خبراء اقتصاديون: صندوق النقد الدولي يحتاج إلى تريليون دولار لمواجهة التعثر الاقتصادي الأوروبي

وصفوا خطوة الصندوق الأخيرة بأنها ضرورة فرضها الواقع

كريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولي (أ.ب)
TT

أجمع خبراء اقتصاديون على أهمية الخطوة، التي اتخذها صندوق النقد الدولي مؤخرا، وذلك بجمع قروض من عدة دول تعادل في مجملها 430 مليار دولار، ووصفوها بالخطوة الجريئة، وإن جاءت برأيهم متأخرة، غير أنها أمر فرض نفسه.

وتوقع الخبراء على أثر ذلك، إحداث إنعاش في الاقتصاد العالمي من خلال بث الروح في البلاد، التي تعاني من أزمات اقتصادية مريعة في ظل تفاقم بطالة متزايدة، وتضخم مرتفع، كما في عدد من دول منطقة اليورو، مشيرين إلى أن الصندوق يحتاج إلى تريليون دولار ليواجه مشكلات التعثير الذي خيم على المنطقة الأوروبية.

وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور محمد همت، رئيس مركز استشارات الجدوى الاقتصادية في العاصمة السعودية، الرياض، أن صندوق النقد الدولي، تسلم من عدة دول ما يقدر بـ430 مليار دولار، لكي يقوم بمساعدة الدول التي تعاني من أزمات مالية، مثل اليونان والبرتغال وإيطاليا.

وتوقع أن تقوم بعض الدول في منطقة اليورو، باقتراض ما يمكنها من معالجة أزمتها الاقتصادية، وبخاصة البرتغال التي تبلغ البطالة فيها 23 في المائة، في الوقت الذي يزداد فيه التضخم والبطالة وبطء في النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ.

وأكد الخبير الاقتصادي همت، أن هذا المبلغ الذي تم إقراضه للصندوق الدولي، ليس منحة، وإنما تمويل لبعض المشاريع العملاقة في البلاد المتعثرة اقتصاديا، مبينا أن دول منطقة اليورو دفعت 200 مليار، واليابان دفعت 60 مليار دولار، وكوريا الجنوبية وإنجلترا والسعودية دفعت كل واحدة منها 15 مليار دولار، بينما تراوحت دفوعات الدول الأخرى ما بين 4 و9 مليارات دولار، حتى المبلغ الكلي ما قدره 430 مليار دولار.

وأسند لمراقبين دوليين، أن الصندوق يحتاج إلى تريليون دولار، لكي يقوم بواجبه على وجهه الأكمل، من خلال مساهمته في مساعدة الدول المتعثرة اقتصاديا في إنقاذها من الانهيار الاقتصادي، وذلك من خلال المطالبة بمزيد من القروض التي تدفع لها بأسعار فائدة منخفضة ولمدة طويلة الأجل.

وووصف الخبير الاقتصادي همت، هذه الخطوة، بأنها كانت مطلوبة وعاجلة وجريئة، ذلك أن وجود أي مشكلة اقتصادية في منطقة اليورو، يعني وجود مشكلة لـ17 دولة أوروبية، ما من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر في نمو الاقتصاد العالمي، بحكم تداخل مصالحه، وبشكل خاص في مجالات التجارة الخارجية والاستثمارات.

وأشار إلى أن البنوك العالمية في بعض البلاد مثل أميركا واليابان وأوروبا، كانت قد قامت بعملية إقراض سابقة، لعدد من الدول المتعثرة اقتصاديا، مثل اليونان وآيرلندا والبرتقال، التي يؤدي عدم مقدرتها على سداد ما عليها من ديون، إلى انهيار في النظام المالي والنقدي العالميين، فضلا عن تأثيره المباشر على الاستثمار على مستوى العالم.

ويرى أن هذا التوجه، يبرر الحرص الكبير الذي أبدته كل من ألمانيا وإنجلترا، على المساعدة إنقاذ دول منطقة اليورو من الانهيار والكساد الاقتصادي، فضلا عن انهيار عملة اليورو.

وربط نجاح خطوة الصندوق الدولي هذه، بضرورة توظيف هذه القروض، في استثمارها في مشاريع طويلة المدى، حتى تستطيع أن تجني أرباحا، تمكن هذه الدول المقترضة من سداد ما عليها من ديون مستحقة، مشيرا إلى أن تجربة قرض منطقة اليورو لليونان وتقديم تسهيلات بهذا الشأن، تمكنها من سداد دينها على مدى 3 أعوام، كانت فكرة صائبة.

من جهته، اتفق الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن باعشن، رئيس مركز الشروق للدارسات والاستشارات الاقتصادية، مع كل ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي همت، مثمنا خطوة الصندوق الدولي في جمعه هذا المبلغ.

وتوقع أن ينقذ الكثير من الاقتصادات، التي في طريقها للانهيار بشكل كلي، الأمر الذي ينذر بوقوع كارثة اقتصادية عالمية، في حالة تأخر الصندوق الدولي عن هذه الخطوة، وإن جاءت هي الأخرى متأخرة.

ويعتقد باعشن، أن إسهام السعودية في تمويل البرنامج الجديد، لصندوق النقد الدولي بمبلغ 15 مليار دولار، يأتي في سياق الدور المناط بالسعودية كأهم منطقة اقتصادية عربية، مشيرا في الوقت نفسه، غير أن هذا الإسهام يأتي ضمن الاحتياطيات المطلوب استخدامها وفق المتغيرات الاقتصادية.

أما في ما يتعلق بعدم إقدام أميركا على المساهمة بقرض الصندوق الدولي، يعتقد الخبير الاقتصادي همت، أن هناك ما يبرره، وذلك لأن هناك قرارا سياسيا يقضي بعدم المساهمة في هذا القرض الدولي، لأسباب موضوعية أولها، أن الرئيس الأميركي أوباما، راعى الحالة الأميركية الآن وهي تمر بمرحلة انتخابات، حيث تمر البلاد ببطء في النمو الاقتصادي وتستفحل فيها البطالة، التي بلغت 8.1 في المائة، علما بأن الاحتياطي النقدي الأميركي، يبلغ 1.2 تريليون دولار.

كما أن أميركا، والحديث للخبير الاقتصادي همت، تعاني في الأصل من ارتفاع من الدين العام الذي يبلغ 100 في المائة من الناتج المحلي، بما يقدر بـ15 تريليون دولار، في الوقت الذي تعتقد فيه الصين وكثير من المراقبين أن الدولار أهم مأوى آمن، الأمر الذي دفع الصين إلى شراء سندات أميركية تقدر بـ13 مليار دولار ليبلغ احتياطها في الأخير ما يقدر بـ1.3 تريليون دولار.

وكان قد كشف الدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية السعودية مؤخرا، عن مساهمة بلاده في الجهود الدولية المبذولة لتعزيز موارد صندوق النقد الدولي، بمبلغ 15 مليار دولار، وذلك لمواجهة الأخطار الاقتصادية العالمية، التي تهدد بعض الدول في منطقة اليورو.

وكان قد كشف في وقت سابق، الدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية السعودي، عن تحديد حصة السعودية، في تمويل البرنامج الجديد لصندوق النقد الدولي بمبلغ 15 مليار دولار، مشيرا إلى أن حصة كل دولة، بنيت على معيارين أساسيين، هما حصة الدولة في الصندوق، وحجم الاحتياطيات لكل دولة.

وأوضح أن هذا التوجه الجديد لصندوق النقد، أحد خطط الإنقاذ للدول الأوروبية التي تعاني من مشكلة بطالة وديون، بما قيمته 800 مليار دولار، محتملا أن لا يتم استخدامه، وإلا سوف يكون مجرد تحويل جزء لاحتياطيات من استثمارات معينة إلى استثمارات أخرى.

إلى ذلك، تعهدت مجموعة العشرين مؤخرا، بتقديم أكثر من 430 مليار دولار لتعزيز قدرات الصندوق للإقراض، وحماية الاقتصاد العالمي، من تداعيات أزمة الديون في منطقة اليورو، التي تعاني من تعثرات اقتصادية كبيرة.