البرلمان الأوروبي: تخفيض تصنيف الديون السيادية مراهنة مالية وراءها مصالح تضاربية ضد اليورو

مخاوف لدى الهولنديين من اتفاق «قوس قزح».. وإسبانيا تغلق الحدود خوفا من الغاضبين بسبب التقشف

ارتفعت أعداد العاطلين في إسبانيا بنسية 24% في الربع الأول من العام الجاري (رويترز)
TT

وصف رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولز قرار وكالة «ستاندرد آند بورز» تخفيض تصنيف الديون السيادية لإسبانيا درجتين، بمراهنة مالية على «مشكلات» هذا البلد، تخفى وراءها مصالح تضاربية ضد اليورو، وبالتزامن مع ذلك علقت السلطات الإسبانية العمل باتفاق شنغن لحرية الحركة والتنقل، وبدأت إجراءات تفتيش على الحدود في إطار الاستعداد لاجتماعات المجلس الحكومي للمصرف المركزي الأوروبي، المقرر في الثالث من مايو (أيار) المقبل.

وفي هولندا وبعد الاتفاق السريع «قوس قزح» الذي تم بين ثلاثة من أحزاب المعارضة وحزبي الائتلاف الحكومي حول حزمة التقشف المالي للعام المقبل، أصبح التسوق أكثر تكلفة مع رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 21 في المائة، وسيبدأ العمل على زيادة سن التقاعد اعتبارا من العام المقبل بزيادة شهر عمل، بينما في برلين نما الاقتصاد الألماني في عام 2012 بمعدل (0.07 في المائة)، وارتفعت معدلات التشغيل إلى مستوى قياسي وانخفضت أعداد العاطلين إلى أقل مستوى لها منذ 20 عاما، كانت هذه أهم النتائج التي جاءت في التقديرات الاقتصادية لفصل الربيع الصادرة عن الحكومة الألمانية.

وعلقت إسبانيا اعتبارا من فجر الجمعة، العمل بشكل مؤقت باتفاقية «شنغن» المنظمة لحركة التنقل والسفر عبر حدود الاتحاد الأوروبي، ويستمر هذا الأمر حتى الجمعة المقبلة، ويهدف هذا الإجراء إلى الحيلولة دون دخول عناصر عنيفة ومنع حدوث مظاهرات خلال فترة انعقاد قمة البنك المركزي الأوروبي في برشلونة في بداية مايو المقبل، وأعطى اتفاق شنغن الحق لكل دولة في غلق الحدود لمدة شهر وإجراء تفتيش على المناطق الحدودية في حال مواجهة خطر يهدد الأمن الداخلي أو النظام العام.

وسبق أن عرفت إسبانيا العام الماضي زحف أعداد كبيرة من الأوروبيين للمشاركة في مظاهرات ضخمة احتجاجا على سياسات التقشف، التي أوصت بها المؤسسات الأوروبية لمواجهة أزمة العجز الحكومي.

من جانبه، وصف رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولز قرار وكالة «ستاندرد آند بورز»، تخفيض تصنيف الديون السيادية لإسبانيا درجتين، بمراهنة مالية على «مشكلات» هذا البلد، تخفي وراءها مصالح تضاربية ضد اليورو.

وشكك شولز في توقيت قرار الوكالة عشية إعلان الحكومة الإسبانية عن برنامج لمدة ثلاثة أعوام لخفض الإنفاق العام، قائلا/ «لا أعتقد أن الأمر كله كان مصادفة». وأضاف «عندما تتخذ حكومة إجراءات صارمة وتقرر وكالة تصنيف ائتمائي ذلك قبل إعطاء الوقت لتأثيرها، فإن هذا القرار يتضمن درجة من المضاربة وغير مقبول».

واجتمع شولز الذي يقوم بأول زيارة مؤسسية لإسبانيا منذ اختياره رئيسا للبرلمان الأوروبي، مع رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو رخوي الذي بحث معه موضوع اليورو والأسواق المالية. وخفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» تصنيف الديون السيادية لإسبانيا درجتين ليصل إلى «+BBB» بتوقعات سلبية، وهو ما أرجعته لحجم ديون هذا البلد مع انكماش اقتصاده. وأكدت الوكالة في بيان «نعتقد أن المخاطر تزداد في ما يتعلق بوضعها المالي ومرونتها وكذلك ثقل ديونها السيادية».

وأرجعت «ستاندرد آند بورز» خفض تصنيفها لديون إسبانيا من درجة «A»، إلى تدهور وضع عجز موازنة البلاد وارتفاع احتمالات تزويد الحكومة للقطاع المصرفي بمزيد من المساعدات المالية، وأوضحت أن «النظام المصرفي التجاري الإسباني زاد من اعتماده فجأة على مصادر التمويل الرسمية حتى معدل أعلى من المتوقع في يناير (كانون الثاني) الماضي». وأضافت أن رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي أعلن في مارس (آذار) الماضي أن هدف خفض عجز الموازنة للعام الحالي في إسبانيا سيبلغ 5.8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مقابل 4.4 في المائة كما كان متوقعا، مؤكدة أنه من غير المحتمل تحقيق هذه الأهداف بسبب الوضع الاقتصادي والمالي.

وفي لاهاي وبعد مناشدة الحكومة المستقيلة برئاسة مارك روتا، لأعضاء البرلمان بالعمل معها لإقرار موازنة العام المقبل وتقديمها إلى بروكسل قبل الموعد المحدد وهو 30 أبريل (نيسان)، وبالفعل نجح الائتلاف الحكومي المستقيل في الحصول على موافقة أعضاء في البرلمان من أحزاب أخرى على الموازنة، في اتفاق أطلق عليه اسم اتفاق «قوس قزح»، وقال الإعلام الهولندي إنه نادرا ما أظهرت الأحزاب مثل هذه القوة والاستعداد السريع للتوصل إلى تسويات في ما بينها. اتخذوا خلال بضع ساعات إجراءات كانت لسنوات من المحرمات. وتساءلت الصحف ما إذا كان هذا التعاون يشكل نواة الحكومة المقبلة؟ وذكرت صحيفة «ألخمين دخبلاد» أن التسوق سيصبح إلى حد كبير أكثر تكلفة. وأضافت أن ائتلاف «قوس القزح» قرر رفع ضريبة القيمة المضافة من 19 إلى 21 في المائة. وزيادة الضرائب هي وسيلة بسيطة وسريعة للحصول على الكثير من المال، ومن المتوقع أن تؤمن لها هذه الزيادة 4 مليارات يورو سنويا. على أن يتم ابتداء من العام المقبل إعادة ضخ هذه الأموال عن طريق خفض معدل الضريبة على الدخل وخاصة لذوي الدخل المحدود. ستشمل زيادة الضرائب أيضا التبغ والكحول والمشروبات الغازية، بالإضافة إلى الغاز الطبيعي والفحم والديزل الأحمر والمياه.وأضاف الإعلام الهولندي بالقول «الناس الذين سيتقاعدون في العام المقبل عليهم العمل شهرا إضافيا. هذا ما توصلت إليه الأحزاب الخمسة ضمن رزمة التقشف التي تم التوصل إليها. سيتم رفع سن التقاعد اعتبارا من عام 2013 شهرا واحدا، على أن يرتفع تدريجيا في الأعوام اللاحقة حتى يصبح سن التقاعد 66 عاما في عام 2019 على أن يصبح 67 عاما في 2024. وقالت صحيفة «إن آر سي نكست» إن هذا الاتفاق يعني أن ما قد سبق أن توصلت إليه الحكومة من اتفاق مع حزب العمل وأصحاب العمل ونقابات العمال، قد ذهب إلى سلة المهملات.

أما في برلين، فقد نما الاقتصاد الألماني في عام 2012 بمعدل (0.07 في المائة)، وارتفعت معدلات التشغيل إلى مستوى قياسي، وانخفضت أعداد العاطلين إلى أقل مستوى لها منذ 20 عاما، كانت هذه أهم النتائج التي جاءت في التقديرات الاقتصادية لفصل الربيع الصادرة عن الحكومة الألمانية، وقال المركز الألماني للإعلام إن الناتج الوطني المحلي يتوقع في العام المقبل أن يحقق نموا بنسبة 1.6 في المائة، حيث قال وزير الاقتصاد الألماني فيليب روسلر «الاقتصاد الألماني يندفع إلى الأمام، وأحوال ألمانيا تسير على نحو طيب». ووفقا لتقارير إعلامية أوروبية فإنه على صعيد التشغيل، حصل كثير من الألمان على مكان للعمل بمعدلات لم تشهدها ألمانيا من قبل، وهي المعدلات التي من المنتظر أن تواصل ارتفاعها، حيث ستصل في هذا العام إلى نحو 420.000 فرصة عمل، ويواكب ذلك تراجعا في أعداد العاطلين عن العمل، حيث ستنخفض معدلات البطالة في هذا العام إلى 6.7 في المائة وفي العام المقبل إلى 6.5 في المائة، لتصل بهذا إلى أدنى مستوى لها منذ 20 عاما مضت، ويمثل الإنفاق الاستهلاكي الخاص أهم دعائم النمو حاليا ومستقبلا. وتبلغ الزيادة في الدخل المتاح في هذا العام 3.3 في المائة، حيث سيشهد في عام 2013 مرة أخرى زيادة بنسبة 3.1 في المائة، لينمو بهذا الدخل المتاح في أربعة أعوام متتالية بمعدلات لم تشهدها منذ عشرة أعوام خلت. وفي ما يتعلق بأزمة الديون الأوروبية، صرح الوزير روسلر «لقد حققنا بالخطة المالية أوجه تقدم طيبة في اتجاه استقرار الوحدة النقدية. وعلى دول منطقة اليورو أن يستعيدوا ثقة الرأي العام من خلال تحقيق ميزانيات مستقرة»، هذا وتقدم الحكومة الألمانية ممثلة من خلال وزارة الاقتصاد والتكنولوجيا ثلاث مرات في العام تنبؤاتها للتطور في مجمل الحياة الاقتصادية في ألمانيا، حيث تمثل التقديرات الاقتصادية لفصلي الربيع والخريف أساس تقدير الإيرادات الضريبية المحصلة في داخل مجموعة العمل «تقديرات الضرائب» التي تنعقد هذا العام في الفترة من 8 - 10 مايو في مدينة فرانكفورت الواقعة على نهر الأودر.