تفاؤل تجار الذهب بعد قيام البنوك المركزية بزيادة احتياطياتها

المكسيك وروسيا وتركيا أضافت نحو 44.8 طن إلى مخزوناتها

آلاف الأطنان من الذهب تحت مبنى الاحتياط الفدرالي (البنك المركزي الأميركي)
TT

يشعر تجار الذهب بالمزيد من التفاؤل بعد قيام البنوك المركزية بزيادة احتياطياتها من سبائك الذهب، في الوقت الذي زادت فيه صناديق التحوط من مراهناتها على ارتفاع أسعار الذهب لأول مرة في الأسابيع الثلاثة الماضية.

توقع 14 من 28 محللا قامت «بلومبرغ» باستطلاع آرائهم ارتفاع أسعار الذهب في الأسبوع القادم، بينما أكد تسعة منهم أن الأسعار ستظل كما هي من دون تغيير، وهو أعلى معدل خلال أسبوعين. قامت المكسيك وروسيا وتركيا بإضافة نحو 44.8 طن متري من الذهب إلى احتياطياتها، والتي تصل قيمتها إلى 2.39 مليار دولار، في شهر مارس (آذار)، وذلك طبقا لبيانات صندوق النقد الدولي. رفع مديرو الصندوق ما يشار إليه بمسمى صافي المراكز طويلة المدى بمعدل 2.5 في المائة في الأسبوع الذي انتهى في 17 أبريل (نيسان)، وذلك طبقا لهيئة تداول السلع الآجلة.

أعلن بن بيرنانكي، رئيس مصرف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، يوم 25 أبريل أنه مستعد لـ«اتخاذ مزيد من الإجراءات» لتحفيز الاقتصاد، إذا تطلب الأمر ذلك، بينما قام بنك اليابان (8301) اليوم بالتوسع في خطة مشتريات السندات بقيمة 10 تريليونات ين ياباني (124 مليار دولار). وارتفعت أسعار الذهب بنحو 70 في المائة، بعدما قام مصرف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بشراء ديون قيمتها 2.3 تريليون دولار في مجموعتين من إجراءات التيسير الكمي التي انتهت في شهر يونيو (حزيران) 2011. ووقعت المملكة المتحدة في أول حالة ركود مزدوج منذ سبعينيات القرن العشرين، وذلك طبقا للبيانات التي نشرت في 25 أبريل، بينما توقع صندوق النقد الدولي انتقال عدوى الركود المزدوج إلى 17 دولة في منطقة اليورو.

ويقول مارك أوبيرن، المدير التنفيذي لشركة «غولدكور ليميتد» التي يقع مقرها في دبلن: «لا يبدو أن السياسات النقدية الفضفاضة التي تم استخدامها في الأعوام الأخيرة سوف تنتهي قريبا». ويضيف أوبيرن، والذي تعمل شركته في مجال السمسرة، حيث تقوم ببيع وتخزين كل شيء بداية من العملات الذهبية الإنجليزية التي تزن ربع أوقية حتى السبائك التي تزن 400 أوقية: «لا يبدو أن المشكلات في منطقة اليورو ستنتهي عما قريب. لقد مررنا بفترة كساد، وكنا ننصح عملاءنا بأن يقوموا بالشراء دائما في أوقات الكساد».

وارتفعت أسعار الذهب بنسبة 5.7 في المائة لتصل إلى 1655.50 دولار للأوقية هذا العام حسب معلومات قسم كومكس التابع لبورصة نيويورك التجارية، لكن سعره الآن يقل عن أعلى سعر وصل إليه في العام الحالي بنسبة 7.7 في المائة. وارتفع مؤشر «جي إس سي آي» الخاص بمؤسسة «ستاندرد أند بورز»، والذي يضم 24 مادة خام، بمعدل 5.6 في المائة، بينما ارتفع مؤشر «مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال» العالمي، المعروف اختصارا بـ«إم إكس دبليو دي»، للأسهم بمعدل 9.5 في المائة. ويشير مؤشر «بنك أوف أميركا» إلى ارتفاع قيمة سندات الخزانة بنسبة تقل عن 0.1 في المائة.

ويشعر متداولو الخيارات أيضا بالتفاؤل، حيث إن غالبية العقود الآجلة التي يتم تداولها في قسم كومكس تمنح الحق في الشراء عند سعر 2,200 دولار بحلول يوليو (تموز)، وهو سعر أعلى بنسبة 33 في المائة من الأسعار الحالية. وتمنح عقود الخيار السبعة الأكثر شهرة الملاك الحق في الشراء بأسعار تتراوح بين 1,800 إلى 2,300 دولار، وذلك طبقا لبيانات البورصة.

وتنضم البنوك المركزية للمستثمرين في شراء الذهب، حيث أضافت تلك البنوك 439.7 طن إلى احتياطياتها في عام 2011، وهو المعدل الأكبر خلال ما يقرب من خمسة عقود، وذلك طبقا لتقديرات مجلس الذهب العالمي الذي يقع مقره في لندن، والذي يتوقع أيضا احتمال قيام تلك البنوك المركزية بشراء كمية مماثلة من الذهب في العام الحالي. قامت المكسيك بشراء 16.8 طن من الذهب في الشهر الماضي، بينما أضافت روسيا 16.5 طن إلى احتياطياتها وزاد الاحتياطي التركي بمقدار 11.5 طن. قامت كازاخستان وأوكرانيا وطاجاكستان وبيلاروسيا بزيادة احتياطياتها من الذهب أيضا، وذلك طبقا لصندوق النقد الدولي.

وفي صناديق التحوط زاد المضاربون المراهنات على مكاسب الأسعار إلى 112,275 من العقود الآجلة والخيارات، وهو ما يعد ارتفاعا عن آخر انخفاض تشهده تلك المراهنات خلال ثلاث سنوات والذي حدث في الأسبوع الماضي، وذلك طبقا لبيانات هيئة تداول السلع الآجلة الأميركية. لا يزال المركز الصافي طويل المدى أقل بـ56 في المائة من أعلى مستوى وصل إليه في شهر أغسطس (آب)، وهو ما يوفر «مساحة واسعة» لمراكز جديدة طويلة الأجل، وذلك طبقا لتقرير كتبه أمس إيديل تولي، محلل في «يو بي إس إيه جي» في لندن.

وتشير البيانات التي قامت «بلومبرغ» بتجميعها إلى أن المستثمرين يمتلكون 2389.6 طن من المنتجات المتداولة في البورصة المدعومة بسبائك الذهب، في إطار 0.9 في المائة من الرقم القياسي الذي تم الوصول إليه في 13 مارس (آذار). ينخفض الطلب على العملات الذهبية، حيث باعت هيئة صك العملة في الولايات المتحدة الأميركية 17,000 أوقية منها في الشهر الحالي حتى الآن، مقابل 75,917 أوقية في الاثني عشر شهرا الماضية، حسبما تشير البيانات الموجودة على موقع الهيئة الإلكتروني.

وأعلن مصرف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي منذ يومين أن النمو سوف «يتحسن تدريجيا»، حيث تظهر أسواق العمل والإسكان بعض الإشارات على حدوث تحسن. تمت إضافة نحو 4.99 تريليون دولار إلى قيمة مبيعات الأسهم العالمية هذا العام، في إشارة تدعو للتفاؤل بأن العالم سيتجنب التعرض لموجة ركود أخرى. رفع صندوق النقد الدولي من توقعات النمو العالمي الخاص به إلى 3.5 في المائة من 3.3 في المائة في 17 أبريل، بينما توقع حدوث انكماش بمعدل 0.3 في المائة في منطقة اليورو.

وتقول كارول فيرغسون، محللة في «فايرفاكس آي إس» في لندن: «إذا صدق الناس بقرب حدوث انتعاش في الولايات المتحدة، أعتقد أنهم سيتجهون إلى شراء الأسهم، ومن المرجح بشدة أن يقل الطلب على الذهب».

وربما يحاول بعض المستثمرين الآخرين تجنب الذهب، حيث انخفضت العقود المفتوحة، أو العقود المعلقة، في العقود الآجلة الأميركية إلى 395,389 في 24 أبريل، وهو أقل معدل تسجله منذ سبتمبر (أيلول) 2009، طبقا لبيانات البورصة، بما يتناقض مع العقود المفتوحة الخاصة بالسلع الأربع والعشرين التي يتضمنها مؤشر «جي إس سي آي» الخاص بمؤسسة «ستاندرد أند بورز»، والذي ارتفع بمعدل 18 في المائة هذه العام.

تراجعت أسعار السبائك من المستوى القياسي الذي حققته في شهر سبتمبر، وهو 1923.70 دولار، ليصبح أقل من المتوسط المتحرك خلال 200 يوم، وهو الأمر الذي يراه بعض المستثمرين إشارة لاحتمال حدوث المزيد من الانخفاض. يقول مارك أوبيرن إن هذا الانخفاض قد يعتبر بمثابة «فرصة للشراء». ظلت الأسعار أعلى من معدلاتها منذ بداية عام 2009 وحتى نهاية العام الماضي.

وأكد مصرف «غولدمان ساكس غروب» في تقرير أصدرته في 24 أبريل أن سعر تداول الذهب سيصل إلى 1940 دولارا خلال 12 شهرا، بينما توقع البنك ثبات أسعار المواد الخام على المدى القريب، وهو الأمر الذي يعزى بصورة جزئية إلى مخاوف الديون الأوروبية.

وفي ما يتعلق بالسلع الأخرى، توقع 12 من 28 متداولا ومحللا قامت «بلومبرغ» باستطلاع آرائهم ارتفاع أسعار النحاس في الأسبوع المقبل، بينما توقع 8 متداولين ومحللين ثبات الأسعار. وارتفعت أسعار النحاس للتسليم في خلال 3 أشهر، بمعدل 9.8 في المائة لتصل إلى 8347 دولارا للطن هذا العام في مؤشر التعاقدات الرئيسي الخاص ببورصة لندن للمعادن.

وأكد 6 أشخاص من 13 شخصا تم استطلاع آرائهم أن أسعار السكر ستشهد انخفاضا في الأسبوع المقبل، بينما توقع ثلاثة منهم ثبات الأسعار. انخفضت أسعار السكر بمعدل 9.2 في المائة في العام الجاري لتبلغ 21.15 سنت للرطل في بورصة «إي سي إي» للعقود الآجلة في الولايات المتحدة الأميركية التي تقع في نيويورك. وتوقع 18 من بين 29 شخصا شملهم الاستطلاع ارتفاع أسعار الذرة في الأسبوع القادم، بينما توقع 16 من بين 30 شخصا شاركوا في الاستطلاع زيادة أسعار فول الصويا. انخفضت أسعار الذرة بنسبة 5.5 في المائة لتصل إلى 6.11 دولار للبوشل في العام الجاري، بينما ارتفعت أسعار فول الصويا بنسبة 23 في المائة لتصل إلى 14.8825 دولار للبوشل.

يقول دانيال بريسيمان، محلل في بنك «كوميرتز بنك إيه جي» في فرانكفورت: «تعد عوامل الاقتصاد الكلي وعدم الاستقرار السياسي أكثر العوامل تأثيرا في السوق، بينما يقل تأثير العوامل الرئيسية. لا تزال أزمة الديون السيادية في بؤرة الاهتمام. أعتقد أنه من السابق لأوانه أن نقول إننا رأينا الأسوأ».