توقعات بتراجع أسعار خدمات الاتصالات بالسعودية عقب دخول القطاع في موجة تنافس جديدة

وسط توقعات بانخفاض مستويات أسعار الخدمات خلال الفترة المقبلة

هيئة الاتصالات سمحت للشركات بتقديم العروض دون موافقة مسبقة أو شروط تعقيدية («الشرق الأوسط»)
TT

دخل قطاع الاتصالات السعودية خلال الأشهر الثلاثة الماضية في موجة تنافس شديدة بين الشركات الثلاث المشغلة لخدمات الهاتف المتنقل، وهي كل من شركة الاتصالات السعودية «إس تي سي»، وشركة «موبايلي»، وشركة «زين السعودية»، إلا أن مشتركي هذه الشركات في البلاد يعدون «الرابح الأكبر» من هذه الموجة التي من المتوقع أن تقود إلى انخفاض في أسعار الخدمات المقدمة.

وتأتي هذه المستجدات في قطاع الاتصالات السعودية، في الوقت الذي علمت فيه «الشرق الأوسط» أمس، عن استمرار هيئة الاتصالات في البلاد في نهجها الجديد المتضمن فتح العروض لخدمات الاتصالات المحلية أمام الشركات، دون أن تكون هناك موافقة مسبقة أو شروط تعقيدية.

وبحسب مصدر مسؤول في إحدى شركات الاتصالات السعودية طلب عدم الإفصاح عن اسمه، فإن قطاع الاتصالات في البلاد يعيش مرحلة «تنافس» محمود خلال هذه الفترة، رافضا القبول بفكرة أن تكون هناك حرب أسعار بسبب عروض الشركات الجديدة التي تقدمها لمشتركيها على خدماتها، كخدمة «البلاك بيري» منخفض السعر، و«دقائق الاتصال المجانية».

من جهة أخرى، قال الدكتور وليد خليل، المتخصص في قطاع الاتصالات لـ«الشرق الأوسط» أمس: «ما يحدث في قطاع الاتصالات السعودية خلال الفترة الحالية من تنافس شديد وشرس على تقديم العروض، هو أمر إيجابي ويعود بالفائدة على المشتركين»، مبينا أن ارتفاع مستوى العروض يقلل من الأسعار ويرفع مستوى الجودة.

إلا أن خليل اعتبر ما يحدث حاليا في قطاع الاتصالات هو أشبه بموجة «حرب الأسعار»، التي من الممكن أن تؤثر على بعض الشركات المشغلة، إلا أنه استدرك قائلا «المشترك يريد خدمة أفضل بسعر أقل، لذلك هو الرابح الأكبر من التنافس الحالي في قطاع الاتصالات السعودية».

وأوضح خليل أن قطاع الاتصالات السعودية يحتاج إلى عامين من الآن حتى يصل إلى مرحلة متقدمة من الاستقرار فيما يخص مستوى الجودة ومستويات الأسعار، مشيرا إلى أنه خلال الوقت الحالي تشهد سوق الاتصالات في البلاد تغيرات كبرى على مستوى التشريعات من قبل «هيئة الاتصالات» والخدمات المقدمة من قبل الشركات.

ولفت خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ارتفاع مستوى التنافس في تقديم العروض أمام المشتركين في شركات الاتصالات المشغلة لخدمات الهاتف المتنقل في السعودية، يدل على وجود بيئة صحية وسليمة تدعو الشركات إلى «التنافس المحمود».

وتوقع أن تتراجع أسعار خدمات الاتصالات في البلاد خلال الفترة المقبلة، وقال «الأسعار ما زالت مهيأة للانخفاض بشكل أكبر، خصوصا في خدمات الإنترنت، وارتفاع مستوى التنافس هو من يقود إلى ذلك بطبيعة الحال».

وأشار خليل إلى أن قطاع الاتصالات السعودية لم يصل حتى الآن إلى درجة الكمال، مبينا أنه ما زال قابلا للتطوير والتعديل، مضيفا في هذا الجانب «أتمنى أن تستمر هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، في نهجها الجديد المتعلق بدعم قطاع الاتصالات، وفتح المجال بشكل أكبر أمام الشركات لتقديم عروضها».

من جهة أخرى، أكد فهد المشاري، الخبير الاقتصادي، أن شركات الاتصالات المشغلة لخدمات الهاتف الجوال في السعودية، نجحت خلال الربع الأول من هذا العام في زيادة مستوى إيراداتها وأرباحها الإجمالية.

وعزا المشاري هذا التحسن إلى ارتفاع مستوى العروض المقدمة أمام المشتركين، مضيفا «عندما يجد المشترك أسعارا مناسبة، فإنه سيشجع بشكل أكبر في عملية استخدام خدمات الشركات المقدمة له، كما أن انتشار الأجهزة الذكية بين السعوديين ساعد بشكل كبير في تحقيق هذه الشركات لإيرادات عالية خلال الربع الأول من العام الحالي».

الجدير بالذكر أن ثلاث شركات مشغلة للهواتف النقالة تقدم خدماتها في السوق السعودية خلال هذه الفترة، وهي كل من شركة الاتصالات السعودية «إس تي سي»، وشركة «موبايلي»، وشركة «زين السعودية»، بينما تعتبر هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات هي الجهة المشرعة لهذه الشركات.

وكانت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات قد أكدت في وقت سابق سعيها نحو تشجيع الشركات على التنافس، وقال المهندس عبد الله الضراب، محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات لـ«الشرق الأوسط»: «هيئة الاتصالات اتخذت قرارها بالسماح للشركات بتقديم العروض الترويجية للمكالمات الداخلية دون أن تشترط موافقتها».

وكانت «الأهلي كابيتال» قد توقعت في تقرير صادر خلال الربع الأول من هذا العام، أن يرتفع إجمالي الإيرادات للشركات الثلاث المشغلة لخدمات الهاتف الجوال في السعودية بنسبة 9.2 في المائة على أساس سنوي إلى 90 مليارا في 2012 مدعومة بتزايد مشتركي النطاق العريض ونمو قطاع الشركات السعودية وارتفاع مبيعات الأجهزة في «موبايلي».

كما تعتقد «الأهلي كابيتال» أن شركة الاتصالات السعودية ستستمر بالنمو المحلي القوي، حيث تسوق لمنتجاتها من خلال الباقات الترويجية، ومع استمرار نمو خدمات البيانات والنطاق العريض في السعودية فستستمر «موبايلي» بالاستفادة من ضخامة شبكتها. كما توقعت «الأهلي كابيتال» أن تستمر شركة «زين» باتباع السياسات السعرية المنافسة مما سيؤدي إلى استمرار الضغط على متوسط الإيرادات لكل مستخدم للقطاع ككل في 2012، وقد تم تعويض هذا جزئيا عن طريق تحول المشتركين إلى الباقات المفوترة، بالإضافة إلى تنمية قطاع البيانات.