تقرير اقتصادي: الأصول الخارجية للسعودية تتنامى بصورة متسارعة في السنوات الأخيرة

«جدوى»: حجمها قفز إلى 600 مليار دولار في 2011

توقعت «جدوى» أن يكون رصيد الأصول الخارجية للمملكة قد قفز إلى ما يقارب 600 مليار دولار («الشرق الأوسط»)
TT

كشف تقرير اقتصادي، أمس، عن البيانات الرسمية حول إجمالي الأصول والخصوم الأجنبية لكافة مكونات الاقتصاد السعودي - الدولة والشركات والأفراد - أن إجمالي الأصول الخارجية للبلاد قد تنامى بصورة متسارعة خلال السنوات الأخيرة حتى بلغ 707 مليارات دولار بنهاية عام 2010.

وأشار التقرير الصادر من شركة «جدوى للاستثمار» إلى أن الخصوم الأجنبية على الكيانات السعودية والأفراد بلغت عند مستوى 213 مليار دولار، بحيث يمثل الفرق البالغ 494 مليار دولار صافي رصيد السعودية من الأصول الخارجية في نهاية ذلك العام.

وتوقعت «جدوى» أن يكون رصيد الأصول الخارجية للمملكة قد قفز إلى ما يقارب 600 مليار دولار بحلول نهاية عام 2011، وهي من الضخامة التي تجعلها مصدرا أساسيا لقوة الاقتصاد السعودي.

وأشار التقرير إلى أن البيانات التي أعدتها «ساما» أوردت قيم وأنواع الأصول التي تمتلكها القطاعات الاقتصادية الرئيسية في السعودية - الحكومة والشركات والأفراد - وكذلك الخصوم التي تدين بها هذه الكيانات إلى جهات خارجية. وكانت «ساما» قد درجت على نشر بيانات الاحتياطيات الخارجية للدولة والبنوك بصورة شهرية منتظمة، إلا أن هذه تعتبر المرة الأولى التي يتم فيها نشر بيانات تشمل القطاع الخاص.

ولفتت إلى أن وضع الاستثمارات الدولية يعتبر مؤشرا مهما في قياس سلامة اقتصاد ما في ما يتعلق بتعاملاته مع بقية العالم، حيث يوفر بصفة خاصة إشارة إلى المقدرة على تسديد الديون وامتصاص الصدمات الخارجية - كهبوط سعر النفط مثلا - كما يدعم سعر الصرف، ويمثل وضع الاستثمار الدولي قوة مهمة بالنسبة للمملكة كما يتضح جليا عند مقارنتها بالدول الأخرى.

وأضافت إلى أنه بنهاية عام 2010 بلغ صافي الاستثمارات الدولية للسعودية ما يعادل 110 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، وبالمقارنة مع دول العالم الأخرى نجد أنه من بين 42 دولة تم نشر بيانات عن وضع استثماراتها الخارجية - خاصة في أوروبا وآسيا - لم تتفوق إلا دول معدودة على السعودية، وهي كل من هونغ كونغ وسنغافورة وتايوان وسويسرا.

وسجل كل من الولايات المتحدة ودول منطقة اليورو نتائج سلبية في ما يتعلق بأوضاع استثماراتها الخارجية، وجاءت اليونان وإسبانيا وآيرلندا والبرتغال ضمن الدول الخمس التي سجلت أكبر عجز عند مقارنة أصولها الخارجية بخصومها الخارجية.

وكشفت البيانات التي نشرتها مؤسسة النقد «ساما» وشملت أربع سنوات عن التحسن المطرد في رصيد الاستثمارات الدولية للسعودية الذي قفز إلى 494 مليار دولار بنهاية عام 2010 مقارنة بنحو 375 مليار دولار نهاية عام 2007.

ويعزى الفضل في ذلك لإيرادات النفط المرتفعة، حيث فاقت إيرادات النفط المصروفات الحكومية في معظم السنوات بين عامي 2007 و2010، مما أدى بالتالي إلى تشكيل احتياطيات ضخمة من الأوراق المالية والودائع المصرفية الأجنبية. وعلى الرغم من غياب التفاصيل عن مكونات حيازة الحكومة من الأوراق المالية، فإنها تتوقع أن السندات الحكومية الأجنبية تشكل معظمها.

وتشتمل الاستثمارات الدولية على كافة الأصول الأجنبية التي تمتلكها دولة ما وكل ما تدين به تلك الدولة إلى جهات خارجية، وتتكون من العناصر التالية: الاستثمار المباشر: قيمة الاستثمارات - التي تتعدى 10 في المائة من رأس المال - التي تمتلكها كيانات محلية في مؤسسات أجنبية (أصول) والاستثمارات التي تعود إلى كيانات أجنبية في مؤسسات محلية (خصوم). استثمارات الحافظة: قيمة صكوك الملكية وسندات الدين (لا تتعدى 10 في المائة من رأس المال) التي تحوزها كيانات سعودية في شركات أجنبية (أصول) وقيمة صكوك الملكية وسندات الدين التي تحوزها جهات أجنبية في شركات سعودية (خصوم).

الاستثمارات الأخرى: قيمة جميع الاستثمارات الأخرى وتشمل الائتمان التجاري والقروض والودائع المصرفية، بين كيانات سعودية وكيانات في الخارج.

الاحتياطيات: الأصول الاحتياطية التي تديرها «ساما» ويتشكل معظمها من استثمارات في سندات أجنبية وكذلك ودائع في بنوك خارجية، ولا تندرج ضمن فئة استثمارات الحافظة ولا فئة الاستثمارات الأخرى المشار إليهما أعلاه لتولي «ساما» دور الإشراف عليها. وعليه، فإن عبارة صافي وضع الاستثمارات الدولية لبلد ما تعني الفرق بين إجمالي الأصول وإجمالي الخصوم.

وأوضح التقرير أنه حتى عندما لجأت الحكومة إلى السحب من احتياطياتها لتمويل الإنفاق أثناء الأزمة العالمية في عام 2009 استمرت الأصول الأجنبية للمملكة في الارتفاع بفضل الزيادة الكبيرة في الاستثمار في الأسهم والسندات الدولية من قِبل القطاع الخاص، وتواصل الارتفاع في أسعار تلك الأصول طيلة العام.

وأضافت «رغم أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة للشركات السعودية في الخارج نمت بنسبة 56 في المائة خلال السنوات الثلاث المنتهية في 2010، فإنها عند مستواها البالغ 26.5 مليار دولار، لا تزال تقل كثيرا عن استثمارات الشركات الأجنبية في السعودية، ولا تتعدى 3.8 في المائة فقط من إجمالي الأصول الأجنبية».

وتنامت الخصوم الأجنبية بوتيرة أسرع من الأصول، مرتفعة بواقع 84 في المائة بين نهاية عامي 2007 و2010، ويعزى ذلك في مجمله تقريبا إلى تدفقات الاستثمارات المباشرة إلى السعودية، حيث أدى التحسن في البيئة الاستثمارية وارتفاع الفرص للشركات الأجنبية والجاذبية النسبية للمملكة مقارنة بوجهات الاستثمار الأخرى إلى ارتفاع إجمالي قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر بواقع 132 في المائة خلال السنوات الثلاث المنتهية بنهاية عام 2010. أما استثمارات المحافظ الأجنبية، فقد جاءت منخفضة جدا، سواء كنسبة من إجمالي الخصوم (1.7 في المائة بنهاية 2010) أو مقارنة بحجم الاقتصاد (0.8 في المائة)، مما يعكس الفرص المحدودة لدخول المستثمرين الأجانب إلى سوق الأسهم السعودية وصغر حجم إصدارات سندات الدين. وتعتقد «جدوى» أن أوضاع استثمارات السعودية الخارجية قد تحسنت بصورة أكبر العام الماضي، حيث كشفت البيانات التي نشرتها «ساما» ارتفاع بند الاحتياطيات بنحو 96 مليار دولار، لتبلغ 541 مليار دولار في عام 2011، وارتفاع بند صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي بنحو 9.3 مليار دولار.

وكانت حيازات الأصول الأجنبية قد تنامت بوتيرة أسرع من الخصوم الأجنبية خلال الثلاثة أرباع الأولى من عام 2011، حيث بلغ صافي تدفقات استثمارات الحافظة والاستثمارات الأخرى إلى الخارج نحو 12 مليار دولار أميركي لكل منها، بينما جاء صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الداخل في حدود 10 مليارات دولار.

وبناء على ذلك، تتوقع «جدوى» أن إجمالي الأصول الأجنبية لدى السعودية ربما تجاوز 800 مليار دولار بنهاية العام الماضي، وأن صافي رصيد الاستثمارات الخارجية يراوح في حدود 600 مليار دولار تقريبا.

ولم تتضمن البيانات الجديدة تفاصيل حول الجهات التي تمسك بتلك الأصول أو الخصوم؛ لكن بالإمكان استخلاص ذلك من البيانات؛ فمن إجمالي الأصول الأجنبية التي بلغت 707 مليارات دولار بنهاية عام 2010 شكلت الاحتياطيات ما قيمته 445 مليار دولار، وشكلت الأصول الأجنبية للبنوك المحلية نحو 51 مليار دولار.

بينما جاءت ودائع الهيئات الحكومية المستقلة (كصندوق المعاشات) في البنوك الأجنبية واستثمارات السندات الأجنبية عند مستوى 79 مليار دولار. وتعتقد أن المبلغ المتبقي الذي يعادل 132 مليار دولار يمثل قيمة الأصول الأجنبية التي يمتلكها القطاع الخاص (الشركات والأفراد).

أما الخصوم التي كان الاقتصاد السعودي يدين بها لبقية العالم بنهاية عام 2010 فتتكون من 25 مليار دولار عائدة إلى بنوك محلية، إضافة إلى 3 مليارات دولار أخرى هي عبارة عن ودائع لمؤسسات أجنبية لدى «ساما».

وتعتقد «جدوى» في التقرير أن المبلغ المتبقي وهو 185 مليار دولار يمثّل الخصوم التي يدين بها القطاع الخاص لبقية العالم. ورغم أن هذا المبلغ يفوق الأصول الأجنبية للقطاع الخاص، فإنه يشكل في الأساس استثمارات مباشرة لجهات أجنبية يستفيد منها الاقتصاد السعودي. علاوة على ذلك، تقدر الكثير من الجهات المستقلة حيازة القطاع الخاص من الأصول الأجنبية عند مستويات تفوق كثيرا ما توحي به البيانات الجديدة؛ حيث إن قياس تلك الأصول يعتبر عملية شائكة وربما أغفلت البيانات بعض الأشياء. وأكدت أنه على الرغم من ذلك يعتبر نشر معلومات وضع الاستثمارات الدولية دليلا آخر على تحسن مستوى الإفصاح وتوافر البيانات الاقتصادية في السعودية، حيث شهد أبريل (نيسان) الحالي أيضا أول إصدار لبيانات تفصيلية ربع سنوية عن الناتج الإجمالي الفعلي. وتعتبر البحرين هي الدولة الأخرى الوحيدة في المنطقة التي تنشر بيانات عن وضع استثماراتها الدولية، ولا شك في أن توافر البيانات على هذا النحو يدعم المستثمرين عند تقييمهم للاقتصاد السعودي.