الإيطاليون ينتحرون بسبب الأزمة والهولنديون يعترفون بالوقوع في أخطاء

منطقة اليورو بين التصديق على معاهدة الموازنة وطلبات البنوك للحصول على تمويل من المركزي الأوروبي

جانب من البنك المركزي الأوروبي («الشرق الأوسط»)
TT

قال البرلمان الأوروبي ببروكسل، إن رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو سيشارك في نقاش مفتوح مع أعضاء المؤسسة التشريعية الأعلى في الاتحاد الأوروبي حول الأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو، وذلك خلال جلسة مقررة الأربعاء المقبل ضمن جلسات البرلمان الأوروبي الأسبوع المقبل في ستراسبورغ.

وشهدت دول منطقة اليورو خلال الساعات القليلة الماضية عدة تطورات، أظهرت الرغبة في تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه من قرارات في قمة بروكسل لتفادي أزمات جديدة، وصادقت البرتغال على معاهدة الاتحاد الأوروبي لضبط الموازنة.

بينما بلغ إجمالي قيم طلبات التمويل، التي تقدمت بها مصارف إسبانية للبنك المركزي الأوروبي خلال مارس (آذار) الماضي، 316 مليارا و343 مليون يورو، مما يمثل رقما قياسيا جديدا بالنسبة للبلاد، وجاء ذلك في وقت قالت فيه وسائل إعلام روما إن ما لا يقل عن 18 شخصا لقوا مصرعهم انتحارا في إيطاليا بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعانيها هذا البلد وتراكم الديون على المواطنين، وذلك منذ بداية العام الحالي 2012.

وفي لاهاي، ارتكبت الحكومة الهولندية والبنك المركزي الهولندي أخطاء كبيرة أثناء محاولة إنقاذ البنوك الهولندية (ABN - ING - Fortis) أثناء الأزمة المالية في عامي 2008 و2009، حيث لم ينتبه البنك المركزي الهولندي إلى المشاكل التي يمكن أن يحدثها التعامل في قروض شراء المساكن أميركية الأصل. هذه هي الخلاصة التي توصلت إليها لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول أزمة البنوك الهولندية. في لشبونة، صادقت البرتغال على معاهدة الاتحاد الأوروبي لضبط الموازنة، وهي المعاهدة التي صادقت عليها اليونان في وقت سابق، وجرى التصديق على المعاهدة في البرتغال بتأييد الائتلاف المحافظ الحاكم والحزب الاشتراكي المعارض الرئيسي.

وتمت الموافقة على الاتفاق الذي يزيد العقوبات على تلك الدول التي تسجل مستويات مرتفعة من العجز والديون، بتأييد 132 صوتا من الائتلاف المحافظ الحاكم، و74 صوتا من الحزب الاشتراكي المعارض الرئيسي في البرلمان. في حين صوّت ضد الاتفاق 24 عضوا في البرلمان من ثلاثة أحزاب من أقصى اليسار، مطالبين بطرح المعاهدة على الاستفتاء. ويتعهد الاتحاد الأوروبي بموجب المعاهدة بتقديم مساعدات مالية إلى البرتغال إذا نجحت في تقليص دينها العام إلى ستين في المائة من الناتج المحلي، وإذا نجحت في تخفيض عجزها إلى 3 في المائة، مما يزيد من التحديات التي تواجهها البرتغال التي تبلغ نسبة عجزها 4 في المائة، أما دينها العام فيبلغ 115 في المائة. والبرتغال تتخذ إجراءات تقشفية حادة عبر زيادة الضرائب وتقليص الإنفاق العام، وهي نجحت في تخفيض عجزها، لكن الإجراءات أدخلت الدولة في تراجع اقتصادي نتيجة ارتفاع البطالة وزيادة التضخم المالي، ولم يقتصر الأمر على البرتغال فقط في اتخاذ خطوات تقشفية، بل إن هناك دولا أخرى تسير على هذا الدرب، ومنها إيطاليا، ولكن ما حدث في روما بسبب تداعيات الأزمة أثار الانتباه.

وذكرت وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) أن جمعية «فيدير كونتريبيونتي» لدافعي الضرائب أكدت مصرع 18 شخصا على الأقل انتحارا بسبب الركود الاقتصادي وإجراءات التقشف التي تتخذها الحكومة الإيطالية. ورفعت الجمعية شكوى قضائية في روما لمعرفة ما إذا كان الأشخاص الذين يتعين عليهم وقف هذه المذبحة لا يقومون بعملهم. وفي إسبانيا، بلغ إجمالي قيم طلبات التمويل، التي تقدمت بها مصارف إسبانية للبنك المركزي الأوروبي خلال مارس (آذار) الماضي، 316 مليارا و343 مليون يورو، مما يمثل رقما قياسيا جديدا بالنسبة للبلاد. ووصلت القيمة الإجمالية لطلبات الحصول على التمويل، الصادرة عن المصارف الإسبانية خلال الشهر الماضي، إلى ضعف نظيرتها عن فبراير (شباط) السابق، والبالغة 169 مليارا و802 مليون يورو. وبحسب البيانات الصادرة عن البنك المركزي الإسباني، فإن المصارف الإسبانية أودعت 88 مليارا و742 مليون يورو بالمركزي الأوروبي خلال مارس الماضي، وهي أعلى قيمة تسجل في تاريخ البلاد. وبلغت قيمة هذه الودائع الإسبانية بالبنك الأوروبي ضعف مثيلتها عن فبراير السابق، التي بلغت 19 مليارا و665 مليون يورو. وفي لاهاي، ارتكبت الحكومة الهولندية والبنك المركزي الهولندي أخطاء كبيرة أثناء محاولة إنقاذ البنوك الهولندية (ABN - ING - Fortis) أثناء الأزمة المالية في عامي 2008 و2009، حيث لم ينتبه البنك المركزي الهولندي إلى المشاكل التي يمكن أن يحدثها التعامل في قروض شراء المساكن أميركية الأصل. هذه هي الخلاصة التي توصلت إليها لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول أزمة البنوك الهولندية. وتوصلت اللجنة في تقريرها الختامي إلى أن بنك ING قد ظل ولفترة طويلة ينظر إلى أدائه المالي بشكل إيجابي رغم المشاكل التي سببتها قروض المساكن الأميركية. كاد هذا البنك قبل فترة قصيرة من اضطراره لطلب قرض حكومي يبلغ المليارات، كاد يقدم على مغامرة بشراء بنكي Amro وFortis Bank. كما انتقدت لجنة التحقيق أيضا الرقابة التي كان يفرضها البنك المركزي الهولندي على بنك «ING». تجاهل البنك المركزي مرارا الإشارات والبوادر المختلفة التي تشير إلى مشاكل مالية لدى بنك «ING». كما أن وزارة المالية الهولندية لم تعط الاهتمام اللازم للوضعية الضعيفة لهذا البنك. في النهاية، تبين أن بنك «ING» محتاج وبشكل ملح إلى عملية دعم مالي لأجل إنقاذه. حدث ذلك مرتين، الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2008 وواحدة أخرى في يناير من عام 2009. في المرة الأولى، أعطت الحكومة الهولندية جرعة مالية قوامها عشرة مليارات يورو. في عملية الدعم الثانية خاطرت الحكومة بقبول 80 في المائة من محفظة قروض المساكن الأميركية. وارتكبت الحكومة الهولندية والبنك المركزي أخطاء كبيرة بإقدامها على عمليات دعم البنوك الهولندية بمليارات اليوروات في محاولة لإنقاذ هذه البنوك، هذا ما قالته اللجنة البرلمانية الخاصة برئاسة يان دو ويت من الحزب الاشتراكي. وتوصلت اللجنة إلى أن عملية إنقاذ بنك «فورتيس» قد جاءت متأخرة جدا وأن السعر المدفوع لمحفظة القروض التي كانت بحوزته كان عاليا جدا، حيث وصل المبلغ المدفوع من قبل الحكومة إلى 30 مليار يورو في النهاية. كان قرار إنقاذ البنك قرارا حكيما، ولكن الحكومة قد خاطرت مخاطرة كبيرة، بحسب رأي لجنة التحقيق. إضافة إلى أن قرار الحكومة بدعم بنك «فورتيس» كان قد بني على حسابات مغلوطة ومعلومات غير مكتملة. وتحدثت اللجنة إلى عدد من الشخصيات المسؤولة في القطاع المصرفي وإلى الكثير من المسؤولين وصانعي القرار في ذلك الوقت. سلم التقرير النهائي للبرلمان الهولندي الذي سيعكف على نقاشه في وقت لاحق.