قضاء عمالي

علي المزيد *

TT

من المعروف لدى الاقتصاديين أن عناصر الإنتاج تتكون من: رأس المال، والأرض، والمعدات، أو الأدوات، والعنصر البشري.. وعلى الرغم من أن هذا التعريف يختلف من عالم اقتصاد إلى آخر فإنهم يُجمعون على أن العنصر البشري ركن أساسي من أركان الإنتاج، ومن المعروف أن الاختلاف طبيعة البشر؛ لذلك وضعت الدساتير والقوانين والأنظمة لتنظم العلاقة بين البشر وتحفظ حق الاختلاف.

ولا يغيب عن الجميع أن إجراءات التقاضي عادة ما تكون طويلة ليتمكن القاضي من فحص المستندات، والحجج، والأدلة، والبراهين المقدمة من المدعي والمدعى عليه. وهذا أمر طبيعي إذا كان الطول نسبيا ومعقولا ويحفظ حقوق الجميع، لكن من غير الطبيعي أن يطول التقاضي في قضايا تافهة سنوات طويلة.

ومن غير الطبيعي أن تستمر قضية عامل لدى شركة سعودية لمدة 7 سنوات ويغفل فيها حقوقه، فإذا كان القاضي يعرف أن القضاء متأنٍّ وذو إجراءات طويلة، فعليه أن يحفظ حق العمال، ستقولون: كيف؟ الأنظمة في السعودية تمنع قطع راتب العامل لدى القطاع الخاص إلا بحكم قضائي، وأنظمة الحكومة تعطي من تكف يده نصف مرتبه، فإذا ثبتت براءته أعطي النصف الآخر وأعيد إلى عمله.. الهدف من هذا الأمر ألا نحول الموظف أو العامل في القطاع الخاص إلى مجرم، بل نحفظ حقوقه وكرامته، لكي لا يسرق أو يتحول إلى عنصر مفسد في المجتمع.

ما دعاني إلى قول ذلك هو أنني أعرف أحد الموظفين في شركة سعودية فصلته تعسفيا، أو بحق.. لا أعرف! ودامت قضيته 7 سنوات لدى القضاء العمالي في السعودية بدرجاته، ولا أظن أنه يغيب عن ذهن القاضي أنه لا يجوز إيقاف مرتب الموظف إلا بحكم قضائي، ومع ذلك لم يأمر بصرف مرتب هذا العامل أولا، وبعد ذلك ينظر في القضية.

الموضوع لا يخلو من أمرين: أن القاضي لا يعرف هذه المادة أو أنه لا يرغب في تفعيلها، وتلاحظون هنا أنني تجاهلت تعاطف القاضي مع الشركة؛ لأنني، وبصدق، أربأ بالقضاء السعودي أن يكون كذلك وهو ليس كذلك بل له نزاهة ليست كاملة، لكنها معقولة جدا.

في نهاية المطاف الضحية موظف القطاع الخاص وأسرته الذين تحملوا أعباء 7 سنوات من إيقاف مرتب معيلهم. ودمتم.

* كاتب اقتصادي