي.

وقال نائب رئيس الوزراء التركي علي باباجان إن بلاده تعتزم بيع أول صكوك إسلامية هذا العام، بعد أن أصبحت السوق أقل قدرة على المنافسة بعد اتجاه المستثمرين إلى السندات الدولارية التي تطرحها الأسواق الناشئة، وطرحت تركيا سندات دولارية في الشهرين الماضيين بقيمة 2.5 مليار دولار لأجل عشر سنوات.

وطبقا لبيانات بلومبيرغ، فإن مبيعات الصكوك التي تمول أصولا متوافقة مع الشريعة الإسلامية ارتفعت خلال العام الحالي إلى 7.2 مليار دولار، مقارنة بقيمتها في العام الماضي البالغة نحو 3.4 مليار دولار.

وقال نائب رئيس الوزراء التركي إن إصدار السندات سيتم إقرارها بعد موافقة مجلس النواب على التشريع الجديد الذي يحدد إطار بيع الصكوك.

وتسعى جنوب أفريقيا إلى بيع صكوك بقيمة 500 مليون دولار، وتعتزم نيجيريا بيع سندات بقيمة مليار دولار سيتم إصدارها من ماليزيا خلال هذا العام.