الغلاء الفاحش «يطحن» الناس في سوريا

الليرة خسرت 62% من قيمتها

الحصول على الخبز أصبح مرهقا للسوريين في ظل نظام الأسد (أ.ف.ب)
TT

في شارع مدحت باشا بوسط دمشق التجاري، يتذمر السوريون من الارتفاع الكبير للأسعار وانخفاض قيمة الليرة السورية جراء العقوبات التي فرضتها دول غربية وعربية على دمشق بسبب قمعها الدامي للاحتجاجات، والتي تطال المواطنين على نطاق واسع. وذلك حسب وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب).

ويقول فهد، وهو بائع ملابس (32 عاما): «منذ بدء الأحداث ارتفعت الأسعار بشكل كبير، وهذا الأمر يصيب كل الناس في كل نواحي البلاد، الفقراء منهم والأغنياء». ويضيف «الوضع فعلا غير مقبول، سعر كيلو القطن المنتج محليا ارتفع من 400 ليرة سوريا (5.7 دولار) إلى 550 ليرة، وكيلو السكر الذي كان يباع بسعر 50 ليرة أصبح يباع اليوم بـ73 ليرة، وارتفع سعر الزيت النباتي بنسبة 50 في المائة». ويتابع «الغلاء أصاب كل شيء، سعر قارورة الغاز ارتفع بنسبة 60 في المائة. الفقراء لم يعودوا قادرين على التحمل».

وفرضت عقوبات غربية وعربية على النظام المصرفي السوري والصادرات السورية، الأمر الذي وجه ضربة قاصمة إلى الواردات بالعملة الأجنبية وفاقم آثار التضخم. وفي طابور طويل أمام محطة للمحروقات في ساحة التحرير في دمشق، يقول سائق التاكسي نضال (29 عاما): «ثمن 20 لترا من البنزين اليوم ألف ليرة (14.3 دولار)، مقارنة بـ800 ليرة قبل الأزمة». وتسبب انخفاض قيمة العملة السورية في ضربة قاسية للقدرة الشرائية للسوريين. فقد تراجع سعر الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي من 46.5 قبل انطلاق الاحتجاجات في مارس (آذار) 2011، إلى 75 ليرة، أي أن العملة الوطنية خسرت نسبة 62 في المائة من قيمتها.

ويقول مدير مجلة «سيريا ريبورت» الاقتصادية جهاد يازجي، إن «التضخم يزداد بشكل كبير، وقد ارتفعت نسبته من 5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 11 في المائة في ديسمبر (كانون الأول). وهذا ناتج عن ارتفاع سعر الدولار، وعن صعوبات في الحصول على مواد تموينية لأن الكثير من المواد يأتي من مناطق ساخنة مثل حماه وحمص». ولمنع المزيد من التدهور في قيمة العملة السورية، عمدت السلطات إلى خفض التعريفة الجمركية عن كثير من المواد الاستهلاكية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع جديد في الأسعار. وبحسب صحيفة «تشرين» الحكومية، ارتفعت التعريفات الجمركية من 40 إلى 80 في المائة، وفقا لمرسوم حكومي صادر في منتصف فبراير (شباط) الماضي. ويشمل هذا الارتفاع 39 صنفا من المنتجات الغذائية والأدوات الكهربائية ومستحضرات التجميل واللحم المستورد والأدوات المنزلية وخزانات المياه ومواد الطلاء، بحسب الصحيفة. ونقلت الصحيفة عن خبراء اقتصاديين، أن الوضع يشجع على تهريب السلع من الدول المجاورة ويسبب خسائر للدولة وارتفاعا في الأسعار في الأسواق السورية.

وفي إجراء آخر للتخفيف من آثار العقوبات المالية المفروضة من دول غربية وعربية، قررت الحكومة السورية توقيع اتفاقيات مقايضة مع عدد من الدول «الصديقة» مثل روسيا والصين وفنزويلا.

وبموجب هذه الاتفاقيات، يمكن لسوريا مبادلة نفطها الخام بالسكر، وهو مادة استهلاكية مهمة بالنسبة إليها، إضافة إلى مواد زراعية ومواد أولية يدفع ثمنها عادة بالعملات الأجنبية. ويقول يازجي «إلا أن الدول التي يمكن إجراء مقايضة معها محدودة، لأنه يجب العثور على دول تقبل بتبادل السلع مع سوريا، ولديها سلع للمبادلة تحتاجها سوريا». ويرى يازجي أن العقوبات المفروضة على سوريا تصيب المواطنين بالدرجة الأولى، متسائلا «هل لها تأثير على النظام؟ السؤال يبقى مفتوحا».

ويقول يازجي «السكان يعانون من أزمة سياسية، ومن واقع أمني صعب وظروف اقتصادية كانت أصلا متدهورة حتى قبل فرض العقوبات»، مشيرا إلى أن العقوبات «تفرض عليهم عبئا إضافيا».