أمين عام «أوبك»: نحن نعمل من أجل استقرار السوق

خلال قمة نفطية بباريس

TT

من المسؤول عن الاستمرار في ارتفاع أسعار الخامات النفطية؟ هل هي الدول المنتجة للنفط وعلى رأسها بلدان منظمة الأوبك أم أنها عمليات المضاربة على النفط في الأسواق المالية الدولية وانقطاع الصلة بين الحقيقة المادية النفط استخراجا وحاجات من جهة وما يحصل في نيويورك ولندن وغيرهما من جهة أخرى؟ وما هي الحلول وهل تقع على عاتق الدول المنتجة أم المستهلكة أم الشركات أم على الجميع معا؟ وما هي التحديات التي تواجه الدول المنتجة وتلك التي يتعين على الشركات التعامل معها في ميدان الاستثمار؟ هذه الأسئلة وغيرها شكلت المحاور التي دارت حولها مناقشات «القمة» الثالثة عشرة للبترول التي التأمت أمس في باريس بدعوة من المعهد الفرنسي للنفط ومجلة «بتروستراتيجي» التي يديرها الخبير اللبناني - الفرنسي بيار ترزيان وبحضور وزيري الطاقة في الإمارات العربية المتحدة وقطر ووزير الصناعة الفرنسي وممثلين عن وزيري النفط في السعودية والجزائر فضلا عن أمين عام منظمة الأوبك والمديرة التنفيذية للوكالة الدولية للطاقة وممثلين عن كبريات الشركات النفطية بينهم كريستوف دو مارجوري، رئيس شركة «توتال» و«مارك ويليامز»، أحد مديري شركة «شل» وآخرين».

كان واضحا من خلال المناقشات التي دامت يوما كاملا أن هناك نظرتين: الأولى تمثلها الدول المستهلكة والتي ترمي المسؤولية في الوقت عينه على الدول المنتجة التي ترى أنه يتعين عليها طرح مزيد من كميات النفط في الأسواق وعلى المضاربات التي تشهدها الأسواق المالية على النفط. وقالت ماريا فان در هوفن، المديرة التنفيذية للوكالة الدولية للطاقة التي مركزها باريس إن هناك أمرين يشكلان مصدر قلق بالنسبة إليها: مستوى العروض النفطية وغياب القوننة التي يجب أن تتحكم بالعمليات المالية على النفط. وبالمقابل، فإن الدول المنتجة التي مثلتها دول الأوبك تعتبر أن كميات النفط المطروحة في الأسواق كافية للاستجابة للطلب وتعزو الأسعار المرتفعة للمضاربات. وفي هذا الصدد، قال عبد الله البدري، أمين عام الأوبك إن الكميات التي تتم المضاربات المالية حولها تشكل 44 مرة من الطلب العالمي على النفط. وطالب البدري بضرورة توافر قواعد تجعل حالة السوق النفطية «المادية» تتطابق مع واقع المعاملات المالية حوله. وشدد البدري على أن الاحتياطي الاستراتيجي للدول المستهلكة اليوم يزيد على المعدل «الطبيعي» بحيث يصل إلى 59 يوما من الاستهلاك وأن الإنتاج مستمر على وتيرته التصاعدية منذ ثلاث سنوات. وبحسب البدري، فإن لا خوف من نقص في توفير النفط للأسواق وأن الأوبك حريصة على استقرارها واعدا باللجوء إلى القدرات الإنتاجية الإضافية التي يمكن اللجوء إليها لدى بلدان الأوبك وتحديدا البلدان الخليجية. وأشار البدري إلى العوامل «الجيو - استراتيجية» التي تؤثر سلبا على السوق النفطية وتجعل الأسعار تتراقص. غير أن نقطة التلاقي بين ممثلة الدول الصناعية المستهلكة وممثل الدول المنتجة ظهرت في الحاجة إلى «قواعد» ناظمة من شأنها إعادة الاستقرار إلى السوق النفطية والدفع نحو خفض الأسعار التي يرى الطرفان أنها «عالية المستوى» في الوقت الحاضر وأنها تشكل خطرا على معاودة النمو الاقتصادي وتصيب المستهلك في البلدان الصناعية وغير الصناعية. وفي الكلمة التي ألقاها، رأى وزير الصناعة الفرنسي الذي أشاد بالسعودية والإمارات والكويت التي عوضت النقص الحاصل بسبب غياب ليبيا عن السوق النفطية العام الماضي أن هناك خمس أولويات يجب الالتزام بها وأولها طمأنة الأسواق وتوفير الاستثمارات اللازمة التي هي مسؤولية البلدان المنتجة والشركات النفطية على السواء والاستمرار في ترشيد استهلاك المشتقات النفطية على أنواعها وتكثيف البحوث العلمية في قطاع الطاقة وأخيرا استكشاف الموارد الجدية من الطاقة. وأشار أريك بيسون إلى أن البلدان الصناعية المستهلكة «جاهزة إذا دعت الحاجة» إلى استخدام بعض احتياطيها الاستراتيجي. ونبه بيسون من النتائج المترتبة على استمرار أسعار النفط على ارتفاعها بما في ذلك على الدول الناشئة التي تتميز بالتمتع بنسبة نمو تفتقر إليها البلدان الصناعية في أوروبا وأميركا الشمالية واليايان. لكن ماريا فان در هوفن رأت أن لا حاجة اليوم لتدبير كهذا. وفي لفتة ذات معنى، قالت الأخيرة إن الوكالة التي تشرف على الاحتياطي الاستراتيجي «جاهزة للتدخل» في حال توقف التدفق النفطي في إشارة خفية إلى إيران والتهديدات الخاصة بإقفال مضيق هرمز أمام الناقلات. وقالت هوفن: «نحن جاهزون إذا استدعت الضرورة تدخلنا وأن نكرر ما قمنا به العام الماضي». غير أنها استطردت قائلة: «الحال ليس كذلك في الوقت الحاضر».