لحسن حداد: مراكش أنقذت سياحتنا.. وسنركز على أسواق جديدة منها الصين والهند والبرازيل

وزير السياحة المغربي في حوار مع «الشرق الأوسط»: نعد خطة تستجيب لمتطلبات السائح الخليجي

لحسن حداد، وزير السياحة المغربي (تصوير: عبد اللطيف الصيباري)
TT

قال وزير السياحة المغربي الدكتور لحسن حداد، إن قطاع السياحة في بلاده تجاوز فتراته الصعبة واستعاد عافيته، وإن وزارته بصدد إعداد خطط متكاملة للانفتاح على أسواق سياحية جديدة، مشددا على أهمية السوق الخليجية. وأشار في هذا السياق إلى أن الحكومة المغربية تولي الاهتمام بأسواق مثل الصين والهند والبرازيل. وقال حداد في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن المغرب نجح فعلا في استقطاب نحو عشرة ملايين سائح كما خطط لذلك من قبل، لكنه قال إنه لم يحقق هذه النتيجة من خلال سياحة البحر، مشيرا إلى أن الذي ساهم في جلب السياح هو مدينة مراكش البعيدة عن البحر. وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف هو حال السياحة المغربية؟ هل صحيح أن وضعها كارثي؟

- وضعية قطاع السياحة المغربية ليست بهذه الصورة. فهي عرفت منذ عام 2001 نموا كبيرا، وحققت نتائج مهمة، لأن الهدف من الرؤية أو الخطة التي وضعها المغرب بشأن استقطاب عشرة ملايين سائح في أفق 2010 تحققت بنسبة 97 في المائة، مما خول للمغرب استقطاب 9.7 مليون سائح كما تم التخطيط لذلك.

وبالموازاة مع ذلك نجح المغرب بنسبة 90 في المائة ما بين 2001 و2010 في تحقيق مداخيل مالية في القطاع السياحي بلغت خلال هذه الفترة 440 مليار درهم (أي نحو 55 مليار دولار). خلال العام الماضي 2011 وفرت السياحة ببلادنا نحو 470 ألف وظيفة. وبالنظر إلى أهمية هذه الأرقام والمعطيات يمكن أن نقول إن القطاع السياحي حقق منجزات كبيرة جدا. وهو بالتالي قطاع أساسي ومهم بالنسبة لاقتصاد البلاد، إذ يعتبر المورد الأساسي للعملة الصعبة.

* هل مداخيل السياحة من حيث العملة الصعبة أعلى من تحويلات المغاربة بالخارج؟

- مداخيل السياحة أعلى من إيرادات العمال المغاربة المقيمين ببلدان المهجر في أوروبا وغيرها، وتأتي في المقام الثالث إيرادات قطاع الفوسفات من العملة الصعبة. بالإضافة إلى ذلك تعتبر السياحة المساهم الثاني في الناتج الداخلي بالمغرب، على الرغم من المشاكل التي واجهها هذا القطاع الحيوي في المدة الأخيرة.

* ما هي هذه المشاكل تحديدا؟

- تمثلت الصعوبات التي واجهتها السياحة المغربية في العام الماضي، في الخلط الحاصل في أذهان السياح بين المغرب ودول مجاورة حصلت فيها ثورات، ولأسباب أمنية لوحظ إحجام نسبي في عدد السياح الوافدين على بلادنا، لكن بالمقارنة زاد عدد السياح إجمالا في العام الماضي بنسبة 1 في المائة، والتراجع تبين من خلال تراجع عدد الليالي التي يمضيها السائح بنسبة 6 في المائة.

وبالعودة إلى الحديث عن صورة أو حالة السياحة المغربية يمكن القول إن هذا القطاع يتمتع بعافية كبيرة، وبنفس القدر يتميز أيضا بنوع من المناعة والقوة التي تجعله يحقق نتائج إيجابية ولا يتأثر إلا لفترات وجيزة بمحيطه الإقليمي وحتى الدولي، وأقصد بذلك وجود أزمة مالية تبعتها أزمة اقتصادية وأزمة الديون السيادية بعدد من الدول الأوروبية، وترتب على هذه الوضعية تقشف في الأسواق المصدرة للسياح نحو المغرب. ومما زاد الوضع تأزما حدوث ثورات «الربيع العربي»، الشيء الذي جعلنا نمر بوضعية صعبة في الشهور القليلة الماضية، لكن مع ذلك لم تتأثر السياحة تأثرا بالغا، فقد أبانت أنها تتمتع بقوة وبقدرة على تجاوز العقبات.

* ما هي المحطات الصعبة التي تعرضت فيها السياحة المغربية للامتحان؟

- نذكر مثلا ما جرى من هجوم مسلح على فندق «أطلس أسني» صيف عام 1994 بمدينة مراكش التي تعتبر العاصمة السياحية للبلاد. بعد ذلك بسبع سنوات، انحبست أنفاس العالم أجمع بعد الهجوم بالطائرات يوم 11 سبتمبر (أيلول) 2001 على برجي التجارة العالمية في نيويورك، وكان من نتائج ذلك أن تغيرت نظرة السياح عبر العالم للدول الإسلامية وحصل خلط بين الإسلام والإرهاب.

بعد ذلك اشتعلت منطقة الخليج بسبب حرب عام 2003، وهي نفس السنة التي حصلت فيها تفجيرات 16 مايو (أيار) في الدار البيضاء التي تعتبر العاصمة التجارية والاقتصادية للمغرب، ناهيك عن الأزمات الاقتصادية والمالية والركود التجاري والاحتجاجات الاجتماعية حتى في الدول الكبرى والصناعية، ثم تبعات «الربيع العربي»، في دول منها ثلاث بجوارنا. رغم كل هذا فقد تجاوزنا هذه الأزمات بسرعة كبيرة.

* ألم تتضرر السياحة جراء التفجير الإرهابي الذي استهدف العام الماضي مقهى «أركانة» في مراكش، ومات وجرح فيه سياح؟

- نعم، تأثرت سياحتنا، بيد أن هذا التأثير كان محدودا في فترة زمنية معينة. وإذا أضفنا التفجير الإرهابي لمقهى «أركانة» إلى العوامل المختلفة التي ذكرتها تكون صورة الضرر واضحة، وعلى الرغم من كل هذا سرعان ما تستعيد السياحة المغربية عافيتها.

* بعد هذه الصعوبات التي ذكرتها، ألم يقع تراجع أو تغيير في الوجهات التي يأتي منها السياح إلى المغرب؟

- تبقى السوق الفرنسية في المقام الأول، حيث تشكل المصدر الأساسي للسياح الذين يتوجهون نحو المغرب، وذلك على الرغم مما لوحظ من تراجع للسياح الفرنسيين في المدة الأخيرة. نفس الشيء بالنسبة للسوق الإسبانية والإيطالية. وهناك أسواق أخرى يأتي منها سياح إلى المغرب مثل إنجلترا وألمانيا وبلجيكا وهولندا، وهي أسواق تقليدية بالنسبة لنا. ومن جانب آخر، هناك أسواق صاعدة تزود هي الأخرى المغرب بالسياح مثل بولندا وروسيا والدول الإسكندنافية.

* هناك من يتحدث عن سياحة النوع بدل العدد في إطار المقارنة بين السياح العرب والأوروبيين، إذ إن سائحا خليجيا واحدا ينفق ما يعادل مئات الأوروبيين، الذين يبيت بعضهم في عربته المقطورة مع السيارة.

- هذا كلام فيه الكثير من الصحة. ونحن بصدد الانفتاح على السياح الخليجيين من أجل جلبهم. والوزارة تعد خطة خاصة بالسياح الخليجيين. نعتقد أن هناك ما يقارب 4 ملايين سعودي يسافرون خارج المملكة العربية السعودية كل سنة، وبكل صراحة نحن لا نجذب من السياح السعوديين إلا عددا قليلا.

* كم عددهم؟

- يأتي إلينا نحو 57 ألف سائح سعودي في السنة. والحقيقة أن هناك خزانا للسياحة في الخليج. السياح السعوديون مثلا لا يمكنهم التوجه في هذه الظرفية الخاصة إلى لبنان البلد المجاور أو إلى سوريا، أو مصر وغيرها. ومنهم من يفضل التوجه إلى وجهات أخرى مثل المغرب، لذلك فإن الوزارة بصدد إعداد خطة تستجيب لمتطلبات السائح الخليجي.

* ماذا يريد السائح الخليجي بشكل عام؟

- هذا السائح يرغب في التسوق والتبضع، ويريد كذلك إيجاد ملاعب وأماكن للترفيه بالنسبة لأطفاله ومرفقات خاصة له ولأسرته. ونعتقد أن المدن المغربية التي تتجاوب مع هذه الحاجات هي الدار البيضاء ومراكش وطنجة وأغادير وكذلك فاس بالنسبة للذين يريدون التسوق بشكله التقليدي المعروف.

نريد أن نتجاوب مع هذه الحاجات من خلال خطط وبرامج تخصص لهذا الغرض، لأننا نعتبر السوق الخليجية من الأهمية بمكان بالنسبة لنا. بالإضافة إلى السعودية نركز على سوق الإمارات العربية المتحدة، وقطر، والكويت، وعمان، وأهمية هذه الأسواق تتجلى في كونها مصدرا للسياحة العائلية، وأهم من ذلك أنها أيضا مصدر لسياحة الأعمال، التي يمثلها السياح الإماراتيون والقطريون بشكل أساسي. لذلك لا يمكن أن نغفل التركيز على هذه السوق السياحية بل سنوليها الاهتمام اللازم من خلال العمل مع مختلف الفاعلين السياحيين المغاربة ومع مروجي الأسفار العالميين من أجل التجاوب بشكل استراتيجي مع هذه السوق المهمة.

* على ماذا ترتكز استراتيجية وزارة السياحة في هذا الشأن؟

- ترتكز هذه الاستراتيجية أولا على التعريف بما يتوفر عليه المغرب من مؤهلات سياحية تهم السائح الخليجي، ثم سنعمل على الترويج أيضا للخدمات التي يمكن للسياحة تقديمها للسائح الخليجي والتي يحتاجها بطبيعة الحال. وبما أن المغرب دولة إسلامية وقريبة ثقافيا من المنطقة الخليجية، لا شك أن هذه العوامل مجتمعة ستشجع السياح الخليجيين على التوجه إلى المغرب، باعتباره بلدهم الثاني. كما سنعمل في المقام الثاني على تلبية حاجات ورغبات ومتطلبات السياح الخليجيين أو العائلات السعودية والقطرية والإماراتية والخليجية بوجه عام، وهذا بشكل عام ما تنبني عليه استراتيجيتنا تجاه السوق السياحية في الخليج. وما دام أن النقل الجوي موجود وبشكل منتظم فإن التجاوب مع احتياجات السائح الخليجي ممكنة.

* ألا ترى أن السائح الذي كان يحزم حقائبه نحو المغرب سواء من الشرق أو من الغرب التبس عليه الوضع السياسي بعد هيمنة الإسلاميين على الحكومة؟

- أولا الإسلاميون في المغرب، هم مغاربة معتدلون. وكما أن المغرب شكل حالة استثناء وسط حالات الثورات، فالإسلاميون المغاربة أيضا هم استثنائيون. الإسلاميون يشاركون في اللعبة الديمقراطية وشاركوا في الانتخابات التشريعية الأخيرة وربحوا، ولم يقولوا إنهم سيقلبون المجتمع رأسا على عقب، ولم يقولوا أيضا إنهم سيتخلون عن الاختيارات الاستراتيجية للمغرب.. بل على العكس من ذلك يقولون إنهم مع تطبيق الدستور ومع تطبيق القانون، وممارسة الحوكمة الجيدة (الإدارة الرشيدة)، وإن الأساسي بالنسبة إليهم يكمن في الأولويات التي تتمثل في التعليم وتوفير السكن والعمل، وأظن أن هذه الرسالة وصلت إلى جميع أقطار العالم، وأن الناس اليوم يفهمون أن وجود الإسلاميين في الحكم لا يعني نوعا من الردة أو التراجع سواء في السياحة أو مجالات أخرى. بل على العكس كان أول نقاش في الحكومة الحالية التي يرأسها عبد الإله ابن كيران، حول السياحة. وأول من طلب منه رئيس الحكومة أن يقدم عرضا حول قطاعه كان أنا بصفتي الوزير المكلف بقطاع السياحة، وذلك لتقديم إجابات تتعلق بما ينبغي القيام به من أجل دعم السياحة المغربية. وخلال اللقاء الأخير الذي جمع أعضاء الحكومة بالفاعلين الاقتصاديين الفرنسيين خلص العمل إلى إقناع الفاعلين الفرنسيين الذين غادروا المغرب - لأسباب لا تتعلق بالإسلاميين - بالعودة إليه لأن المغرب بلد الاستمرارية وليس القطيعة، وبلد التحديث والعصرنة في إطار الخصوصية الوطنية.

* لكن تم اتخاذ قرارات هذه الأيام بإغلاق بعض دور ضيافة.

- إذا كان هناك ما يخالف القانون سواء تعلق الأمر فيه بالسياحة أو بغيرها، فلا نرى مانعا من إعمال القانون فيه. وبالنسبة للحالات التي يتم فيها مخالفة القانون فإن الجهات المختصة تتخذ ما يلزم سواء بعد مجيء الإسلاميين أو قبلهم، كما أن الإسلاميين لا يقومون بـ«مطاردة الساحرات» من أجل أي شيء، وإذا ثبتت مخالفات قانونية يتم تصحيح الأمور بشكل قانوني ولا دخل للسياسة أو الآيديولوجيا في ذلك.

* أنت تتحدث عن أمور قانونية لكن قد تكون من منظور البعض غير شرعية، ما العمل في هذه الحالة؟

- في المغرب هناك مرافق ترفيهية، والقانون واضح بشأنها. قد تكون هناك ضبابية في القانون، لكن هذا لا علاقة له بالإسلاميين، لأن هذا الوضع موجود بالمغرب منذ عشرات السنين، لكن هذا لا يمت للسياحة بصلة.

* وزارة السياحة لها ذراع خارج المغرب تتمثل في «المكتب المغربي للسياحة»، هل حان وقت تطوير أداء هذه المؤسسة؟

- المكتب المغربي للسياحة هو بمثابة اليد الطولى التي تمكننا من الوصول إلى السياح أينما كانوا. والمكتب المغربي للسياحة له تجربة كبيرة جدا وله كذلك مجموعة من الكوادر داخل وخارج المغرب، التي تعمل بشكل يومي من أجل الحصول على معلومات حول أماكن وجود السياح. نشارك في نحو 80 معرضا سياحيا دوليا، ونساهم في تنظيم العشرات من التظاهرات والمواسم والمهرجانات في المغرب، كما نقوم بحملات إعلانية في أكبر العواصم العالمية. ولولا المكتب المغربي للسياحة والعمل الذي قامت به كوادره لما كنا لنصل إلى تحقيق هذه النتائج، وتجاوز تبعات الأزمة العالمية.

ومع ذلك، هناك أمران يجب أن نقولهما بشأن المكتب المغربي للسياحة، فلو كان لي الأمر في إنشاء هذه المؤسسة رجوعا إلى الخلف منذ نحو 30 سنة مضت أو أكثر وهي عمر المكتب المغربي للسياحة، لأقمت هذا المكتب في الخارج. المكتب المغربي للسياحة لا يجب أن يكون مقره داخل المغرب. ينبغي أن يعمل على الأقل نحو 70 في المائة من كوادر المؤسسة في الخارج.

المسألة الثانية، تتعلق بتطوير العمل والترويج والتسويق لمنتجاتنا وخدماتنا السياحية بشكل أكثر مع وجهات معينة، وهذا ما سوف نقوم به، وهذا أمر آخر يتطلب بعض المرونة في نقل الموارد البشرية للمكتب المغربي للسياحة من دولة إلى أخرى، فمثلا لا يمكن أن نستمر في فتح مكتب لنا بكندا بالمقارنة مع عدد السياح الوافدين من هذه المنطقة لأن هناك دولا أخرى يبدي السياح فيها اهتماما بالمغرب. وأرى أنه ينبغي أن يكون لنا مكتب في فرسوفيا وآخر في بكين، وتمثيلية في ريو دي جانيرو بالبرازيل. وبعد سنوات يكون لنا مكتب جديد في نيودلهي، لأن هناك أسواقا صاعدة ينبغي الاهتمام بها مقابل تخفيض وجودنا في أسواق أخرى لا يأتي منها الكثير من السياح كما هو حال أميركا الشمالية.

* الاهتمام بجلب السياح من الخارج يوازيه الاهتمام بهم في الداخل، فقد يكونون أحيانا موضع اعتداءات وأحيانا أخرى تأتي منهم تصرفات مخالفة للقوانين والأعراف الاجتماعية، أين موقع الشرطة السياحية من ذلك؟

- لا يمكن الحديث عن 9 ملايين سائح على أنهم معتدون أو معتدى عليهم. وما أشرت إليه عبارة عن أحداث متفرقة لا يمكن النظر إليها على أساس أنها تشكل ظاهرة، مهما كانت الضجة الإعلامية التي أثارها هذا الحادث أو ذاك. صحيح أنه يلزمنا القيام بمجهود أكبر على مستوى الخدمات السياحية التي نقدمها للسائح، وهذه الخدمات لا تتعلق فقط بالفنادق وإنما تتعلق أيضا بالمناخ السياحي العام، والذي يدخل في إطاره توفير الأمن في أي مدينة يقصدها السياح وفي الطريق، وحمايتهم من المرشدين المزيفين، وبعض أصحاب البازارات الذين يطلبون أسعارا خيالية، أو بعض أصحاب سيارات الأجرة الذين قد يتصرفون بشكل يزعج السياح.

ولا بد أن أشير إلى وجود اتفاقية بين وزارة السياحة ووزارة الداخلية بخصوص الشرطة السياحية، وينبغي تقييم أداء الدور الذي لعبته هذه الشرطة في الماضي، والعمل على إحيائها وتحفيزها. كما أن هناك عملا آخر ينبغي القيام به مع وزارة الصناعة التقليدية هي الأخرى، بخصوص تأطير أصحاب البازارات حتى يكونوا مساهمين بشكل أكثر إيجابية في القطاع السياحي.

كما ستبذل الوزارة جهودا مع السلطات الجهوية على مستوى العمالات (المحافظات) والمجالس البلدية من أجل تهيئة المتنزهات ووضع المرافق الصحية وبناء الطرق من أجل خدمة السائح الذي يقصد المغرب. ونكثف الجهود مع وزارات الداخلية والنقل والثقافة والصناعة التقليدية ليكون العمل جماعيا، والتجربة متكاملة وناجحة، لأننا نضع في الحسبان أن حالة العودة في السياحة أمر مستحسن ومطلوب، ونقصد أن السائح الذي يأتي إلى المغرب أول مرة ويعود مرات مقبلة هو ما نسعى إلى تحقيقه وجعله مكسبا سياحيا.

* أي جهة أو منطقة في المغرب تستقطب السياح أكثر؟

- عملنا في إطار «رؤية 2010» من أجل الوصول إلى استقطاب 10 ملايين سائح إلى المغرب، وكنا ركزنا في تلك الرؤية على الترويج للمنتجعات الشاطئية، وتمكنا من تحقيقه لكن ليس بالمرور عبر المنتوج الشاطئي، بل عبر مدينة مراكش التي جلبت جزءا كبيرا من السياح. وهي تشكل بذلك حصة الأسد في جلب السياح، ثم أغادير. ونعمل في إطار «رؤية 2020» على تأهيل وتطوير ثماني مناطق سياحية جديدة بالمغرب، وكل هذه المناطق ستعطي تجربة سياحية فريدة ومتكاملة ومتنوعة.

* ما هي مثلا ملامح هذه التجربة؟

- إذا أخذنا مثلا منطقة «كاب نور» أو «الرأس الشمالي» الذي تقع به مدن طنجة وتطوان وشفشاون والعرائش ووزان، وهي عبارة عن خليط متكامل بين ما هو ثقافي وما هو طبيعي وتنوع جغرافي من شواطئ وجبال، وحيث يوجد مطار وموانئ وطرق سيارات وقطارات، كل هذه المعطيات تحفز على تطوير سياحة الأعمال بطنجة، عروس الشمال، وسنعمل على تطوير العرض الشاطئي والبنية الفندقية والسياحة الداخلية في موقع «تمودا باي» بتطوان، ومحطة «ليكسوس» في العرائش، وهي محطة من محطات الشاطئ الأزرق، وستكون لها طاقة استيعاب كبيرة جدا. وعموما سنقدم عرضا سياحيا متميزا بهذه المنطقة من أجل جلب السائح ليمكث لأطول مدة. والمثال الآخر للمناطق الثماني التي سيتم تأهيلها، هو وجهة الأطلس والوديان حيث الجبال والواحات والتي توجد بها وديان درعة ودادس وزيز وغريس وغيرها، وهي منطقة مترامية الأطراف وتمتد من محاميد الغزلان القريبة من الحدود مع الجزائر إلى فكيك وصولا إلى الراشيدية والطاووس والريصاني وأكدز والنقوب بوارزازات التي تعتبر إحدى العواصم السينمائية بأفريقيا والعالم العربي، وتعتبر هذه المنطقة غنية بمواردها السياحية التي تشمل واحات النخيل وصحاري وكثبان الرمال الذهبية، يقصدها السياح طلبا للاستشفاء بدفئها وحرارتها، كما تضم معالم عمرانية مغربية فريدة تتجلى في معمار القصبات والقصور. ومن يمر مثلا على الواحات يرى قرى جميلة جدا مثل تنجداد وتينغر وبومالن وقلعة مكونة وسكورة ومناظرها الأخاذة. وسنعمل على تطوير هذه المنطقة السياحية لكي نقدم للسائح تجربة متكاملة وغنية.