المجلس المالي والاقتصادي الأوروبي يبحث فرض ضريبة على المعاملات المالية

درس كيفية تصحيح العجز في موازنة المجر

مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل («الشرق الأوسط»)
TT

يبحث وزراء المال الأوروبيون في اجتماعات، تنطلق الاثنين، ببروكسل، ملف فرض ضريبة على المعاملات المالية، ووقع عددا من الوزراء قبل الاجتماعات على خطاب مشترك يطالبون فيه وزيرة الاقتصاد الدنماركية، مارغريت فيستاجر، بالإسراع في مفاوضات سن تلك الضريبة، حيث تتولى بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي حاليا. ولاقى الاقتراح الذي قدمته المفوضية الأوروبية بسن الضريبة رفضا من جانب بريطانيا التي تفرض ضريبة مماثلة في أراضيها، إلى جانب ذلك، سيبحث الوزراء سبل تصحيح العجز في موازنة المجر، التي تعرضت لعقوبة من المفوضية الأوروبية، أواخر الشهر الماضي، تمثلت في تعليق مساعدات لبودابست تقدر بنصف مليار يورو تقريبا.

يأتي ذلك بينما أعلنت الحكومة البلجيكية أنها نجحت في اختبار الموازنة، مما يجعلها تسير قدما في مشاركة الدول الأخرى الأعضاء في تنفيذ الشروط الأوروبية المطلوبة للحد من عجز الموازنة، وأنها نجحت في عملية تقشف لتوفير ما يقرب من ملياري يورو،كانت من بين إجراءات طالبت بها المفوضية الأوروبية لإقرار الموازنة، وقالت حكومة اليو ديريبو إن إجراءات التفتيش والاختبار التي قامت بها الحكومة واستغرقت أسبوعا أظهرت القدرة على توفير ما يقرب من ملياري يورو (1.8 مليار يورو)، للوفاء بالالتزامات الأوروبية بشأن الموازنة، إلى جانب مبلغ احتياطي يقدر بأكثر من 600 مليون يورو لمواجهة أي احتمالات، وأبدى رئيس الحكومة، ديريبو، سعادته البالغة لنجاح الحكومة في تحقيق اختبار الموازنة والاستعداد لمناقشتها مع المؤسسات الاتحادية وقال إن مصدر سعادته أن الخطوات التي اتخذتها الحكومة لن تؤثر على عمليات البيع أو الشراء للمواطن البلجيكي، وأن الأمور ستسير بشكل طبيعي، وجاء ذلك قبل ساعات من انطلاق اجتماعات وزراء المال في منطقة اليورو ببروكسل، في بداية اجتماعات مقررة لمجلس الايكوفين الذي يضم وزراء المال والاقتصاد في الدول الـ27 الأعضاء، وتستمر اجتماعاتهم حتى بعد ظهر غد، وقالت رئاسة الاتحاد الأوروبي إن هيرمان فان رومبوي، رئيس مجلس الاتحاد، سيترأس الاجتماعات التي ستبحث في تقييم ما جرى اتخاذه من خطوات على طريق فرض ضريبة على المعاملات المالية، حتى يتم مناقشة الأمر بشكل موسع ونهائي خلال اجتماعات السياسة العامة لمجلس الايكوفين، المقررة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين، كما سيعتمد المجلس قرارا يتعلق بالتقرير الأول لآلية الإنذار حسب شروط الحوكمة المالية الجديدة، كما سيتم إبلاغ الوزراء بنتائج الاجتماعات التي احتضنتها مكسيكو سيتي، نهاية فبراير (شباط) الماضي، لمجموعة العشرين، كما يتوجب على الوزراء اتخاذ قرارات تتعلق بوضعية المجر في إطار العجز المفرط في الموازنة وضرورة تصحيح الوضع. وفي الأسبوع الأخير من الشهر الماضي قرر الاتحاد الأوروبي وقف مساعدات للمجر بقيمة 495 مليون يورو (656 مليون دولار) لفشلها في ضبط عجز موازنتها بما يتماشى ومتطلبات التكتل الاقتصادي. وانتقد مسؤولو الحكومة المجرية القرار باعتباره «بلا أساس وغير عادل». يذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يفرض فيها الاتحاد عقوبة بتعليق الحصول على مساعدات من صندوق التماسك الأوروبي التي تخصص أمواله للدول الأعضاء الأكثر فقرا، من أجل إقامة مشاريع بنية أساسية. ودافع أولي رين، المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية عن القرار، وقال: «هذا القرار يجب النظر إليه باعتباره حافزا من أجل تصحيح الانحراف وليس كعقاب».

كما أشار رين إلى أن بودابست لم تقدم أي إجراءات جديدة لخفض الإنفاق بما يتيح تغيير الصورة الراهنة. ووفقا لأحدث بيانات متاحة، تلقت المجر نحو ملياري يورو (2.5 مليار دولار) من أصل 37 مليار يورو قدمها الصندوق في عام 2010. وقال أولي رين إن أي تعليق كهذا سيطبق اعتبارا من يناير (كانون الثاني) من 2013. وكان رين انتقد المجر الشهر الماضي لتطبيق إجراءات لخفض العجز كانت مؤقتة فقط، قائلا إن ذلك «لم يكن كافيا لتصحيح العجز بشكل مستدام وموثوق فيه».

وفيما يتعلق بملف ضريبة على المعاملات المالية، طالب وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله وثمانية من نظرائه الأوروبيين الرئاسة الدنماركية الدورية للاتحاد بالتعجيل في فرض ضريبة المعاملات المالية. وشدد شويبله في تصريحات لصحيفة «دير شبيغل» الألمانية على أهمية فرض هذا النوع من الضرائب على الصعيد القاري كأداة جوهرية لضمان إسهام عادل للقطاع المالي في تكاليف الأزمة. ووقع شويبله ونظراؤه الأوروبيون على خطاب مشترك يطالبون فيه وزيرة الاقتصاد الدنماركية، مارغريت فيستاجر، بالإسراع في مفاوضات سن تلك الضريبة، في حين لاقى الاقتراح الذي قدمته المفوضية الأوروبية بسن الضريبة رفضا من جانب بريطانيا التي تفرض ضريبة مماثلة في أراضيها، وتعتبر أن الإجراء يمكن أن يضر بقطاعها المالي.

ومع ذلك، فإن دولا مثل إسبانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليونان والبرتغال وبلجيكا والنمسا وفنلندا أعربت عن رغبتها في المضي قدما بهذه الفكرة على مستوى الاتحاد.

وفي الربع الأخير من العام الماضي، كشفت المفوضية الأوروبية ببروكسل، عن تفاصيل مقترح حول هذا الصدد، وقال الجيرداس سيميتا، المفوض الأوروبي المكلف بشؤون الضرائب والجمارك ومكافحة الغش، إن تقديم المفوضية لاقتراح بشأن فرض ضريبة على المعاملات المالية سيجعل الاتحاد الأوروبي بالتالي رائدا في مجال التنفيذ للضريبة على المعاملات المالية، الذي يعتبر مشروعا سليما وعمليا، ويمثل مساهمة عادلة من القطاع المالي.. «وإنني على ثقة في أن الشركاء في مجموعة العشرين، سوف يرون مصلحة في السير على هذا الطريق».

من جانبه، أكد رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيه مانويل باروسو، أنه إذا طبقت ضريبة المعاملات المالية فستتولد عائدات بقيمة 55 مليار دولار سنويا, وقال باروسو إن اليونان، على الرغم من متاعبها المالية، لن تجبر على مغادرة منطقة اليورو.وأكد باروسو من جهة أخرى أن الاتحاد الأوروبي يمر بأشد أزمة منذ قيامه على الإطلاق، وأن مراجعة جذرية لعدد من الخيارات تبدو ضرورية لمواجهة هذه الوضعية غير مسبوقة. وقال إن أوروبا بحاجة إلى سوق أكثر اندماجا لمواجهة الأسواق، وإلى تدابير إضافية حازمة، ودون أن تكون مجبرة على إحداث تغييرات مؤسساتية إضافية، أو تعديل اتفاقية الوحدة الأوروبية.

وأوضح باروسو أن المفوضية الأوروبية تمثل الحكومة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي، وأن أوروبا ليست بحاجة إلى مؤسسات جديدة، وأضاف باروسو أن المفوضية ستطرح ما سماه «سندات استقرار جديدة لدعم الدول المتعثرة في منطقة اليورو»، ولكن إصدار سندات أوروبية يستوجب إصلاحا دستوريا صريحا.

وأعلن باروسو أن المفوضية ستعتمد ستة مقترحات تضمن الاندماج الأوروبي اقتصاديا وضريبيا في المستقبل. وأكد أنه يجب أن تقر الدول الأوروبية الأعضاء مبدأ اقتسام السيادة، أي التنازل عن جزء من سيادتها الوطنية لصالح الاتحاد الأوروبي. وجاءت كلمة باروسو بعد أن أقر البرلمان الأوروبي حزمة التشريعات الستة لتحسين الإدارة المالية والاقتصادية في الاتحاد الأوروبي، وتسهم في تفادي تكرار أزمة الديون السيادية في دول جديدة بمنطقة اليورو، وتهدف هذه الإجراءات المكونة من ستة اقتراحات تشريعية إلى تعزيز النظام المالي في الاتحاد الأوروبي لزيادة صلابة منطقة اليورو وتحقيق مزيد من التنسيق الاقتصادي بهدف تفادي أزمات مستقبلية.