أكبر شركة لإدارة صناديق التحوط في العالم في مهب الريح

«مان غروب» قيمتها 59 مليار دولار.. وتصارع للخروج من دوامة الخسائر

TT

تعرض بيتر كلارك، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «مان غروب»، لهجوم عنيف من قبل المساهمين أثناء الجمعية العمومية الأخيرة للشركة.

تلقت «مان غروب»، وهي مؤسسة لندنية معروفة بنشاطها التجاري القائم على الكومبيوتر ورعايتها للكثير من الجوائز الأدبية، ضربة قوية في نظر المستثمرين والعملاء، مما أثار تساؤلات حول احتمالية تلقي الشركة، التي تبلغ قيمتها 59 مليار دولار، لعرض استحواذ.

وتعاني الشركة، التي تعد أكبر شركة متداولة في البورصة لإدارة صناديق التحوط في العالم، من تراجع شديد في أسعار أسهمها وضعف أدائها السوقي. وقد أعلنت الشركة يوم الثلاثاء الماضي مزيدا من الأنباء السيئة، حيث سحب عملاؤها أكثر من مليار دولار من استثماراتهم بها خلال الربع الأول من العام الحالي.

ومع استمرار التوسع والنمو اللذين يشهدهما مجال صناديق التحوط، تجد شركة «مان غروب» صعوبة شديدة في مجاراة المنافسين. وحتى حينما تكون لدى الشركة أنباء جيدة، مثل الإعلان عن الدخول في شراكة جديدة مع «جامعة أكسفورد»، الأسبوع الماضي، فإن النظرة شديدة السلبية التي تجتاح السوق تجاه الشركة تلقي بظلالها على تلك النجاحات.

ونتيجة لهذا، فقد دخلت الشركة في دوامة تراجع الأصول، حيث أصبحت تدير حاليا أموالا أقل بكثير مما كانت تديره قبل الاندماج مع شركة «جي إل جي»، وهي شركة أخرى لصناديق التحوط تدير عدة مليارات من الدولارات، في عام 2010.

وقد قامت وكالة «موديز إنفستور سيرفس» مؤخرا بوضع شركة إدارة صناديق التحوط قيد المراقبة مع احتمال تخفيض تصنيفها الائتماني، كما أصدر محللون في شركة «إنفستيك للأوراق المالية»، الثلاثاء الماضي، تقريرا بحثيا عن الشركة المتعثرة يحمل عنوانا غريبا هو: «أين ذهب الحب؟». ويعتبر ضعف الأداء من أكبر أسباب الأزمة التي تمر بها الشركة، حيث فقد أكبر منتجات الشركة، وهو صندوق «إيه إتش إل» الذي يقوم على استراتيجية متميزة في التعامل بالكامل عن طريق الكومبيوتر، ما يقرب من 6 في المائة خلال العام الماضي، كما تراجع هذا العام نحو 2 في المائة حتى الآن، وما زال في المتوسط أقل بنسبة نحو 14 في المائة من المستوى الذي يتعين عليه الوصول إليه قبل أن يكون بمقدوره تحصيل مصاريف الأداء الباهظة.

وفي المقابل، حققت شركة «جي إل جي» نتائج أفضل بكثير في عام 2012، وإن كانت هذه النتائج لا تكفي لتعويض خسائر شركة «مان غروب»، التي تراجعت أصولها منذ الاندماج مع شركة «جي إل جي» تراجعا كبيرا لتصل إلى مستويات أقل مما كانت عليه قبل الاندماج. ففي أوائل عام 2007، قبل ضم أصول شركة «جي إل جي» البالغ قيمتها نحو 24 مليار دولار، كانت الشركة تمتلك بمفردها ما يزيد على 70 مليار دولار.وما يميز شركة «مان غروب» هو أنها شركة مساهمة، وهي ظاهرة نادرة نسبيا في قطاع صناديق التحوط؛ ففي حين أن معظم شركات إدارة صناديق التحوط لا تتعرض للمحاسبة إلا من قبل عملائها فحسب، فإن شركة «مان غروب» يتعين عليها أن تخضع للمساءلة من جانب المساهمين أيضا. وعلاوة على ذلك، فإن عدم الرضا عن حال الشركة ينعكس سلبيا على أسعار أسهمها، مما يجعلها عرضة لخسائر على المدى القريب.

وقد هبط سعر سهم «مان غروب» يوم الثلاثاء الماضي بأكثر من 5 في المائة ليصل إلى ما دون جنيه إسترليني واحد، مما أدى إلى تراجع إجمالي القيمة السوقية لأسهم الشركة إلى 1.8 مليار جنيه إسترليني (2.9 مليار دولار). وفي العام الماضي، كان سهم شركة «مان غروب»، التي تعتبر أحد الرعاة الرسميين لـ«جائزة بوكر الأدبية» العالمية، هو أضعف الأسهم أداء في مؤشر «فوتسي 100»، كما وصل الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له خلال 11 عاما، مما أثار تكهنات باحتمال أن تصبح الشركة هدفا لعملية استحواذ من قبل مشترٍ يتطلع إلى الحصول على شركة إدارة أصول بثمن رخيص.

وقد حاول الرئيس التنفيذي للشركة، بيتر كلارك، أن ينفي هذه التكهنات الثلاثاء الماضي، حيث أخبر المراسلين في مؤتمر صحافي عبر الهاتف: «لا نشعر بأننا نحتاج إلى وصي كي نحقق أهدافنا الاستراتيجية».

وقد تعرض كلارك، الذي وصل أجره إلى 7 ملايين دولار هذا العام، لانتقادات حادة وجهت إليه أثناء اجتماع الجمعية العمومية الذي عقد يوم الثلاثاء الماضي، حيث عبر المستثمرون الغاضبون عن شعورهم بالإحباط وخيبة الأمل في الشركة وفي كلارك. وبحسب مصدر حضر الاجتماع، فقد وجه أحد المستثمرين سؤالا شديد اللهجة إلى كلارك: «هل يبدو لك أن هذا العام يستحق فعلا 7 ملايين دولار؟». وتدق المشكلات التي تواجهها شركة «مان غروب» ناقوس الخطر لغيرها من الشركات الزميلة في نفس المجال، كما توجد شركات أخرى لإدارة صناديق التحوط عانت أيضا بعد طرح أسهمها في البورصة، ومن بينها شركتا «أوتش زيف لإدارة رؤوس الأموال» و«مجموعة فورترس للاستثمار»، حيث يتداول سهم «أوتش زيف» حاليا بأقل من ثلث سعره في الطرح العام الأولي، بينما أغلق سهم «فورترس»، الذي كان يتداول في أوائل عام 2007 بنحو 31 دولار للسهم، الثلاثاء الماضي على سعر 3.73 دولار.

ويقول ستيفين براون، الأستاذ بكلية «سترين» للأعمال في «جامعة نيويورك»: «في الكيانات المتداولة في البورصة، يبدو حقا أن الناس يبحثون عن الأداء على المدى القريب. لقد أبدى السوق بوضوح شديد استهجانه لما يحدث في (مان غروب)».

وعلاوة على الأصول، فقد تراجعت إيرادات وأرباح شركة «مان غروب» تراجعا حادا منذ عام 2008، حين سجلت الشركة إيرادات تتراوح حول 3.2 مليار دولار وصافي دخل يقارب 1.7 مليار دولار. أما في عام 2011، فقد تدهورت الإيرادات والأرباح لتصل إلى 1.6 مليار دولار و211 مليون دولار على الترتيب.

وفي محاولة لإيقاف ذلك الانهيار المتواصل، لجأت شركة «مان غروب» إلى التركيز على جذب أموال جديدة. ويمثل فريق التسويق بها قوة ضاربة في عالم مبيعات صناديق التحوط، وهو يعمل حاليا على تعزيز مكانة الشركة في الولايات المتحدة، التي كان اهتمام الشركة باجتذاب الأصول بها ضعيفا في الماضي. وعلى الرغم من النتائج السيئة التي تحققها الشركة، فقد تمكنت من اجتذاب رؤوس أموال جديدة تربو على 3.1 مليار دولار خلال الربع الأول (وإن كان المستثمرون في المقابل قد سحبوا 4.1 مليار دولار من استثماراتهم بالشركة).

وبالنسبة لصندوق «إيه إتش إل»، تحصل شركة «مان غروب» على ما يصل إلى 3 في المائة مصاريف إدارة و20 في المائة مصاريف أداء، وهو أعلى من المصاريف المعتادة في ذلك المجال وهي 2 في المائة مصاريف و20 في المائة للأداء.

وعلى العكس، فقد شهدت شركة «وينتون لإدارة رؤوس الأموال»، وهي شركة أخرى تعتمد في معاملاتها على الكومبيوتر، ازدهارا كبيرا، حيث تضخمت أصول الشركة، التي أسسها أحد مهندسي صندوق «إيه إتش إل» الأصليين، وهو ديفيد هاردنغ، لتصل إلى نحو 30 مليار دولار. وتحصل الشركة على مصاريف إدارة تبلغ 1 في المائة ومصاريف أداء تقترب من 20 في المائة.

وإذا كانت هناك بارقة ضوء وسط ظلام هذا العام الكارثي بالنسبة لشركة «مان غروب»، فهي أن معظم المحللين الماليين يمنحون سهم الشركة حاليا تصنيف «شراء»، حيث توجد لديهم قناعة بأن الشركة تساوي أكثر مما يعكسه سعر السهم. ومن الممكن كذلك أن تكون منتجات الشركة وقنوات توزيعها التي تستهدف عملاء التجزئة، وخاصة في آسيا، عاملا رئيسيا يغري أي مشترٍ بوضع الشركة نصب عينيه.

وطبقا لملحوظة ذكرها أحد محللي شركة «يو بي إس»، يدعى أرنود غبلات، الأسبوع الماضي (وهي ملحوظة أدت إلى انتشار الحديث عن احتمال تلقي الشركة لعرض شراء): «لقد ثبت أن تحقيق مثل هذا الانكشاف بصورة أساسية هو أمر صعب ومكلف للغاية بالنسبة لمعظم شركات إدارة الأصول».

* خدمة «نيويورك تايمز»