الحكومة المصرية تبحث في ملفاتها عن وسائل لدعم السيولة

بدأت بحصر الصناديق الخاصة وتسعى للتفاوض على فوائد الحوالات الصفراء

البنك المركزي المصري («الشرق الأوسط»)
TT

في سياق بحثها في ملفاتها عن وسائل لدعم السيولة في موازنتها العامة، بدأت الحكومة المصرية في حصر الصناديق الخاصة، في خطوة يراها البعض مهمة لضمها إلى الموازنة، هذا إلى جانب مباحثاتها مع صندوق النقد للحصول على قرض، بالإضافة إلى عزمها التفاوض مع الحكومة العراقية للحصول على فوائد الحوالات الصفراء التي استطاعت من خلالها تدعيم احتياطي النقد الأجنبي لديها.

وتعتزم الحكومة المصرية خلال الفترة المقبلة التفاوض مع نظيرتها العراقية بشأن الفوائد على أموال المصريين الذين عملوا في العراق في الفترة من أول مايو (أيار) 1989 حتى 30 يونيو (حزيران) 1990 بدءا من الأحد المقبل. يأتي ذلك بعد أن حولت الحكومة العراقية إلى مصر مستحقات 670 ألف مواطن مصري تعثر سداد مستحقاتهم لدى العراق لأكثر من 20 عاما، وبلغ إجمالي مستحقاتهم 408.38 مليون دولار، وذلك دون الفوائد على تلك الأموال.

ورغم أن فوائد تلك المستحقات ظلت العقبة أمام صرف تلك الأموال خلال عامين، فإن وزير العمل والشؤون الاجتماعية بالعراق نصار الربيعي قال إن بلاده لا تمانع في المستقبل أن تطالب الحكومة المصرية بأرباح المبلغ.

ويصل إجمالي قيمة المبلغ بالفوائد نحو 982 مليون دولار بحسب ما قاله وزير العمل العراقي. وقالت عالية ممدوح المحللة الاقتصادية بالبنك الاستثماري سي إي كابيتال إن مصر تسعى من خلال تلك الأموال إلى تدعيم احتياطي النقد الأجنبي لديها، خاصة بعد قرار صرف الحوالات الصفراء بالعملة المحلية بدلا من الدولار، مشيرة إلى أن البنك المركزي بتلك الخطوة يسعى للحفاظ على مستويات آمنة من احتياطي النقد الأجنبي في البلاد الذي فقد نحو 20 مليار دولار منذ بداية الثورة وحتى الشهر الماضي ووصل إلى 16 مليار دولار. وتسعى الحكومة المصرية خلال الفترة الحالية إلى الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3.2 مليار دولار، إلا أن هذا القرض لم يحظ بعد بموافقة كافة أطراف المجتمع المصري.

وقال وزير المالية المصري ممتاز السعيد أمس إن حكومته حريصة على استطلاع رأي مجلسي الشعب والشورى والتيارات السياسية المختلفة حول الاتفاق المزمع توقيعه مع صندوق النقد الدولي، ليس فقط لتضمنه قرضا من الصندوق، وإنما لأن هناك برنامجا إصلاحيا مصريا تستهدف الحكومة أن تحظى الإجراءات الإصلاحية التي يتضمنها بتأييد مجلسي الشعب والشورى، والتيارات السياسية في مصر، قبل تأييد صندوق النقد الدولي، وذلك لضمان نجاح تلك الإجراءات وتحقيق آثارها في تنشيط الاقتصاد المصري وتخفيف الأعباء عن الشرائح العريضة بالمجتمع.

إلا أن وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب أشرف بدر الدين قال إن قرض صندوق النقد لم تناقشه لجنة الخطة والموازنة، ولم يعرض على المجلس، مؤكدا أن المجلس ليس منوطا بالموافقة أو الرفض، وإنما ينحصر دوره في مناقشة الاتفاقية التي توقعها الحكومة، وأكد أن المجلس ليس منوطا بالموافقة أو الرفض، وإنما ينحصر دوره في مناقشة الاتفاقية التي توقعها الحكومة. لكن صندوق النقد الدولي قد رهن منحه قروضا لمصر بموافقة القوى السياسية في المجتمع عليه.

وقال وزير المالية المصري إن قرض صندوق النقد الدولي يستهدف أساسا الحصول من الصندوق على شهادة للعالم بأن الاقتصاد المصري قادر على التعافي والنهوض لأن ذلك سيشجع بالتالي على جذب الاستثمارات والحصول على المساهمات والمنح والقروض وهو ما من شأنه المعاونة في تجاوز الاختناقات التمويلية الراهنة وتغطية عجز الموازنة العامة فضلا عن مساندة الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي.

إلا أن حزبي «النور» و«الحرية والعدالة» يرون أن الحكومة لم تستنفد بعد كل محاولاتها لتوفير سيولة للبلاد، وقال عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة الدكتور محمد جودة لـ«الشرق الأوسط» إن حزبه لم يوافق على هذا القرض، مشيرا إلى أنه من المرتقب أن تكون هناك لقاءات مع وفد صندوق النقد.

وأضاف إلى أن هناك أموالا لدى الحكومة تستطيع استغلالها بدلا من القروض وهي أموال الصناديق الخاصة، والتي من ضمنها صناديق بالعملة الأجنبية تصل إلى 2.5 مليار دولار.

وأشار إلى أن هناك دعوى قضائية لمطالبة الحكومة بضم أموال الصناديق الخاصة إلى موازنة الدولة للاستفادة منها.

ومن المقرر أن تنظر محكمة القضاء الإداري في 22 مايو (أيار) المقبل في الدعوى القضائية التي تطالب بضم أموال الصناديق الخاصة للموازنة العامة للدولة.

وعلى صعيد آخر، قالت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي فايزة أبو النجا، إن الحكومة تقوم بحصر كامل للصناديق الخاصة البالغة 351 صندوقا خاصا بإجمالي 36 مليار جنيه و200 مليون، وهي حجم الأموال الموجودة داخل هذه الصناديق.

وأضافت أن هناك 4 صناديق فقط غير معروف تبعيتها بها 8 مليارات جنيه، وجار استيضاح الجهات المسؤولة عنها موضحة أن هناك عمالة مدرجة على هذه الصناديق تحصل على مكافآت منها، مؤكدة أن ما أثير عن حصول وزراء الحكومة على أموال من هذه الصناديق افتراء وكذب، حيث تم فحص المستندات التي قدمها أحد النواب مدعيا حصول الوزراء على مكافآت من هذه الصناديق، وأقر رئيس المجلس بعدم وجود اسم أي وزير على أموال من هذه الصناديق.

وترى منى منصور الخبيرة الاقتصادية إن استخدام أموال تلك الصناديق سيخفف الأعباء على الموازنة المصرية وسيقلص عجز الموازنة خاصة بعد زيادة الإنفاق لمواجهة زيادة الطلبات بعد الثورة، وأشارت إلى أنها تتوقع زيادة عجز الموازنة خلال العام المالي الحالي (2011/2012) ليصل إلى 11.8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بتوقعاتها السابقة عند 9.5 في المائة.