ارتفاع أسعار الذهب يدعم عمليات البيع الفردية في السعودية

في ظل استمرار العزوف عن الشراء وانتظار هبوط الأسعار

سجلت حالات البيع من الأفراد نموا كبيرا في السعودية نظرا لارتفاع سعره وركود الأسواق خلال الفترة الحالية (تصوير: خالد الخميس)
TT

لم يشفع الانخفاض الطفيف الذي طرأ على أسعار الذهب العالمية في إنقاذ مبيعاته الفردية في السعودية، التي تشهد هبوطا كبيرا منذ أكثر من عامين وهي المدة الفعلية التي تصاعدت فيه وتيرة أسعار الذهب إلى مستويات قياسية.

ورافق هذا التوجه، بحسب متعاملين، عزوف البعض عن الشراء، مما أعاق وبشكل كبير أداء محال الذهب التي أصبحت شبه خاوية من زبائنها، الذين ينتظرون هبوطا حقيقيا في أسعارها يمكنهم من الشراء من جديد. وفي اتجاه معاكس كشف عدد من أصحاب محلات الذهب أن هناك موجة مبيعات كبيرة فردية، استغلت ارتفاع أسعار الذهب الحالية وبدأت في تصريف الكميات البسيطة التي يمتلكونها، انعكست على أثرها الحالة العامة في السوق الذي كان يعتمد على البيع في أغلب عملياته اليومية، إلا أن الشراء الآن أصبح هو المسيطر على غالب العمليات التي تجريها تلك المحلات التي تنتظر ساعة انخفاض الأسعار لجني أرباح أكبر طال انتظارها منذ أن تقلبت الأسعار بشكل مفاجئ خلال الفترة الماضية.

وأكد سعيد باكرمان المستثمر في قطاع الذهب، أن هناك عزوفا جليا لمسوه من خلال النقص الواضح في مبيعاتهم، نتيجة ثبات الأسعار على ارتفاعها منذ فترة طويلة قاربت العامين، لافتا بأنها أثرت وبشكل كبير على مكاسبهم التي تضاءلت إلى مستويات كبيرة نتيجة هذا الارتفاع، لافتا بأن سوق الذهب من أكثر الأسواق حساسية في العالم نتيجة ارتباطها بعوامل خارجية تؤثر على الحركة العامة في القطاع ككل.

وأضاف: «على الرغم من أن الحالة الاقتصادية في السعودية بشكل عام تسير إلى الرخاء، فإن أزمات العالم أثرت وبشكل واضح على فرض الأسعار، فكلما خرجت أزمة اقتصادية في أي دولة يتضح ارتفاع مؤشر أسعار الذهب العالمية، مما ينعكس سلبا على مبيعاتنا في نهاية المطاف»، موضحا أن الوضع لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه.

وكان متعاملون قد رجحوا العام الماضي أن تشهد سوق الذهب خلال عام 2012 انخفاضات اضطرارية في الأسعار، نتيجة وصوله إلى أسعار مرتفعة خارج نطاق المألوف، أو معطيات العرض والطلب، إلا أن الدلالات الفعلية أثبتت أن الأسعار لا تزال مستعرة، وتسير إلى التذبذب في مكانها أو الارتفاع بمستويات ملحوظة.

وفي الاتجاه نفسه، أوضح محمد الجرفين المستثمر في قطاع الذهب، أنهم لا يجنون الخسائر، بل قلة في الأرباح، لأنهم لا يبيعون إلا بعد استخراج الفائدة، إلا أن الاستمرار في ضعف المبيعات له انعكاسات سلبية على المدى الطويل، مبينا أنهم جزء من منظومة دولية، وأن أسعار الذهب محددة على مستوى العالم، مما يجعل الأمر أكثر تعقيدا، خصوصا في غياب قلة المواسم التي يبيعون فيها هذه الأيام، وأن مبيعات الذهب تعتمد وبشكل أساسي على المواسم والإجازات.

وحول الأسعار الحالية للذهب، بيّن أن سعر الأوقية ذات العيار 10 وصل إلى 21.31 دولار، أما العيار 14 فقد تجاوز ما يقارب 29.80 دولار، أما العيار 18 فقد حقق 38.34 دولار، وبالنسبة للعيار 21 فقد لامس 44.72 دولار للأوقية، في حين أن العيار 22 وصل سعره لـ46.87 دولار، أما العيار 24 فقد حقق 51.11 دولار للأوقية، مما يعني أن الأسعار تسير إلى ازدياد، بعكس سير بعض الاقتصادات العالمية، التي تعتبر الذهب الخيار الآمن للحفاظ على الاستثمارات باعتباره لغة اقتصادية عالمية.

وكانت أسعار الذهب قد شهدت تذبذبات واضحة خلال العامين الماضيين، تركزت وتيرتها على الارتفاع، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يشهدها العالم بشكل عام، كما أن لارتفاعات أسعار النفط أثرا واضحا على الصعود بالمؤشر إلى الارتفاع، كما شكلت الاضطرابات، التي تشهدها منطقة اليورو، ضغطا إضافيا على تنامي الطلب على الذهب، باعتباره الخيار الآمن والرقم الصعب في أحلك الأزمات الاقتصادية، التي تعصف ببعض الاقتصادات العالمية في الوقت الراهن.

وفي الاتجاه المعاكس، بيّن سعيد جياش مدير أحد محلات الذهب، أن هناك إقبالا كبيرا على بيع المصوغات الذهبية من قبل الأفراد، للاستفادة القصوى من الأسعار الحالية للذهب، حيث تشهد السوق عمليات بيع مرتفعة مقارنة بالشراء، نتيجة الارتفاع الذي حول رياح الأرباح من استخراج فائدة البيع، إلى استخراج فائدة الشراء، لافتا إلى أن الأطقم الكبيرة والقديمة هي الأكثر عرضة للبيع عن غيرها من الأطقم، وأن عملية المبيعات المرتفعة تكشف وجها آخر للارتفاع الحاصل في السوق. ويضيف جياش، بأن السوق تجني الآن فوائد الشراء أكثر من فوائد البيع، لتعويض النقص الموجود في المبيعات التي انخفضت إلى مستويات كبيرة، أثرت على نسبة أرباحهم، مفصحا بأن سوق الذهب تختلف كليا عن الأسواق الأخرى، بحيث يستخرجون الفائدة من البيع أو الشراء، وهو الأمر الذي ساعدهم بشكل كبير في تحريك الخزينة، موضحا بأن لعمليات الشراء الأثر الأكبر على الأرباح، إلا أن الشراء يصب أيضا في مصلحة محال الذهب التي تعيش أياما عصيبة، تضررت في المقام الأول من الارتفاع المفروض في السوق.

يشار إلى أن السعودية تحتل المركز الرابع على مستوى العالم في استهلاك الذهب، والأول على المستوى العربي، مما مكنها من تزعم العالم في مجال صناعة الذهب، وساهم وبشكل قوي استقرارها الاقتصادي والأمني، على جذب المهتمين بهذا المعدن الثمين، للاستثمار فيه.