خبراء: البنوك المصرية مضطرة إلى زيادة مخصصات القروض المتعثرة

وسط مخاوف من عدم قدرة المقترضين على الوفاء بمستحقاتهم

القروض الفاسدة ترهق كاهل البنوك المصرية
TT

قال مصرفيون داخل المصارف المصرية إن القيمة الإجمالية للديون المتعثرة بالبنوك العاملة بالسوق المحلية تراجعت لتسجل 48.9 مليار جنيه (8.1 مليار دولار) بنهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وسط تسابق من قبل البنوك لغلق ملف التعثر الذي ضرب البنوك المصرية منذ تسعينات القرن الماضي، التي ارتفعت فيها الديون المتعثرة إلى أكثر من 120 مليار جنيه (19.9 مليار دولار).

لكن المخاوف تسيطر على البنوك من استمرار تعثر بعض المقترضين عن سداد مستحقاتهم للبنوك، خصوصا مع تردي الأوضاع الاقتصادية التي اضطرت البنك المركزي إلى السماح للبنوك العام الماضي بتأجيل استحقاقاتها لدى الشركات دون أن تدرجها في المديونيات المتعثرة.

وكشف يحيى أبو الفتوح رئيس قطاع الديون المتعثرة والمخاطر بالبنك الأهلي المصري، أكبر البنوك العاملة في السوق، أن أرصدة الديون غير المنتظمة بالبنك الأهلي في فبراير (شباط) الماضي وصلت إلى 7.4 مليار جنيه (1.2 مليار دولار) مقابل 7.6 مليار جنيه (1.3 مليار دولار) نهاية 2011.

وأضاف أبو الفتوح أن مصرفه نجح في تسوية ديون متعثرة بقيمة 200 مليون جنيه (33.2 مليار دولار) في الشهرين الماضيين، ما ساهم في خفض رصيد المديونيات غير المنتظمة بالبنك إلى 7.4 مليار جنيه (1.2 مليار دولار)، بعد تسوية مع اثنين من العاملين في القطاع السياحي، مؤكدا على دخول مصرفه في مفاوضات نهائية لتسوية مديونية رجل الأعمال مجدي يعقوب بقيمة 90 مليون جنيه (14.9 مليار دولار)، وتسوية كبرى مع رجل الأعمال الموجود في لندن حاليا عمرو النشرتي والبالغة 300 مليون جنيه (49.8 مليار دولار).

وتقدر المصادر إن إجمالي مخصصات القروض إلى القروض غير المنتظمة يصل إلى 94.6% بالمقارنة بنحو 93.7% في نهاية سبتمبر (أيلول) 2011، وقال المصدر إن إجمالي القروض المقدمة للقطاع الخاص إلى إجمالي القروض الممنوحة استقر عند نسبة 81% رغم ظروف عدم الاستقرار السياسي، وهو ما دفع البنوك إلى تأجيل بعض المديونيات إلى أكثر من عام مثل ما حدث في قطاع السياحة، حيث وافقت البنوك على إعطائها مدة تصل إلى عام كامل تنتهي في يونيو (حزيران) المقبل لسداد ما عليها.

كان المركزي المصري قد فرض ضوابط خلال العام الماضي جعلت البنوك تؤجل استحقاقاتها لدى الشركات دون أن تدرجها في المديونيات المتعثرة. وتقدر نسبة القروض المتعثرة لدى النظام المصرفي بـ11% من إجمالي القروض، وذلك حتى سبتمبر 2011، ومن المرجح أن تتجه البنوك لإعادة هيكلة القروض لتجنب المزيد من المشكلات.

في السياق ذاته قالت صحيفة «فاينتنشيال تايمز» إن أداء المصارف المصرية ضعيف جدا على مدار العام الماضي، ولم يبدُ أن القروض المعدومة تقع عند مستوى السيطرة، بالإضافة إلى عدم اتجاه المصريين لتحويل مدخراتهم إلى الدولار.

وغادرت مئات مليارات الدولارات مصر مع اتجاه المستثمرين الأجانب لبيع الأسهم المحلية مع تقلص التحويلات الخاصة للمصريين من الخارج قدّرتها الحكومة بنحو 10 مليارات دولار حسب تقرير صادر عن البنك المركزي قبل أيام.

وأدت الاضطرابات السياسية الهائلة التي تشهدها البلاد منذ اندلاع الثورة ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك، إلى خسائر فادحة للاقتصاد المصري، ووسط حالة عدم اليقين أدت إلى تراجع الاستثمار المحلي والأجنبي، وتقلصت بشدة حركة السياحة التي تمثل المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية. واضطرت مصر إلى الاتجاه للاقتراض من صندوق النقد الدولي بعد تردد ورفض القيادة العسكرية للبلاد على مدار العام الماضي، حيث تسعى الحكومة المصرية حاليا لاقتراض 3.2 مليار دولار لاستعادة ثقة المستثمرين وتجنب الانخفاض الحاد لعملتها.

واعتبر محمد النادي، مدير الاستثمار بأحد أكبر البنوك العاملة في مصر، الصعوبة التي تواجه المصارف المصرية هو التخفيضات المتتالية لتصنيفها الائتماني، وهو ما يعني فقد الأصول جزءا من جودتها، في ظل احتمالات كبرى أن تكون مضطرة إلى زيادة المخصصات في ظل تعثر وتأجيل دفع المديونيات، ومن ثم زيادة التعثر، بسب تعطل النشاط الاقتصادي بشكل كبير.