رئيس بولندا يكشف عن بحثه مع المسؤولين السعوديين شراء حصة وافرة من النفط

قال للسعوديين: زيارتنا جاءت لكم بالمطر وننتظر أن تجلب زيارتكم لنا الشمس

دونالد توسك رئيس وزراء بولندا لدى حديثه أمام حشد من رجال الأعمال السعوديين والبولنديين أمس في مجلس الغرف السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

رمت بولندا بثقلها الاقتصادي والسياسي في الملعب الاقتصادي والسياسي، حيث بدأت حقبة جديدة في بناء علاقات اقتصادية وسياسية استراتيجية مع السعودية، فاتحة خلالها الكثير من الفرص الاستثمارية في كل القطاعات الاقتصادية والعسكرية بشكل عام، وفي قطاعات النفط والتعدين والبنى التحتية بشكل خاص، مع تبلور رؤية سياسية مشتركة تجاه القضايا المشتركة بين البلدين من جهة، وبينهما وبين منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، والعالم بشكل عام.

وأوضح رئيس وزراء بولندا أن بلاده بحثت مع السعودية، إمكانية شراء حصة وافرة من النفط السعودي، بجانب تفاهمات أخرى حول بعض مشاريع الطاقة والتعدين والبتروكيماويات، مؤكدا أن تعاقدات تمت بالفعل في هذا الشأن بين الجهات السعودية ونظيرتها البولندية، مؤكدا أن سوق وارسو للمالية أهم الأسواق المالية في المنطقة، مشيرا إلى أنها أفضل مكان لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، في مجال الأعمال المشتركة.

وكشف دونالد توسك، رئيس وزراء بولندا، كذلك عن إكمال صفقة بين وزير دفاع بلاده والأمير سلمان بن عبد العزيز، وزير الدفاع السعودي، تتعلق بتوسيع دائرة التعاون العسكري في كل المجالات، بالإضافة إلى اتفاقية بشأن برنامج للابتعاث الجامعي والتعليمي، إلى المدارس البولندية، خاصة في مجال التقنية الفنية والطبية.

ووعد بنقل جهود تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين من مرحلة التعاون إلى مرحلة الشراكة الاقتصادية القائمة على تبادل وتقوية المصالح المشتركة، في جميع القطاعات الاقتصادية، وقال مازحا «زيارتنا لكم جاءت بالمطر وننتظر أن تجلب زيارتكم لنا الشمس»، في إشارة إلى أن زيارته الرياض صادفت هطول أمطار غزيرة غطت كل أنحاء المنطقة، بينما هم في بولندا، بلاد الضباب والغمام، في حاجة لشمس مثل تلك التي تسطع في سماء السعودية.

جاء ذلك لدى حديث توسك أمام حشد من رجال الأعمال السعوديين والبولنديين أمس في مجلس الغرف السعودية، مؤكدا أن صفحة جديدة للعلاقات السعودية البولندية بدأت بالفعل، مثمنا التفاهمات الإيجابية، التي تمت مع القيادات السياسية والمسؤولين في الحكومة السعودية، مشيدا بمظاهر التطور والنمو الاقتصادي التي بدت واضحة المعالم فيها. وقدم دعوة لوزراء سعوديين لزيارة بولندا، لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، مبينا أن الدكتور الربيعة وزير الصحة السعودي، يتمتع بشعبية كبيرة في بلاده، منوها بحادثة قيامه بفصل توأمين سياميين بولنديين، بأمر من الملك عبد الله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين، مبديا استعداد بلاده في التعاون معه في ما يتعلق بتشييد وتجهيز المستشفيات الحديثة، بأفضل ما تنتجه التكنولوجيا في هذا المجال، وفي كل المنتجات الصحية والطبية الأخرى.

وأكد توسك على عزمه تولي مهام الإشراف على تنفيذ كل هذه الاتفاقيات بنفسه، خاصة في ما يتعلق بالناحية السياسية والتنظيمية، منوها بأن بولندا والسعودية بلدان مزدهران اقتصاديا وليس هناك ما يدعو أيا منهما لطلب مساعدة من الآخر، بقدر ما أن المسألة تتعلق بتوسيع مساحة خدمة المصالح المشتركة وتبادل المنافع وتعظيم دور كليهما في المساهمة في حل قضايا العالم والمنطقية اقتصاديا وسياسيا، مشيرا إلى أن السعودية وبولندا بلدان بمقدورهما توظيف تعاونهما لمساعدة الطرف الثالث.

وكشف دونالد توسك عن قدرة بلاده على تصدر قائمة الدول الأوروبية المعافاة من مرض الانهيار الاقتصادي الذي أنهك جسد العديد من البلاد الأوروبية، منوها بأن بولندا هي البلد الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي استطاع أن يجنب مواطنيه آثار الأزمة المالية العالمية.

وزاد بأن اقتصاد بلاده استطاع، خلال السنوات الأربع الماضية، تحقيق معدلات نمو اقتصادي عالية، مشيرا إلى تنفيذ بلاده عددا من المشروعات في مجال البنية التحتية بعشرات المليارات من الدولارات، فيما تفوق تكلفة كل الاستثمارات في كل القطاعات بأكثر من 200 مليار دولار، مشيرا إلى أن بولندا تعتبر أكبر ساحة للتشييد والبناء في أوروبا، حيث إنها حققت معدلات عالية في جذب الاستثمارات الأجنبية.

وثمّن الدور الذي تضطلع به السعودية في الحفاظ على الاستقرار الاقتصاد العالمي، بوصفها قوة قائدة للتغييرات الإيجابية، التي يشهدها العالم، مبينا أن قدرتها الاقتصادية والسياسية مكنتها من أن تلعب دورا محوريا على الصعيد الإقليمي والعالمي، مشددا على حرص بولندا ورغبتها الأكيدة في جعل شراكتها أمرا مرغوبا ومطلوبا من قبل البولنديين، لما تتمتع به من مصداقية ومسؤولية.

وأضاف أن بولندا تبحث عن شراكات استراتيجية مع السعودية في المجال الاقتصادي والاستثمارات، داعيا رجال الأعمال من البلدين، للاضطلاع بدورهم في تعزيز وتطوير تلك الشركات والدفع قدما بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين الصديقين إلى الأمام.

وكان رئيس الوزراء البولندي يقوم بزيارة للسعودية، على رأس وفد وزاري وتجاري رفيع، يضم وزراء الطاقة والتعدين ووزير المالية ومسؤول بوزارة الخارجية ومسؤولين آخرين من قطاعات أخرى، فيما ضم الوفد التجاري المرافق له نحو 100 من المسؤولين ورجال الأعمال البولنديين، والذي قام هو الآخر بتوقيع اتفاقيات ثنائية، مع قطاع الأعمال السعودي، تم من خلالها بحث فرص الاستثمار والشراكة بين البلدين، وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي سيقوم بها توسك للسعودية.

من جانبه، أوضح فهد بن محمد الربيعة، نائب رئيس مجلس الغرف السعودية، أن حجم التبادل التجاري والمشروعات المشتركة بين البلدين لا يعكس الإمكانيات الاقتصادية والفرص الاستثمارية والتجارية المتاحة في البلدين، حيث تبلغ الصادرات السعودية لبولندا نحو 536 مليون ريال، في حين تبلغ الواردات السعودية من بولندا نحو 1.8 مليار ريال.

ودعا الجانبين إلى اتخاذ خطوات عملية على طريق تعزيز هذه العلاقات، وذلك من خلال تفعيل الأطر التنظيمية المشتركة بين البلدين، واستغلال الفرص المتاحة لدى البلدين في المجالات التجارية والاستثمارية.

وأكد على أن جميع العوامل المطلوبة للارتقاء بالعلاقات التجارية والاستثمارية بين المملكة وبولندا متوافرة، فبولندا الأولى أوروبيا في مجال جذب الاستثمارات، والأعلى في مجال عائد الاستثمار، ولديها العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة في القطاعات الصناعية والتجارية والعقارية والزراعية.

وفي المقابل، أوضح أن السعودية الأولى عربيا في مجال جذب الاستثمار، وتحتل ترتيبا عالميا متقدما في سهولة ممارسة الأعمال، ولديها منتجات صناعية عالية الجودة، ولديها شركات رائدة وصاحبة خبرة واسعة في مجال المقاولات والبتروكيماويات، ولديها مؤسسات مصرفية قوية وصاحبة خبرة في مجالات التمويل والخدمات المالية المختلفة.

وشدد الربيعة على ضرورة تطبيق ما تم الاتفاق عليه بين البلدين منذ عام 2006 من تفاهمات، وفي مقدمتها إقامة معارض للمنتجات السعودية في بولندا، وتعزيز نفاذ الصادرات السعودية للأسواق البولندية مباشرة وليس عن طريق طرف ثالث، وتفعيل دور سفارتي البلدين في مجال تبادل المعلومات بشأن الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة في البلدين، وتنشيط تبادل هذه المعلومات عبر الموقع الإلكتروني لمجلس الأعمال الذي اتفق على إنشائه، وكذلك إنشاء الشركة السعودية البولندية التنموية التي ستعمل على الترويج والاستفادة من هذه الفرص التجارية والاستثمارية. وبجانب كل ذلك هناك أهمية لتوقيع اتفاقية لتسهيل التجارة بين البلدين.