رئيس لجنة الأوراق المالية بغرفة جدة: سوق الأسهم السعودية تؤسس قاعدة سعرية جديدة

محمد النفيعي لـ «الشرق الأوسط»: المضاربون عجزوا عن مجاراة السيولة

محمد النفيعي
TT

يصنف خبراء اقتصاديون سوق الأسهم السعودية على أنها من أكثر الأسواق تعقيدا من حيث استجابتها للمؤشرات الاقتصادية، ففي الوقت الذي تتأثر فيه الأسواق العالمية هبوطا مع توارد الأحداث الاقتصادية والسياسية يكتسي مؤشر الأولى باللون الأخضر ليطرح هذا التساؤل أمام عباقرة التحليل الفني لمسارات الأسواق المالية في حين يخفض المؤشر على الرغم من الأخبار الإيجابية عن الوضع الاقتصادي.

وتواجه سوق الأسهم السعودية تحديات ظهرت على الساحة في الآونة الأخيرة تتعلق بسيطرة الأفراد على تعاملات السوق لتصل إلى أكثر من 90 في المائة، مقابل الإحجام عن الخبرات الاستثمارية الأخرى التي تقدم في شكل مؤسسي مثل الصناديق الاستثمارية التي تدار من قبل شركات الوساطة.

محمد النفيعي، رئيس لجنة الأوراق المالية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة (غرب السعودية) كشف لـ«الشرق الأوسط» عن أن سوق الأسهم السعودية تمر بمرحلة توفيق الأوضاع للمضاربين بعد اشتداد لغة المضاربة مما أفقد المضاربين القدرة على دعم كافة الشركات بالسيولة الكافية.

وقال النفيعي إن إنشاء السوق الثانوية مطلب أساسي لتقنين المضاربات والحد من سلبيتها ودفع المتعاملين إلى الضغط على إدارات الشركات لتحسين الأداء بما يخدم السوق على المديين المتوسط والطويل.

* ما رأيك في سوق الأسهم السعودية وإلى أين تتجه مستقبلا؟

- سوق الأسهم حاليا تشهد مرحلة أشبه بما يسمى توفيق الأوضاع للمضاربين، فقد شهدت السوق صعودا سريعا في فترة وجيزة في الربع الأول من العام الحالي، واشتدت لغة المضاربات ومع زيادة أحجام وقيمة التداول زاد عدد الشركات تحت مظلة المضاربة والاستثمار مما أفقد المضاربين القدرة على دعم كافة الشركات بالسيولة المتاحة، فظهر نظام مضاربي قائم على السيولة التبادلية بين الشركات والقطاعات، وهي في الغالب تكون مقدمة للتراجع، وأعتقد أن السوق تؤسس قاعدة سعرية كان من المفترض تأسيسها في مرحلة الصعود في الربع الأول لتسجيل مستويات جيدة مستقبلا وتحديد المستويات الجديدة للسوق لا يبنى فقط على حالة المضاربات في السوق المحلية، ولكن يؤخذ في الاعتبار التغيرات الإقليمية وتذبذب أسعار النفط والأوضاع الاقتصادية العالمية.

* لا تزال السوق السعودية سوق أفراد.. ما الأسباب برأيك وما الحلول المقترحة؟

- سوق الأسهم السعودية يغلب عليها طابع الأفراد، وقد أصبح هذا الأمر واضحا للكثير من المراقبين من خلال تعاملات السوق، وذلك نتيجة لاستمرار التأثير النفسي السلبي للكثير من المتداولين عن أداء الصناديق الاستثمارية في المراحل السابقة مع الرغبة في تحقيق أعلى مكتسبات من السوق حسب درجة المخاطرة، وهي طبيعة يصعب للكثير من الأفراد التخلص منها في الوقت الحالي، ومن المؤمل أن تتحول الأسهم إلى سوق مؤسسات تسهم في إدارة الثروة بشكل مدروس وموثوق وتدار من خلال أشخاص يملكون الخبرة الكافية للتعامل مع تأثيرات السوق مما يحقق عائدات استثمارية جيدة للمتعاملين.

* يذكر الخبراء في سوق المال أن سوق السعودية تسير دائما عكس التوقعات فعلى سبيل المثال تجد السوق ترتفع في ظل مؤشرات اقتصادية تشير إلى الهبوط؟

- السوق عادة تتفاعل مع المؤشرات الاقتصادية بحساسية أكبر عند انخفاض مستويات السيولة المضاربية في السوق لأنه مع ارتفاع مستويات السيولة يتجاهل المضاربون المتغيرات الاقتصادية مؤقتا لدفع عجلة المضاربات ولكن مع انخفاضها تتقلب السوق حسب المتغيرات الاقتصادية. إلا أنه في الواقع يجب أن تسير السوق في إطار العرف الاقتصادي مثل بقية الأسواق التي تتأثر بشكل مباشر بما يدور حولها من احدث إيجابية أو سلبية.

* كيف ترى الاستثمار في الصناديق وما القطاعات الأفضل في هذا النوع من الاستثمار؟

- الاستثمار في الصناديق يوفر قدرا أكبر من الحماية للسوق وسط الخبرات الموجودة فيها ولكن الكثير من المتداولين يتأثرون بالجانب الإعلامي السلبي عن طريق المواقع الإلكترونية والتعليقات عن أداء خيالي لعدد من المحافظ غير الرسمية فيلجأ الكثير منهم للاستثمار المباشر رغبة في تحقيق المكاسب السريعة وهي من أهم السلبيات التي لم يتخلص منها الأفراد في السعودية منذ الأزمة المالية وتداعياتها على السوق المحلية.

* هل تؤيد إنشاء سوق ثانوية وما المزايا المتوقعة حال تطبيقها؟

- السوق الثانوية مطلب أساسي لتقنين المضاربات والحد من سلبيتها ودفع المتعاملين إلى الضغط على إدارات الشركات لتحسين الأداء بما يخدم السوق على المديين المتوسط والطويل.

* كيف ترى قرارات هيئة سوق المال في الفترة الأخيرة خاصة فيما يتعلق بشركة المتكاملة؟

- قرار الهيئة بغض النظر عن الجهات المسؤولة عما حدث للشركة وتأخر المساءلة إلا أنه مهم لإرسال رسالة إلى كافة الشركات بالالتزام بالنظم لحماية أموال المستثمرين وحماية السوق بشكل عام.

* يكثر الحديث عن صانع السوق في سوق الأسهم السعودية هل هذا يعني عدم وجوده فعليا؟ وكيف يمكن أن يتم ذلك؟

- من الملاحظ وجود صانع للسوق حاليا يهتم فقط بدعم مؤشر السوق عن طريق دعم بعض الشركات القيادية الأكثر تأثيرا على المؤشر ولكن هذه الرؤية رغم أهميتها تفتقر إلى عوامل أخرى أهم وهي دعم نسبي لعدد من القطاعات الاستثمارية الجيدة بغض النظر عن تأثيرها في المؤشر لتحقيق توجيه جيد للاستثمارات المفيدة لنمو السوق وتقليل المضاربة العشوائية.

* سبق وأن قدمت لجنة الأوراق المالية التي ترأسها اقتراحا لإنشاء لجنة خاصة لإدارة الأزمة في السوق إلى أين وصلتم في ذلك؟

- السوق تشهد حاليا عدة لجان تابعة للغرف التجارية وبيوت خبرة في مجال الأوراق المالية وكلها تقدم توصيات غير ملزمة لذلك فتكوين لجنة مكونه من مسؤولين في مجال الاقتصاد والسوق المالية مع رجال أعمال ومهنيين يكون لها قرارات ملزمة لتطوير السوق سيكون له اثر إيجابي في سرعة اتخاذ القرار المناسب وتحقيق التواصل السريع وأعتقد أن هيئة السوق المالية تستمع لكل اقتراح أو مشروع قرار يساهم في تحسين أداء السوق وهي تتفهم دائما الحاجة التي التطوير والتحديث في الأنظمة وهذه اللجان تتكامل مع الهيئة في طرح الكثير من الأفكار والرؤى وتطبق الأفضل والأصلح منها.

* ما مدى تأثير المحللين الماليين في الأسهم على قناعات المتداولين وما جدوى تقنين وتنظيم عمل المحللين والخبراء في السوق؟

- يرتبط المتداولون في السوق بقناعات متفاوتة حسب التجارب السابقة لهم مع المحللين وقد انخفضت معدلات الثقة في عوامل الارتباط نتيجة لموجة التوصيات خلال السنوات الماضية التي شهد بعضها توجيها للدخول والخروج حسب قناعات خاصة مما استوجب تقنين هذه القناعات لزيادة الثقة التعامل مع محللي السوق الرسميين.

* ما أسباب ضعف سوق السندات والصكوك لدينا؟ وما توقعاتك تجاه هذه السوق في المستقبل؟

- إن الثقافة الاقتصادية الحالية ما زالت محصورة بين الاستثمار في الأسهم والعقار بالإضافة إلى وجود قناعات لدى بعض الأشخاص بالتحفظ في الاستثمار في السندات مما يصعب اعتبار هذه الأدوات وسيلة محببة للمتداول البسيط ولكن عادة هذا النوع من النشاط يبرز وينشط بشكل استثماري مع حدوث تخوف عام من تراجع سوق الأسهم

* ما الفائدة المرجوة من قيام سوق للصكوك والسندات في السعودية؟ وما توقعاتك المستقبلية لهذه السوق؟

- إن إقامة سوق تداول للصكوك في السعودية سوف تعمل على تحسين آفاق الصكوك وستخلق عامل جذب كبيرا وبخاصة للمستثمرين سواء من الخارج أو من السعوديين أنفسهم وقد لاحظنا عملية طرح سندات مشروع مطار الملك عبد العزيز الدولي الذي تمت تغطية كامل في وقت قصير جدا مدعوما بضمان وزارة المالية السعودية وهذه الخطوة بكل تأكيد سوف تعزز نمو هذه السوق خاصة في ظل حزمة من المبادرات التشريعية والتنظيمية التي تعمل عليها بعض دول المنطقة مما يساعد على انتشار إصدارات الصكوك وتعديل البيئة القانونية بما يخلق جوا من الشفافية يسمح بتدفق المعلومات بسلاسة وسرعة أكبر.

* ماذا قدمت لجنة الأوراق المالية من أعمال تساهم في توعية المستثمرين في سوق الأسهم؟

- كافة اللجان المعنية بالأوراق المالية في الغرف السعودية تحرص على تطوير وتنمية ثقافة المستثمرين وحماية استثماراتهم وذلك من خلال تنظيم اللقاءات التي تستضيف الاقتصاديين والخبراء في سوق المال ويقدمون كل ما لديهم من الإرشاد والنصح كذلك عملت اللجنة على دعوة رؤساء الشركات المساهمة، ورئيس هيئة سوق المال، ويتم خلال تلك اللقاءات بحث كافة المعوقات ووضع الحلول والسعي إلى تطبيقها.