عشية اجتماعات وزراء منطقة اليورو.. تسليط الضوء على الوضعية المالية في مدريد وروما

بروكسل تراقب الموقف.. وانكماش أكبر من المتوقع للاقتصاد البريطاني في آخر ربع من 2011

مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل («الشرق الأوسط»)
TT

عشية الاجتماعات الوزارية لمجموعة اليورو المقررة الجمعة في كوبنهاغن، حيث الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد الأوروبي، وينصب الاهتمام على اجتماع وزراء المالية الأوروبيين الذين سوف يوقعون على تعزيز موارد صناديق الإنقاذ الأوروبية لاحتواء أزمة الديون السيادية في المنطقة ومنع انتشارها إلى بلدان أوروبية، حاولت المفوضية الأوروبية طمأنة الأسواق والرأي العام الأوروبي بأنها تقوم باتصالات مستمرة مع الحكومات وتراقب الأوضاع والتطورات المالية والاقتصادية في الدول الأعضاء وجاء ذلك بعد أن اهتمت الدوائر الإعلامية والاقتصادية بالتطورات الاقتصادية والمالية في كل من إسبانيا وإيطاليا خلال اليومين الماضيين، بينما صدرت بيانات في لندن تشير إلى حدوث انكماش للاقتصاد البريطاني خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.

وخلال مؤتمر صحافي بمقر المفوضية الأوروبية ببروكسل نفى أماديو التفاج المتحدث باسم أولي رين المفوض المكلف بالشؤون النقدية والاقتصادية صدور أي تصريحات عن المسؤول الأوروبي تتضمن مواقف المفوضية من التطورات الجارية في أي من الدول الأعضاء خلال الساعات القليلة الماضية، وأوضح أماديو أن التقارير الإعلامية التي تناولت هذا الأمر ليست صحيحة ولا تستند على أرضية حقيقية، وتناول ما تناقله البعض بشأن إسبانيا، وقال أماديو إن بروكسل تقوم بدراسة وتحليل كل المعلومات التي تصل إليها حول التطورات المختلفة سواء في الأسواق المالية والبنكية وغيرها وعلى اتصال وتنسيق مستمر مع الحكومة وفي انتظار معلومات مقررة قبل نهاية الشهر الجاري حسب برامج مقررة مسبقا. وفي مدريد أكدت مصادر بوزارة الاقتصاد الإسبانية أن مدريد لن تلجأ إلى صندوق إنقاذ منطقة اليورو لإصلاح القطاع المالي لأنها لا ترى ضرورة في ذلك.

وذكر متحدث باسم الوزارة بعد إشارة مصادر أوروبية إلى احتمال لجوء إسبانيا لصندوق إنقاذ منطقة اليورو لإصلاح البنوك عقب المشكلات التي تسببت فيها الفقاعة العقارية: «لم نلجأ إلى الصندوق ونعتبر الأمر ضروريا». ورفعت الحكومة الإسبانية في فبراير (شباط) الماضي قيمة المبلغ المطلوب لإصلاح إضافي إلى 52 مليار يورو (69 مليار و370 مليون دولار)، ويتعين على البنوك إجراؤه لتغطية المخاطر في القطاع العقاري، لكن الاتحاد الأوروبي يرى أن هذا المبلغ يمكن ألا يكون كافيا إزاء خطورة الأزمة.

وشددت السلطات الإسبانية على أنه بالإصلاح الذي تطلبه البنوك يمكن عودتها لأسواق التمويل وتسهيل القروض.

ويتوقع أن يتفق وزراء مالية منطقة اليورو الجمعة المقبل في كوبنهاغن على تعزيز التبرعات لصندوق الإنقاذ لإمكانية إنقاذ اقتصادات كبرى تعاني من مشكلات بشكل أفضل، ومن جانبها حثت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وزراء مالية منطقة اليورو في اجتماعهم بنهاية الأسبوع الجاري على توسيع موارد صناديق الإنقاذ في منطقة اليورو على الأقل بقيمة تريليون يورو لإعادة الثقة للأسواق المالية، وأن هذا التوسيع لموارد الصندوق يعد جدار حماية ولتزويد الحكومات متنفسا، خاصة أنهم بحاجة إلى التركيز على استعادة النمو والقدرة التنافسية من جديد.

من جانبه أكد رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو مونتي أثناء تواجده في طوكيو أن أزمة منطقة اليورو «انتهت تقريبا». واستعرض مونتي، الذي وصل إلى اليابان يوم الثلاثاء ليلا قادما من قمة الأمن النووي الثانية التي انعقدت في سيول، الإجراءات التي نفذتها إيطاليا للخروج من الأزمة بعد «اللحظات العصيبة» التي مرت بها، على حد تعبيره. وأبرز المسؤول الإيطالي الدور «المحوري» لليابان في الوضع الاقتصادي العالمي، وحثها على استعادة ثقتها في إيطاليا التي تمر بـ«عام انتقالي» من المنتظر أن يشهد «تدعيم وضعها المالي» وإرساء أسس «نمو اقتصادي أكبر». وأشار رئيس الوزراء إلى أن حكومته، الموجودة في السلطة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عقب استقالة سيلفيو برلسكوني، جعلت الوضع الاقتصادي لإيطاليا «أكثر أمانا مما كان عليه منذ 5 أشهر»، معتبرا أن هذا الأمر سيشكل أحد عوامل جذب الاستثمار. وأكد مونتي في حوار نشرته جريدة «نيكي» الاقتصادية اليابانية اليوم أن حكومته صبت تركيزها على إجراءات معينة مثل دعم الميزانية وتعديل منظومة التقاعد وخلق حزم معينة تساعد على تحرير السوق. وبخصوص إصلاحات نظام العمل في إيطاليا، أشار إلى أنها ستكفل تحقيق قدر أكبر من الحماية للأشخاص الذين يفقدون وظائفهم حيث سيتم تخصيصها بشكل كبير للشباب الراغبين في العمل. واجتمع المسؤول مع وزير المالية الياباني جون أزومي الذي ناقش معه المشكلات المالية التي تؤثر على منطقة اليورو، حيث تحدثا عن إمكانية إسهام طوكيو في زيادة أموال صندوق النقد الدولي. ومن المقرر أن يجتمع مونتي داخل إطار الزيارة التي ستستمر حتى الجمعة المقبل مع نظيره الياباني يوشيهيكو نودا.

وفي لندن أظهرت بيانات رسمية الأربعاء أن الاقتصاد البريطاني انكمش في آخر 3 أشهر من 2011 بنسبة أكبر من المتوقع نتيجة ضعف قطاع الخدمات. وذكر مكتب الإحصاء الوطني أن الاقتصاد انكمش 0.3% بين أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي ليبلغ معدل النمو السنوي 0.5%. وتوقع اقتصاديون انكماش الاقتصاد 0.2% على أساس فصلي ونموه 0.7% على أساس سنوي. والأرقام مؤشر جديد على ضعف حالة الاقتصاد البريطاني في نهاية العام الماضي دون أي مؤشرات تذكر بشأن إمكانية تعافيه في أوائل العام الجاري وهو ما يراه الاقتصاديون محتملا في ضوء بيانات أخيرة. وربما تزكي الأرقام التوقعات بحاجة بنك إنجلترا المركزي لاتخاذ إجراءات تحفيز إضافية لتعزيز النمو. وفي برلين توصلت الحكومة الألمانية لاتفاق يقضي بخفض الحد الأدنى لرواتب العمالة المؤهلة من خارج دول الاتحاد الأوروبي من 66 ألف يورو إلى 44 ألف يورو سنويا. وقالت صحيفة «فايننشيال تايمز دويتشلاند» إن أحزاب الائتلاف الحكومي الذي تقوده المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اتخذت هذا القرار أمام نقص العالمة المؤهلة والطلب الشديد عليها من الشركات. وبالنسبة للعمالة المتخصصة التي يزيد عليها الطلب بسبب كثرة الوظائف الخالية في ألمانيا، مثل المهندسين والأطباء، فإن الراتب السنوي سينخفض إلى 34 ألفا و200 يورو. وتدرس الحكومة الألمانية أيضا إصدار تأشيرة خاصة للبحث عن وظيفة بألمانيا، تسمح للمحترفين المتخصصين الذين لا ينتمون للاتحاد الأوروبي، بالإقامة في ألمانيا لمدة 6 أشهر لحين العثور على وظيفة. وتنص هذه المبادرة على أن من يظهرون معرفة جيدة بالألمانية سيحصلون على تأشيرة لمدة عامين في حين أن الحاصلين على ليسانس من خارج الاتحاد الأوروبي والمتواجدين بجامعات ومدارس فنية ألمانية سيحصلون على وقت أطول للبحث عن العمل قبل انتهاء فترة تأشيرتهم.