استئناف المفاوضات بين أحزاب الائتلاف الحكومي الهولندي حول التقشف .. ونسبة عجز الموازنة تصل إلى 4.7%

خبير ألماني: باقة الإنقاذ الأوروبية مثل وضع السم في العسل

مخاوف حول مستقبل الاتحاد الأوروبي («الشرق الأوسط»)
TT

قبل ساعات من انطلاق اجتماعات وزراء المال في منطقة اليورو المقررة الجمعة والسبت في كوبنهاغن، حيث الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد، وهو اجتماع يبحث في تعزيز موارد صناديق الإنقاذ الأوروبية لاحتواء أزمة الديون السيادية في المنطقة ومنع انتشارها إلى بلدان أوروبية، قال مكتب الإحصاء الهولندي إن نسبة العجز في الموازنة قد وصلت في 2011 إلى 4.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، أي أقل من توقعات مكتب التخطيط الهولندي الذي سبق وتوقع أن تصل النسبة إلى 5 في المائة، بعد أن توقع لها في 2010 5.1 في المائة، أما نسبة الديون الحكومة فقد وصلت إلى 65.2 في المائة العام الماضي من إجمالي الناتج القومي، ويلاحظ أن نسبة العجز والديون الحكومية وللعام الثالث على التوالي تفوق الأرقام المسموح بها أوروبيا، وتستأنف الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي الهولندي، بعد ظهر الجمعة، المفاوضات حول استقطاعات الميزانية في هولندا. وذلك في ظل تهديدات اليمين المتشدد الذي يقوده خيرت فيلدرز، وكشف التلفزيون الحكومي أن المفاوضات دخلت «مرحلة صعبة»، بسبب عدم استعداد فيلدرز للموافقة على استقطاعات في الميزانية متعلقة بدعم البطالة والنظام الصحي. ويتفاوض الليبراليون والديمقراطيون في الحكومة منذ ثلاثة أسابيع مع حزب الحرية، الذي يدعمهم في البرلمان على الرغم من عدم مشاركته في الائتلاف الحاكم، حول استقطاعات جديدة في الميزانية من أجل خفض العجز العام لـ2013 لأقل من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لمطالب الاتحاد الأوروبي. ويتوقع مكتب الإحصاء الهولندي أن العجز العام بهولندا قد يصل عام 2013 إلى 4.6 في المائة، في حال عدم تبني إجراءات تقشف جديدة.

وتتطلع الحكومة الهولندية لخفض النفقات العامة بنحو تسعة مليارات يورو إضافية، بعد أن خفضتها بنحو 18 مليارا في مطلع الدورة التشريعية. وبدأ وزراء المال لدول منطقة اليورو خلال اجتماع في كوبنهاغن الجمعة والسبت، تنسيق سياسات دولهم في عدد من المسائل، وتحديدا بالنسبة لرفع رأسمال صندوق الاستقرار المالي الأوروبي.

حيث صدرت مواقف من عدة عواصم أوروبية أظهرت وجود رغبة في التوجه إلى الرفع من قدرات تدخل صندوق الاستقرار المالي الأوروبي الخاص بإنقاذ الدول المتعثرة، التي تعاني من متاعب في ديونها السيادية. ويبلغ حجم صندوق الاستقرار المالي الأوروبي حاليا 500 مليار يورو، ولكن الكثير من الأوساط تعتبره غير كاف للرد على متطلبات محتملة من الأموال لدول بحجم إيطاليا أو إسبانيا. ويرفض صندوق النقد الدولي حتى الآن الرفع من مساهمته في إنقاذ الدول المتسيبة في منطقة اليورو قبل الحصول على تعهدات أوروبية بالزيادة في رأسمال الصندوق. ورفضت ألمانيا حتى الآن هذا التوجه، إلا أن المستشارة الألمانية ميركل تراجعت عن مواقفها المتشددة ولمحت إلى وجود فرص لتعزيز قدرات الصندوق الأوروبي. ويقول مراقبون إن رأسمال الصندوق قد يتم دعمه ليبلغ 940 مليار يورو بشكل مؤقت على الأقل لطمأنة الأسواق والمتعاملين. ويبدأ العمل بآلية الاستقرار المالية الأوروبية الجديدة في يوليو (تموز) المقبل وسيتم مراجعة قدراته منتصف العام المقبل. يأتي ذلك فيما وصف عالم الاقتصاد الألماني البروفيسور هانز أولاف هنكل، باقة الإنقاذ الأوروبية لليونان واحتمالات البحث عن باقة مماثلة للدول الأوروبية المتعثرة وإضعاف قيمة اليورو بأنها السم في العسل. وحذر هنكل في محاضرة له أمام منتدى هيئة تشجيع الصادرات السويسرية في مدينة (زيوريخ) من «نهاية غير متوقعة لمشكلة العملة الأوروبية الموحدة (يورو)» التي وصفها بأنها «مأساة حية نعيش فصولها يوميا». وألقى باللوم «على الحكومتين الألمانية والفرنسية لأن الأخيرة مارست ضغوطا قوية على الأولى للقبول بمقترحات مظلة الإنقاذ الأوروبية ودعمها ماليا ورضخت الأولى لتلك الضغوط بسهولة».

وأوضح أن «الضغوط الفرنسية كانت بسبب مصالح المؤسسات المالية الفرنسية واسعة الانتشار في دول جنوب أوروبا فكان من مصلحة الحكومة الفرنسية ممارسة كل الضغوط على ألمانيا».

وأكد أن «تلك الحلول بمثابة السم في العسل، لأنها تفوق طاقة دول مجموعة اليورو غير المتجانسة اقتصاديا»، مشيرا إلى أن «قيمة اليورو أكبر من قدرات اقتصادات دول جنوب أوروبا».

في الوقت ذاته، انتقد النخبة السياسية والمثقفة في ألمانيا، لأنها «لم تتناول أسباب ودوافع الضغوط الفرنسية على برلين بشكل جاد أمام الرأي العام، ولم تفند المخاوف التي أطلقها صندوق النقد الدولي عندما حذر من تفكيك دول اليورو». وأيد الخبير الاقتصادي الألماني انسحاب دول جنوب أوروبا من اليورو، كأحد الحلول الممكنة للأزمة، مبررا ذلك بأنه «من غير المنطقي أن تتحمل اقتصادات أوروبية قوية تبعات ضعف اقتصادات دول أخرى».

وأكد أن «إخراج الدول الأوروبية ذات الاقتصاد الضعيف من اليورو يلقى قبولا لدى الرأي العام الأوروبي، وأن هذا الحل سيجعل اقتصادات تلك الدول تتعافى في فترة ربما أسرع من تلك التي ستحتاجها وهي داخل منظومة اليورو». وبرر تأييده لهذا التوجه بأن «الاقتصادات المتعثرة تنهض أسرع في ظل عملة تتناسب مع إمكاناتها الاقتصادية، بدلا من أن تصارع لإصلاح اقتصاداتها الضعيفة في ظل عملة قوية»، كما أشار إلى أن اليورو «فشل في تحقيق أهدافه السياسية ولم يؤد إلى تحسين اقتصادات القارة الأوروبية بالتساوي»، مشيرا إلى «التفاوت بين معدلات النمو الاقتصادي داخل القارة».

واستخدم ارتفاع نسبة البطالة في دول جنوب أوروبا بالتحديد، لا سيما بين الشباب، كدليل على إخفاق تلك الحكومات في تقديم ما يساعد على تحقيق نمو اقتصادي يسير في اتجاه صحيح.