ستاندرد آند بورز: البنوك الإسبانية قد تحتاج إلى إنقاذ

لم تستبعد المزيد من الخفض للدين السيادي الإسباني

سيدة إسبانية تمر أمام متجر عليه علامة «للإيجار» في مدريد وسط تزايد وطأة الكساد في إسبانيا (رويترز)
TT

قال رئيس وحدة التصنيفات الأوروبية في مؤسسة ستاندرد آند بورز أمس الجمعة إن البنوك الإسبانية قد تحتاج إلى مساعدة حكومية وإن إسبانيا نفسها قد تواجه مزيدا من الخفض في تصنيفها السيادي إذا ما استمرت متاعبها مع الديون.

وفي مقابلة مع تلفزيون «رويترز انسيدر» نقلتها «رويترز» قال موريتز كريمر رئيس فريق التصنيف السيادي لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى ستاندرد آند بورز إن البنوك الإسبانية المتعطشة للتمويل قد تصبح عبئا على كاهل الدولة إذا ما استمر تدهور الأوضاع. وأضاف: «لن تكون مهمة سهلة بالنسبة لمعظم البنوك الإسبانية أن تجد التمويل في السوق. لذا ربما يطلب من الدولة في مرحلة ما أن تفعل ذلك لكن يبدو أن الحكومة الإسبانية لا ترغب في التفكير في هذا الأمر في الوقت الحالي على الأقل».

وقال كريمر إنه إذا ما احتاجت إسبانيا مساعدة من جيرانها الأوروبيين فالأفضل أن تحصل عليها في إطار صندوق الاستقرار المالي الأوروبي بدلا من آلية الاستقرار الأوروبي التي ستحل محل الصندوق قريبا إذ إن وضع الآلية «كدائن مفضل» قد يحدث مشكلات في أسواق السندات. وخفضت ستاندرد آند بورز أمس تصنيف إسبانيا نقطتين وهو الأحدث ضمن سلسلة من خفض التصنيفات الائتمانية تجريها المؤسسة لدول منطقة اليورو خلال الأعوام القليلة الماضية. وتوقع كريمر المزيد من الخفض لتصنيف إسبانيا إذا ما قفزت مستويات ديونها عن تلك التي تتوقعها ستاندر آند بورز حاليا.

وفي إشارة إلى دور البنك المركزي الأوروبي اعتبر كريمر إجراءات مثل القروض الميسرة التي يقدمها البنك لأجل ثلاث سنوات ليست حلا للأزمة وبالتالي لا يمكن استبعاد أن يستأنف البنك مشترياته من السندات الحكومية.

وعبرت المفوضية الأوروبية أمس الجمعة عن ثقتها في أن تفي إسبانيا بأهداف خفض العجز في الميزانية هذا العام والعام المقبل. ولم تعقب المفوضية على خفض مؤسسة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني لإسبانيا. وقالت متحدثة باسم المفوضية في مؤتمر صحافي دوري «نحن على ثقة نظرا للالتزام والتصميم اللذين تبديهما الحكومة الإسبانية فيما يتعلق بتعهداتها للوفاء بمستويات العجز المستهدفة في 2012 و2013»..

وتعاني إسبانيا من عجز وكساد، حيث يعاني ربع العاملين من البطالة في إسبانيا التي عاقبتها وكالة ستاندرد آند بورز الأميركية للتصنيف الائتماني، وقال خبراء إن الانكماش فيها قد يستمر حتى 2013 مع إجراءات تقشفية لا سابق لها. ولخصت صحيفة «ايكسبانسيون» الوضع قائلة: «من لندن إلى نيويورك مرورا بباريس وبرلين وبروكسل وروما في كل المراكز الاقتصادية الكبرى في العالم الغربي يتفق المحللون على شيء واحد هو أن إسبانيا مصدر قلق وأن الأمل قليل». والأرقام التي نشرها الجمعة المعهد الوطني للإحصاء لا تبعث على الارتياح. ففي نهاية مارس (آذار) كان رابع اقتصاد في أوروبا لديه 5.64 مليون عاطل عن العمل أي 24.44 في المائة من قوة العمل وهو رقم قياسي في كل الدول الصناعية.

وكان المعهد نفسه أكد الاثنين دخول إسبانيا في حالة انكماش بعد عامين من خروجها منها. ويتوقع بنك إسبانيا تراجعا في إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 0.4 في المائة في الفصل الأول بالمقارنة مع الفصل الذي سبقه عندما تراجع 0.3 في المائة. وارتفعت معدلات الفائدة على السندات لمدة عشر سنوات صباح أمس الجمعة لتقترب من 6 في المائة بعد خفض درجة الملاءة للبلاد من قبل وكالة ستاندرد آند بورز. وكانت الوكالة خفضت الخميس تصنيف إسبانيا درجتين كما فعلت في يناير (كانون الثاني)، من «إيه» إلى «بي بي بي+» معبرة عن قلقها من الانكماش الذي يعرقل تحقيق أهداف الميزانية. وهذا القرار يجعل مدريد في فئة الدول المتوسطة القدرة على تأمين التزاماتها بشكل مناسب.

وقالت الوكالة إن الآفاق المرتبطة بتصنيف جديد لإسبانيا «سلبية» وهذا يعني أنها قد تعلن تخفيضا جديدا في درجتها. وكتبت في بيان: «في أجواء من الانكماش الاقتصادي وخلافا لتوقعاتنا السابقة، نعتقد أن مؤشرات المال العام في إسبانيا ستتدهور على الأرجح». وقال ألبرتو رولدان المحلل في دار الوساطة ايفرسيغوروس إن «سنة 2012 ستشهد حركة استهلاك وتوظيف ضعيفة». وتتوقع مؤسسة صناديق التوفير الأكثر تشاؤما تراجع النشاط لسبعة فصول (بما في ذلك الفصل الأول من 2011) مما يبشر بخروج من الانكماش في الربع الثاني من 2013.

أما المصرف التجاري فيرى أن إسبانيا ستكون الدولة الوحيدة في منطقة اليورو التي تعاني حالة عجز في 2013.

وتأمل الحكومة الإسبانية بخفض العجز من 8.51 في المائة في 2011 إلى 5.3 في المائة في 2012 و3 في المائة في 2013. أما ستاندرد آند بورز، فتقدر العجز بـ6.2 في المائة في 2012 ثم 4.8 في المائة في 2013. وقال رولدان إنه يجب الحذر من «الحلقة المفرغة»، مؤكدا أن «كل يورو تقوم بتوفيره هو يورو لا يذهب إلى النمو». وأوضح كبير اقتصاديي مصرف إتش إس بي سي ستيفن كينغ أن «الوضع في إسبانيا يتحول إلى وضع أشبه باليونان. الانكماش عميق فيها إلى درجة أنه مع كل تقدم خطوة باتجاه التقشف تعيدك خطوتين إلى الوراء». وأضاف خيسوس كاستيو الخبير في شؤون أوروبا الجنوبية أن «الخطر الأكبر هو السقوط في دوامة الانكماش».