الحكومة السودانية تقر برنامجا اقتصاديا ثلاثيا يعتمد على سياسة التحرير الاقتصادي

بهدف احتواء انعكاسات الانفصال على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية

جانب من الإنشاءات الحديثة في العاصمة الخرطوم (نيويورك تايمز)
TT

انتهت وزارة المالية والاقتصاد الوطني السودانية، مؤخرا، من إعداد برنامج اقتصادي ثلاثي (2012 - 2014)، يعتبر جزءا أساسيا من الخطة الخمسية للفترة من «2011 - 2016»، بهدف مقابلة واحتواء انعكاسات انفصال جنوب السودان عن شماله على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وجرت مراجعة البرنامج ومناقشته في عدة اجتماعات موسعة، على جميع المستويات، بغرض تحقيق استدامة الاستقرار الاقتصادي في السودان، وذلك من خلال تأكيد الاعتماد على سياسة التحرير الاقتصادي، كمنهج للسياسة الاقتصادية.

وأوضح مسؤول اقتصادي سوداني لـ«الشرق الأوسط» أن «منهجية إعداد البرنامج اعتمدت على الأداء الفعلي للمؤشرات الاقتصادية السابقة والإنجازات المحققة خلال عشر سنوات والمؤشرات المستهدفة خلال فترة البرنامج (2012 – 2014)».

وقال حسين كويا المستشار الاقتصادي بالسفارة السودانية في العاصمة السعودية الرياض: «يشمل هذا البرنامج كل الجوانب والقطاعات وكذلك السياسات المطلوبة لتحقيق أهداف البرنامج. ولكن ما يهمنا في هذا البرنامج هو أن نتعرض للقطاع الخارجي، وهو ما يتعلق بالنقد الأجنبي من حيث زيادة عائداته وترشيد إنفاقه».

ولتحقيق هذا الهدف، ركزت الدولة السودانية على عدد من السياسات الاقتصادية المحددة، منها جذب الاستثمار، حيث عملت الدولة على تهيئة مناخ الاستثمار بإزالة المعوقات، وذلك من خلال تكوين المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية كل الجهات ذات الصلة بالاستثمار وولاة الولايات.

وتم تكوين مفوضيات للاستثمار، في كل الولايات، بجانب تكوين نافذة واحدة لتكملة إجراءات تصديق المشاريع الاستثمارية، فضلا عن تعديل قانون الاستثمار لصالح المستثمرين، الذي يتوقع أن تتم إجازته قريبا، وفق المستشار الاقتصادي.

وأكد كويا أنه تم توجيه الولايات بإعداد الخرائط الاستثمارية الخاصة لكل ولاية، بالإضافة إلى إصدار قانون تشجيع الاستثمار لكل ولاية على حدة، على أن لا يتعارض مع القانون الاتحادي، مع التركيز على الامتيازات الإضافية، تعزيزا لسيادة قانون تشجيع الاستثمار على أي قانون يتعارض معه، مع ضرورة تنفيذ بنود القانون، مع وضع عقوبات لكل من يخالف أو يرفض تنفيذ ما نص عليه القانون من امتيازات.

ووفق المستشار الاقتصادي، فإن القانون يشتمل على جميع الضمانات التي من شأنها الحفاظ على حقوق المستثمر، والتي من أهمها تنظيم تحويلات أرباح المستثمرين.

من ناحية أخرى، يتوقع إنشاء جهاز قومي للاستثمار ليضطلع بالجانب التنفيذي، على أن يكون تابعا لرئاسة الجمهورية، أي المجلس الأعلى للاستثمار، مما يعطيه دفعة قوية لتنفيذ البرامج الاستثمارية.

وكذلك من السياسات الاقتصادية التي اعتمدتها الدولة السودانية، تلك المتعلقة بعائدات الصادر، وذلك من خلال إصدار حزمة سياسات مشجعة للصادرات غير البترولية، ومنها المعادن، والثروة الحيوانية، والصمغ العربي، والقطن، على أن تكون هذه السلع، صاحبة الأولوية في تعظيم عوائدها من صادراتها بالنقد الأجنبي، فضلا عن الصادرات الصناعية والأعلاف والسلع الأخرى.

كما اعتمدت السياسات الاقتصادية الجديدة، سياسة تشجيع تحويلات السودانيين العاملين بالخارج، وذلك من خلال وضع سياسات تؤدي إلى استقرار أسعار صرف العملة المحلية أمام العملات الأخرى، وتضييق الفجوة بين السعر الرسمي والسعر الموازي للدولار، لتشجيع المغتربين لتحويل مدخراتهم عبر القنوات الرسمية، مع توقعات بأن تصدر سياسات وإجراءات من الدولة في هذا الشأن قريبا.

وأوضح كويا أن هنالك ورشة عمل تحويلات المغتربين، ينظمها جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج بالتعاون مع الشركاء الرسميين (وزارة المالية، وبنك السودان، ووزارة التجارة، والداخلية، والخارجية، وديوان الضرائب، والمصارف»، متوقعا أن تعقد هذه الورشة، في أقرب وقت.

وتضمن السياسة الاقتصادية الجديدة ترشيد الاستيراد، وذلك بالتركيز على خفض استيراد السلع الكمالية والسلع غير الضرورية، خاصة تلك التي يمكن إنتاجها محليا وفرض رسوم عالية عليها في حالة استيرادها بهدف إحلالها، حتى يمكن توفير ما يصرف عليها، للمساعدة في تخفيض الطلب على النقد الأجنبي.

وأفاد كويا بأنه تم تحديد أربع سلع في البرنامج الثلاثي للتوسع في إنتاجها، بهدف الاكتفاء الذاتي منها، وهي الأدوية، وذلك بإقامة مصانع للأدوية المختلفة، وكذلك الزيوت من خلال إنتاج جميع الحبوب الزيتية للاكتفاء منها، بالإضافة إلى الاكتفاء الذاتي من السكر، مبينا أن افتتاح مصنع «سكر النيل الأبيض» في أول أبريل (نيسان)، كان جزءا من هذه السياسة، فضلا عن الاكتفاء الذاتي من القمح، وذلك بالتوسع في زراعته، من خلال الاستثمار في زراعته، بواسطة استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي.